2013/05/29
زبيدة الإبراهيم – البعث
اللقاء مع الفنانة تولاي هارون ممتع ويصل إلى القلب دون استئذان، فأسلوبها البسيط يخفي في منعرجاته عمقاً وحكمة، أما عفويتها فتقودك إلى مساحات خاصة لن تظفر بها في لقاءات أخرى، وكانت البداية في هذا الحوار عن مشاركاتها هذا العام ..فأجابت الفنانة تولاي هارون:
أنا في هذا العام لم أشارك في أعمال كثيرة مع الأسف لكنني كنت سعيدة بالمشاركة بمسلسل " المصابيح الزرق "مع المخرج فهد ميري كما عُرض لي مسلسل الشبيهة، وهو من إنتاج العام الماضي، كذلك كانت لي مشاركة بسيطة في مسلسل "أيام الدراسة"، وسلسلة "أنت هنا" بلوحتين بالإضافة لفيلم "ويبقى الوطن" وأنا معتادة على المشاركة بأعمال أكثر، ولكن الظروف بشكل عام كانت السبب في قلة أعمالي هذا الموسم، وهي نتيجة طبيعية لانعكاسات الأزمة على الإنتاج هذا العام .
وعن شخصيتها في المصابيح الزرق تقول هارون: شخصيتي كان لها علاقة بالكادر الموجود حولها، حميمية مع الجميع ونادراً ما يحصل هذا الشيء في أعمالنا الدرامية، ولكن في المصابيح الزرق بالذات كان هناك تعاون رغم كل الظروف الصعبة التي صور بها العمل، وأجمل ما استمتعت به في شخصيتي كان وجود الفنان زهير رمضان الذي ساندني كثيراً لأن الشخصية تتمتع بصفات خاصة يجب العمل عليها سواء من ناحية الصوت أو الأداء الجسدي المرضي، وكنت إذا أفلتت مني أي تفصيلة يسارع الفنان زهير رمضان ليضبط إيقاعي، بالإضافة لتوجيهات المخرج فهد ميري، وهذه أول مرة أؤدي هذه الشخصية، وأعتبرها وساماً أن أجسد شخصية من شخصيات الأديب الكبير حنا مينة والحقيقة أنا سعيدة جداً أنني عملت مع المخرج فهد ميري في هذا العمل ..
أما في سلسلة "أنت هنا " فقد شاركت بلوحتين لكن كل لوحة بحجم مسلسل حيث طاقتي كلها يجب أن تكرس في مشهدين أو ثلاثة، وفي "أنت هنا " أديت شخصيتين مختلفتين عني تماماً، فالمطلوب من الفنان أن يعطي طاقته في هذه الأعمال، ولكن أنا أحب الأعمال المتصلة أكثر لأنني أدرس الشخصية أكثر وأنساب معها وأعطيها أكثر من تفكيري، لكن في اللوحات يعمل الممثل في شخصية لمدة يوم أو يومين، ومن ثم يدخل في مزاج شخصية مختلفة .
وعندما ذهب بنا الحديث إلى الكوميديا وبالذات هذا العام وسألنا هارون عن رأيها فيما قُدم أجابت:
لم أشاهد كل الأعمال لكن نحن بحاجة أن نهتم أكثر بالكوميديا، هناك تقصير وبعض الاستهتار بعقل المشاهد نحن بحاجة أن نرتقي أكثر بهذا الفن وأنا أحزن عندما أشاهد أعمالاً غير جيدة، وأتمنى أن نحترم عقل المشاهد لأنه سوف يحترمنا من خلال هذه الأعمال، وأتمنى من كتابنا أن يكتبوا كوميديا هادفة توصل الفكرة مع ضحكة ووعي، فهذه الأعمال تحسب على الدراما السورية فلماذا نستخف بها، وأنا هنا أتكلم كمشاهدة وأريد أن أعتذر من كل زملائي الفنانين والمشاركين، لكن أحياناً كثيرة تكون الكتابة والنص جيدين لكن المخرج لا يكون على قدر المسؤولية ويكون العمل فاشلاً هنا يضيع كل الجهد المبذول للكادر الفني عامة، فالكوميديا بشكل عام صعبة ولا يستطيع أي فنان أن يعمل فيها، وينجح بسهولة أنا تحديداً بعد «ضيعة ضايعة» أصبح لدي خوف أكبر من الأدوار الكوميدية..
أما بالنسبة لأيام الدراسة، فقد شاركت في الجزأين، وفي الجزء الثاني تطورت الشخصية كثيراً فبسبب الحادث الذي تتعرض له ابنتي أتحول من امرأة قوية لا يهمها أحد إلى امرأة مكسورة منهارة.. وقد أحببت كثيراً هذه الشخصية.
وأهم مشاركاتي فكانت عبر شخصية أم العساكر في فيلم "ويبقى الوطن" و أم العساكر إنسانة طيبة ونادرة الوجود، الضيعة كلها تحبها، وتحترمها، هذه الإنسانة ترفض أي شيء يسيء لبلدها وتقف في وجهه، وهي امرأة سبعينية الأمر الذي استدعى تكبيري بالماكياج، وقد أخذ هذا مني جهداً كبيراً، فهذه الشخصية كانت متعبة بكل معنى الكلمة بمكياجها وأدائها وحضورها وحالة الفوران التي تعيشها بحبها لوطنها، وهي في هذه اللحظة متعبة في داخلها لأن حب الوطن لا يعادله حب بالنسبة لها فهي تعيش صراعات وحالات وعوالم صعبة، وعائلتها تقدم شهداء كثيرين لكنها في النهاية بقيت قوية.. وأتمنى أن تشاهدوا الفيلم جميعاً وهو سيعرض قريباً إن شاء الله ..
وأسأل هارون عن السبب في ترشيحها الدائم لأدوار المرأة الطبية والبريئة الأمر الذي يوقعها في مطب الرتابة والنمطية فتجيب بابتسامة: ربما ملامح وجهي تلعب دوراً كبيراً في ترشيحي لهذه الأدوار، ولكن أنا في الحياة امرأة قوية أواجه الأمور بتحد، ويقال عني شرسة، ولكن وجهي ظلمني لأنه لا يساعدني كثيراً ، أنا من جيل الوسط ولكن ملامح وجهي قليل من يمتلكها من الفنانات أنا أتمنى أن أكبر لآخذ فرصاً أكبر لأن ملامحي توحي بأني صغيرة في العمر لكنني أستطيع أن أجسد دور المرأة بكل حالاتها، الشرسة والطيبة والمجنونة والخالة زوجة الأب، وأي حالة تتطلب الشخصية التي أحبها أن أؤديها.
وعما يشاع عن الوسط الفني من انحيازه للشللية وعدم التعاون مع بعضهم نرى الفنانة هارون إنسانة متعاونة ومحبة لكل زملائها وعن ذلك تحدثنا:
أنا بشكل عام أتمتع بشعبية سواء مع الممثلين أو المخرجين، ولكن يحز في نفسي أنه في هذا الوسط يُخلق لك أعداء وحساد بلا سبب فقط بسبب الغيرة وأنا لا علاقة لي بهذه الأمور، والقريب مني يعرف هذا الكلام، ولكن أريد أن أتحدث عن شيء ليصل للجهات المعنية أنا أحب زملائي كثيراً وعندما أسمع أن أحد زملائي لم يعمل خصوصاً إذا كان نقابياً أشعر بالضيق، وأقول لماذا هو نقابي إذاً فعلى النقابة أن تؤمن له فرصة عمل، ونحن نعاني من وجود الكثير من المخرجين والفنانين المعروفين في الوسط الفني ليسوا أعضاء في النقابة، فلماذا لا نمنحهم عضوية شرف ونرحب بهم وتحتضنهم النقابة ونعيش كلنا بحالة من الاطمئنان على حياتنا وعلى أسرنا، وهذا يدفعنا للعطاء أكثر.