2013/05/29
ماهر منصور – السفير
تعثر تصوير مسلسلي «العشق الإلهي» و«ثنائيات الكرز»، لأسباب تتعلّق بالأزمة السوريّة، وتداعياتها على الأرض. وهذا ما يُعيد طرح أسئلة كثيرة، حول مصير الدراما السورية خلال الموسم 2013، وذلك لناحية كم الإنتاج ونوعه وتنوّعه على صعيد الشكل والمضمون. فالحدث اليومي، وارتفاع حدة المواجهات المسلحة، من شأنه أن يقلص الإمكانيات المتاحة أمام صناع الدراما لهذا العام، خصوصاً لناحية توفّر أماكن التصوير الآمنة.
عملياً خسر صناع الدراما التاريخية السورية كل الأماكن الطبيعية المتاحة لهم في التصوير الخارجي والداخلي، وهم الذين لطالما اعتمدوا على القلاع الأثرية الموجودة على امتداد الأرض السورية في تصوير معظم أحداث مسلسلاتهم التاريخية. ومن القلاع اليوم، ما بات من المستحيل التصوير فيها، مثل قلعة الحصن وقلعة حلب.. كما صار من الصعب التصوير في مدينة تدمر، أو حتى الوصول إليها. لتبقى قلعة دمشق هي المكان الوحيد المرجّح لاحتضان تصوير تلك الأعمال. ويترافق ذلك مع تراجع إمكانية تصوير المعارك الكبرى داخل سوريا. وهي مسلسلات تحتاج عملياً، لمناطق شاسعة خارج المدينة، هي غير متوفرة اليوم. في حين تبدو استوديوهات التصوير الداخلي المتاحة ضمن مدن التصوير التلفزيوني والسينمائي محدودة الإمكانيات. وهذا ما يرجّح البحث عن أماكن تصوير بديلة، إن تمّ إدراج عمل تاريخي في خطة إنتاج 2013. ومن تلك الأماكن المغرب الذي احتضن سابقاً تصوير أكثر من مسلسل تاريخي سوري.
مشكلة التصوير الخارجي ستتعقّد أكثر، في حالة الدراما الاجتماعيّة السوريّة. فإلى وقت قريب كان من الممكن على المرء أن يتوقع مشاهدة فريق عمل تلفزيوني في أي بقعة من سوريا. ولا نبالغ بالقول إنّ فرق تصوير بعض المسلسلات، كانت تقطع مئات الكيلومترات، بحثاً عن المكان الحقيقي لحكايتها، ولو كانت المشاهد التي تدور فيه محدودة. لكن هذا كله تقلص اليوم، ليقتصر على مدن معيّنة، منها طرطوس والسويداء، والتي لا يخلو العمل فيها من خطر، خصوصاً لناحية الوصول إليها. وبالتالي يبدو حصر التصوير في دمشق الحل الأكثر وضوحاً حتى الآن، لكنّه حلّ مقيد بكل الأحوال. فالانكفاء في العاصمة السورية لا يعني سهولة تنقّل الكاميرا، خصوصاً مع وجود الحواجز الأمنية والتفجيرات الانتحارية التي باتت تستهدف مناطق عديدة من المدينة. الأمر الذي يضيق دائرة خيارات شركات الإنتاج للنصوص الاجتماعية المتوافرة، والتي يمكن تصويرها ضمن شرط المكان المحدد.
محدودية حركة الكاميرا، من شأنها ربما أن تعيد إحياء أنواع درامية كادت تغيب عن الدراما السورية، مثل المسلسلات التي يتمّ تصويرها ضمن موقع تصوير واحد، أو ضمن عدد محدود من المواقع. وهذا ما يبدو أسهل في حالة الكوميديا السورية التي سبق وقدمت أعمالاً ضمن «لوكايشين» واحد، وتعتبر اليوم من أهم أعمال الدراما السوريّة وأشهرها، مثل مسلسل «عيلة خمس نجوم».
في المقابل، تحتاج الدراما الاجتماعية إلى نصوص محكمة ومعدّة مسبقاً لأماكن تصوير محدودة، كما هو الحال مع مسلسل «روزنامة» الذي بدأ المخرج الشاب وسيم السيد، بتصويره مؤخراً في موقع واحد، هو كلية الآداب في جامعة دمشق. يُعدّ المسلسل أول المسلسلات السورية الاجتماعية لموسم 2013، ويغوص في عوالم مجموعة من الطلبة الجامعيين الذين يمرّون خلال «روزنامة» الفصل الدراسي بأحداث ومواقف متنوّعة، تضعهم في مواجهة ذواتهم وبعضهم البعض. هكذا، «يظهر حرم كلية الآداب كمجتمع متكامل بأطياف وأنماط ومستويات متعدّدة أكثر من كونه مجرّد مكان للتحصيل العلمي»، بحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي للمسلسل.
في كلّ الحالات، يبدو أنّ محدودية أماكن التصوير وانكفاءها ضمن موقع واحد أو أكثر، ستصبّ لمصلحة دراما البيئة الشامية. فأماكن تصويرها متاحة ومتوفرة، وهي لا تتطلّب أكثر من نص وممثلين وهذا ما يرجح ارتفاع حصّة الدراما الشامية في الحصيلة النهائية لإنتاج الدراما السورية. وقد بدأ المخرج المثنى صبح بتصوير مسلسل «ياسمين عتيق»، وتداولت وسائل الإعلام معلومات عن تحضيرات لتصوير ثمانية أعمال أخرى.
إلا أن خريطة طريق منتجي الدراما السورية للعام 2013، وفق التصريحات النظرية لا التحضيرات العملية على الأرض، تبدو أبعد ما تكون عن الاحتمالات السابقة. فهي تعد بنحو 25 عملاً يتنوع بين الاجتماعي والكوميدي والبيئي والتاريخي. وهي حصيلة طموح، تقارب المعدل السنوي المعتاد للدراما السورية. لكنّ تنفيذها يتعلق بالأوضاع الأمنية على الأرض، والإمكانيات الإنتاجية الموضوعة لها... فالنوايا وحدها لا يمكن أن تصنع موسماً درامياً.