2013/05/29

الدراما .. في مواجهة التطرف والإرهاب
الدراما .. في مواجهة التطرف والإرهاب


فادية مصارع - الثورة

الإرهاب .. مصطلح وفعل صدرتهما الولايات المتحدة الامريكية وحملت لواء الحرب ضدهما بعد أحداث الحادي عشر من ايلول 2001 و بذريعته باتت تحارب العرب و المسلمين خاصة في غير مكان الطريق من العالم، و كان المخرج الامريكي مايكل مور من أوائل من فضح دور السياسة الامريكية في التحريض على الارهاب واستثمار نتائجه في الهيمنة على العالم في فيلمه (فهرنهايت) ، ولم يحارب الامريكيون الارهاب على الارض فقط انما تصدوا له سينمائيا و درامياً فكان مسلسل (هوم لاند) الذي فاز بجوائز عدة في المهرجان السنوي لجوائز (ايمي) التلفزيونية التي اقيمت في هوليوود ، و(الانتصار على الارهاب) و (قتل المسلمين يسارا و يمينا) ،  ومن بين الافلام السينمائية التي تناولت هذا الموضوع (ايام في سبتمبر ، عزيزي جون ، خطابات و علاقات حب جندي اميركي يحارب في افغانستان ، هروب من غوانتنامو) غيرها كثير، و عليه كان لابد ان نرد من على جبهتنا الدرامية بمسلسلات و افلام تفضح  الارهاب ومتطرفيه ، وتبين وجه الاسلام المعتدل الحقيقي .‏

بين التطرف و الإرهاب‏

على الجبهة الدرامية السورية كان المخرج نجدت انزور أول من تصدى الى مسألة الارهاب و ناقش قضاياه واظهر مفارقاته ، فقد ادرك حقيقة ان الارهاب انتاج امريكي وناتج عن حربها له وغزوها للعراق ودعمها لاسرائيل، وظهر ذلك من خلال اخراجه لأكثر من مسلسل تناول هذا الموضوع و مبتدئاً بمسلسل (حور العين) الذي يدل من عنوانه وشارته ومضمونه أنه يعالج موضوع الارهاب بمشاركة ممثلين عرب مبينا حجم الكوارث التي يخلفها و ذلك من خلال قصة ثلاث عائلات عربية تسكن في مجمع سكني في مدينة الرياض يتعرض لهجوم ارهابي، و يحاول البحث في الاسباب التي تدفع الى الارهاب داحضاً التهمة عن الاسلام الدين القويم الذي لا يقبل بمثل هذه الاعمال الاجرامية، حيث يفجر مباني و يقتل الابرياء باسم (الجهاد) .‏

ويمضي انزور في مشروعه الدرامي في الحرب على الارهاب بإخراجه مسلسل ثان يحمل عنوان (المارقون) الذي عرض عام 2006 أي بعد عام من المسلسل الاول، و هو يصور الارهاب في الوطن العربي و من يقف وراءه و اهم الاحداث التي جرت في الدول العربية و كان لها التأثير القوي في تغيير مجريات الاحداث السياسية والاقتصادية في المنطقة، و قد عكف على كتابته عشرة كتّاب من بلدان عربية جرت فيها اعمال ارهابية و تم تصويره في تلك الدول . وفي هذا المسلسل يتطرق ايضا لظاهرة الارهاب التي هي بعيدة كل البعد عن فكر الاسلام و روحه وقد بين ذلك الكتاب من خلال المعالجة الدرامية و من الحلقات الاولى، فمن غير المعقول ان يقوم مسلم في تفجير نفسه ثم يأتي قائد تنظيمه ليطالب ابنته ذات الخمس سنوات بالقيام بعملية ثانية، في الحلقة التي اتت تحت عنوان (سرب الاحلام) فيما يتجلى الاسلام الصحيح بمواقف تحارب القتل بغير حق و هو ما فعلته امراة مسلمة عندما حضت المسلمين على التصدي للإرهاب بعد ان قتل ابنها بتفجير انفاق لندن 2005، وذلك في الحلقة الثالثة (قتلوا ياسمين) .‏

و في خطوة غير مسبوقة اخترق المخرج عينه عن نص للكاتبة هالة دياب المحرمات الثلاث (الجنس والدين والسياسة) في المسلسل الجريء (ما ملكت ايمانكم) موضحا ان الطريقة الامثل للدعوة الى الله هي الحوار و متطرقا الى مسالة مهمة وهي انتساب الشباب للمنظمات الارهابية اذ قام بدراستها بشكل مدروس من قبل اشخاص متخصصين، و قدم هؤلاء الناس كما هم بكل شذوذهم وامراضهم النفسية والجسدية والجنسية والسياسية والاخلاقية، كما عالج امورا تعتبر من المحظورات والمحرمات في مجتمعنا من خلال قصص ثلاث شابات عربيات ومعاناتهن في مجتمع ذكوري، وسلط الضوء على من غرر بهم لكنهم لم يتخذوا قرارا بحمل السلاح، ولم تتلطخ ايديهم بالدماء موجها رسالة على ان المجتمع احتوى مثل هؤلاء وفهم عقليتهم و الدوافع التي اوصلتهم لهذه المرحلة.‏


الإرهاب و الطريق الوعر‏


وعلى الخط ذاته كان سبق انزور لمعالجة قضايا الارهاب التونسي شوقي الماجري، و الاردني جمال ابو حمدان الذي كتب مسلسل (الطريق الوعر) الذي قدم التطرف برؤية درامية متطورة بطلها مراسل صحفي كان سيذهب ضحية للتطرف، و الفكر الظلامي اذ انه كان يغطي احداث افغانستان و تولى مهمة فضحهم فاعتبروه احد اصوات الكفر و الشر التي تنعق ضدهم، فقرروا تصفيته بتفخيخ سيارته، والمفاجأة انه نجا لتذهب ضحية ارهابهم صديقة زوجته التي تشوهت وقتل اطفالها الثلاثة عندما استعارت سيارته لتوصل أبناءها الى المدرسة. وقد عالج المسلسل مسائل عدة تتمحور حول الفكر التكفيري المنغلق الذي يقتل أقرب الناس إليه في سبيل قضية وهمية بعد أن تجرى له عملية غسل دماغ، ثم التأثيرات النفسية لما يقوم به هؤلاء على ضحاياهم، كما يسلط الضوء على قضية تجارة السلاح والوساطة بين تجاره العالميين والجماعات المتطرفة موضحاً كيف تباع الذمم في سبيل المال ، ويبرز المسلسل دور رجال الدين في محاربة مثل هؤلاء من خلال توعية الشباب فضلاً عن دور الإعلام لتحذيرهم من أساليب هذه الجماعات لتجنيدهم واستغلالهم .‏

الطريق إلى كابول لا نهاية له‏

وهو من أوائل الموضوعات التي تعرضت لموضوع الإرهاب (الطريق إلى كابول) للكاتب الأردني جمال أبو حمدان والمخرج محمد عزيزية وهو يحكي الواقع المرير لأفغانستان ويدافع عن صورة الإسلام المعتدل، لكن للأسف توقف عرضه بعد الحلقة الثامنة لأنه أزعج الدول الممولة للإرهاب، كما أنه قضّ مضاجع أتباع فكره التكفيري الذين وجهوا تهديدات عدة إلى كل من شارك في العمل، ما دعا الجهة المنتجة لإيقافه بحجة الأسباب الفنية، ليبقى مصير (جلال الدين حكمتي) بطل المسلسل الفنان عابد فهد مجهولاً، كما مصير أفغانستان التي كانت ولا تزال ضحية مؤامرة دولية معروفة الأطراف .‏

ننتظر المزيد من المسلسلات التي تسلط الضوء على أعداء الإسلام ومن يدّعون أنهم يجاهدون باسمه، كما ننتظر أن تستعاد المسلسلات القديمة من خلال عرضها على المحطات السورية .‏