2013/05/29
علاء محمد – دار الخليج
كما الدراما السورية، عموماً، أنجزت الدراما الشامية موسماً جديداً من مواسمها المتتالية .
بعض النقاد في سوريا باتوا يتحدثون عن موسم فيه دراما سورية وأخرى شامية، بما يعني أن دراما البيئة الشامية وصلت إلى مرحلة باتت تشكل شخصية درامية مستقلة عن الثوب الفني السوري . بيد أن دراما الشام لم تخرج، حتى الآن بحسب خبراء ونقاد عن الإطار نفسه الذي وضعت نفسها فيه منذ عشر سنوات وإلى الآن.
ففي كل موسم، تأتي مسلسلات تحاكي دمشق الماضي، وقبل العرض، يكون الحديث عن أشياء جديدة، وعن أفكار غير مسبوقة . وحين يأتي العرض، يفاجأ الجمهور بأن ما يراه يشبه كثيراً ما سبق عرضه في أعمال لسنوات خلت، بل يرون أن أفكاراً كثيرة جاءت مكررة . فضلاً عن أن هناك من يدققون في مسألة الحالة الاجتماعية والثقافية التي تظهر فيها مدينة دمشق، وهل بالفعل كان الدمشقيون أميين إلى الحد الذي يظهرون عليه؟
كيف كانت البيئة الشامية للموسم الحالي 2012 وهل من جديد طرحته؟ أين المشكلات المتكررة فيها؟ أسئلة نتناولها من خلال بعض الممثلين والمخرجين في هذا التحقيق . .
الفنان عبد الحكيم قطيفان قال: لم تنل إعجابي دراما البيئة الشامية عندما كانت في مرحلة الوعد، أي قبل سبع سنوات وأكثر بقليل، حتى تنال إعجابي الآن، بعد أن تكشفت حقائق هذه الدراما الاستهلاكية، التي تريد فقط نشر الثقافة الذكورية في المجتمع، والقضاء على أي فعل نسائي فيه .
وأضاف: منذ العام 2000 تقريباً، اتخذ المنتجون، قراراً بتفعيل ما يسمى دراما شامية تتناول دمشق، ولم تنقطع منذ ذلك الحين وحتى اليوم، لا بل وصلنا إلى أعوام فيها خمسة مسلسلات شامية دفعة واحدة . لا بأس بالعدد، لكن البأس هو في الاستسهال في تناول بيئة دمشق، وتقديمها باعتبارها بيئة جاهلة . يعني أنا، كقارئ لتاريخ دمشق القريب، لا أصدق، أن هناك حارات دمشقية بأكملها لا يوجد فيها شخص واحد يقرأ .
وعبّر قطيفان عن أسفه قائلاً: هذا العام، ،2012 تم تكريس الأشياء نفسها، الجهل والتخلف، ولم تستطع هذه الدراما حتى الآن أن ترتقي نحو المطلوب، والذي هو بالتأكيد التأريخ الدرامي والواقعي لمدينة دمشق .
طلحت حمدي مخرج وممثل ومؤلف معروف، عمل في وقت من الأوقات منتجاً، قال: حتى اللحظة، لا يمكنني أن أعتبر أنه تم صنع مسلسل واحد في الدراما السورية يتحدث عن مدينة دمشق، بما في ذلك المسلسلات المحسوبة على البيئة الشامية التي شاركت فيها شخصياً .
الأخطاء نفسها، ويظهر أن هناك من يريد أن تخرج هذه الدراما بهذه الصورة المشوهة حيناً، والمسيئة حيناً آخر، والمزيفة للحقائق تارةً، بل والصانعة لواقع افتراضي وتريد القول إنه واقع دمشق الحقيقي تارةً أخرى .
تابع حمدي: لم يطرأ أي تطور على مستوى الفكر والذهنية في بيئة الشام بالدراما السورية . وفي الموسم الحالي تكرر المشهد، وحضرت الخناجر والشوارب والعصي والتي هي الحل والربط في زمان لم يكن فيه الواقع يقول هذا . ظل “العكيد” هو الحلال لأكبر المشكلات، رغم أن العكيد كلمة كانت تستخدم لمن هو قوي و”أزعر” في ذات الوقت، وليس للوطني والشريف وذي العقل الراجح . لا أدري من أين يأتون بهذه الأفكار والقول إنها لتاريخ دمشق، وأعتقد أن الأمور لن تكون أفضل في المستقبل، لأنني لم أجد أحداً من صناع هذه الدراما يعتبر أنه أخطأ هنا أو هناك، بل ترى الجميع يعمل على تكرار ما فعله في السنة الماضية والتي قبلها .
المخرج علاء الدين كوكش علق على الظاهرة وأحوال الدراما: لا أريد الدفاع بأي شكل من الأشكال عن دراما البيئة الشامية، لكن لا يمكنني إلا أن أقول إنها تحاول كل عام تقديم شيء جديد يختلف عما جاء في عام سابق . إلا أن المشكلة التي تواجهها هذه الدراما في سعيها لتحديث نفسها، والإتيان بالجديد، هو أن هذا الجديد يكون فكرة واحدة أو اثنتين على الأكثر، فتضيعان تماماً في زحمة الأعمال المنتجة . ففكرة واحدة جديدة ومؤثرة، لن يلمسها الجمهور عندما يشاهد خمسة مسلسلات لا بدّ وأن يكون التشابه بينها حاضراً، فيسأم وينفر من دراما البيئة الشامية .
أضاف: الأمور لا تتجه نحو الأفضل على صعيد هذه الدراما، لكن هناك حل ولو أن تطبيقه صعب . فالشركات المنتجة، لو تتفق بين بعضها بعضاً، على إنتاج مسلسل واحد بيئي شامي في كل عام، وليكتبه أكثر من كاتب لكي نحصل على أكثر من فكرة جديدة تضاف في كل عام، فإن الأمور ستكون جيدة . أقول هذا وأعرف أن هذه الوصفة لن ترى النور إطلاقاً، لأن الشركات لا تبحث عن جودة الدراما السورية عموماً بقدر ما تبحث عن منتَجها الخاص، أي منتج كل شركة على حدة .
النجم أيمن زيدان تحدث من واقع تجربته فقال: لأول مرة أشارك في مسلسل بيئي شامي رغم أن العروض كانت تقدم لي في سنوات ماضية . وكانت هناك محاولات لإقناعي بالمشاركة ولو بعمل واحد، لكني كنت دائماً أعترض على المضمون الذي تقدمه دراما البيئة الشامية، فالفولكلورية والتراثية، في الدراما، يمكن أن تقدم بفيلم وثائقي أو ببرنامج، وربما مسلسل تلفزيوني، ولمرة واحدة فقط، لكن أن يتم تكريس ذلك بشكل يجعلنا نشعر بأننا نستبيح تاريخ عاصمتنا بأنفسنا، فهذا أمر غير مقبول .
استكمل زيدان حديثه قائلاً: أقر بأن الدراما الشامية، حتى الآن لم تتجاوز الأخطاء التي وقعت فيها رغم التحذيرات الكبيرة والمتكررة من قبل خبراء ونقاد وصحفيين من مغبة تكرار الخطأ في التشابه والسعي إلى تكريس سلطة أشخاص على مدينة، الأمر الذي لم يكن موجوداً في أي زمن مضى . لكنني هذا العام، قرأت نص “زمن البرغوت” فوجدت فيه ما يبتعد عن الفولكلور والتراث، ويدخل في مواضيع كثيرة بشكل جدي، فوافقت . لكن هذا لا يعني أنني أعتبر “زمن البرغوت” خالياً من الشوائب، بل هناك أشياء كثيرة يجب التركيز عليها كي يحافظ العمل على تفرده من وجهة نظري .
بغض النظر عن الأجزاء التي أنتجت لبعض المسلسلات، يسجل أنه بين العامين 2000 و،2012 تم إنتاج أكثر من 30 مسلسلاً بيئياً شامياً، وحتى اللحظة، لم يخرج مسلسل واحد عن النص الشعبي، ولم يستطع أي مخرج أو شركة منتجة أن تغرد خارج السرب وتمنع الانتقادات، فهل يكون الآتي أفضل؟