2013/05/29
فجر يعقوب – الحياة
مرة أخرى يعود المخرج السوري حاتم علي إلى مسلسل «عمر». ربما تشكل العودة نوعاً من درس لا يمكن استيفاءه بسهولة لجهة علاقة مسلسل من هذا النوع مع الرقابتين اللتين تعرض لهما.
حاتم علي يدرك أن استخلاص فيلم سينمائي - كما أعلن أخيراً - من مسلسل «عمر» لن يكون سهلاً. هنا ثمة تفضيل بين اللغتين، سيقوم بالدرجة الأولى على كل المشاهد التي حذفت من حياة الفاروق تلفزيونياً، ما يعني أننا سنقف أمام تصور جديد للعمل برمته، وهذا قد يعرضه لمزيد من عدم التفهم، وإن بدا أن الخطوة الأولى الكامنة في تجسيد الصحابة قد انطلقت ومرت بسلام، وهنا تكمن «ثورية» هذه الخطوة التي تعرضت لمحاولات احتواء وتفكيك.
لا نعرف ماذا يخبئ لنا المخرج السوري بخصوص المسائل التقنية المتعلقة بمسلسل، قد يعتبر الأضخم في تاريخ الدراما العربية لجهة الحشود والديكورات والأكسسوارات التي قد تزين عملاً تاريخياً ما، لكنها قد تثقل كاهله أحياناً، لجهة تعزيز المرويات السمعية فيها حين تعجز عن استنطاق الصورة نفسها، وهذا ما لم يحدث طوال فترة عرض هذا المسلسل بالتحديد.
المعلومات المتوافرة عن النسخة السينمائية تكاد تكون معدومة. لكن العملية الإبداعية تقودنا نحو معاينة إمكان الحديث عن الملجأ الذي تميل إليه الدراما حين تشعر بخطر الرقابة، ولا تجد سوى السينما منفذاً أخيراً أمامها، ما يعني أن المادة التلفزيونية وصلت في تحديها لها إلى الحد الأقصى، ولم تعد ممكنة المطالبة بما هو أعلى. ولهذا قد تنتقل في مرحلة تالية إلى سقف قد يسعفها ويوفر لها الملجأ الحصين، وقد ثبت أن السينما في بحثها عن المشاهد المختلف قد توفر مثل هذه الضمانة، حين يكون التنازل أقل كلفة كما هي الحال في العملية الإنتاجية التلفزيونية التي تستسلم بسهولة أمام فرضيات الرقابة، ودائماً بالاعتماد على طبيعة المشاهد غير المتطلب كما يوحي بعضهم، وحين يصبح هو ذريعتها أيضاً من حيث لا يدري.
حاتم علي يقول إنه لجأ إلى ما يشبه عمليات جراحية قاسية لدبلجة الأصوات، حتى تعود إلى طبيعتها، وتتواءم مع التقنيات السينمائية الحديثة. هذا أمر مستحسن في المبدأ، فقد بدا دوبلاج صوت الممثل الرئيس سامر إسماعيل الذي لعب دور عمر ناشزاً عن جوقة الممثلين الآخرين، وإن بدا أقل كلفة من دوبلاج صوت الممثل المغربي محمد مفتاح الذي لعب دور حمزة ابن عم الرسول. فلم يكن صوت الأول مدركاً حسياً كاملاً، باعتبار أنه غير معروف عند المشاهدين، بعكس مفتاح.
أياً تكن النتائج، فإنها تجربة تستحق التأمل، من زاوية إعادة مناقشة العلاقة مع رقابتين طاولتا المسلسل أثناء كتابته والتحضير له، إلى درجة دفعت حاتم علي الى اعلان خضوعه والمؤلف وليد سيف لها في شكل من الأشكال، ما لعب دوراً كبيراً في صناعة رقابة ثانية أثناء العرض أيضاً.