2013/05/29
سامر محمد إسماعيل – الوطن السورية
هذه المرة سجلت مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني سبقها السينمائي بخمسة أفلام قصيرة ضمن ما سمته «مشروع شباب- أحلام سينمائية سورية» فهاهي تعيد مجد دائرة الإنتاج السينمائي في التلفزيون العربي السوري التي أنتجت العديد من الأفلام التلفزيونية منذ انطلاقة البث عام 1960، فمن ينسى أعمال سليمقطاية التي اختفت من أرشيف الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون لأسباب مجهولة؟! ولاسيما تلك التي راهن قطايا من خلالها على تقديم مسرح تلفزيوني مع نخبة من نجوم المسرح القومي آنذاك، وما تركته هذه الأعمال في ذاكرة متلق ربما لم يعد موجوداً إلا في خاطر من رأى، أو من عمل مع صاحب «راكبو البحار» لتأتي فيما بعد أعمال علاء الدين كوكش وغسان جبري وشكيب غنام وسواهم، بل إن التلفزيون عمل منذ عام 1974 على تأسيس دائرة الإنتاج السينمائي التي استقطبت العديد من المخرجين الأكاديميين لتحقيق أفلام عالية المستوى، لكن هذه الدائرة لم تعش سوى خمس سنوات، لتنكفئ بعدها آمال كبيرة.
من هنا كان توجه مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني نحو إعادة القيمة الجمالية للرسالة التلفزيونية، وأخذ كتف عن المؤسسة العامة للسينما في دعم الرؤى الجديدة، حيث تشهد كلتا المؤسستين اهتماماً متزايداً بتحقيق عروض سينمائية لشريحة واسعة من الشباب السوري، عروض لا تعوزها الجرأة الفنية قبل أن تحقق الجرأة الاجتماعية. هي مقترحات تتناوب اليوم على امتحان قدراتها، وتكريس نظرتها للصورة بعيداً عما يسمى بظاهرة «الدراما السورية» تلك الظاهرة التي -على الرغم من ريادتها حتى مطلع الألفية الثالثة- عانت مؤخراً من استلابها من قبل شركات المال في معظم ما قدمته للمشاهد العربي والمحلي على حدٍ سواء.
هكذا سيبدو «مشروع شباب- أحلام سينمائية سورية- خطوة نحو كسر الركاكة التلفزيونية، ورغبة حقيقية لتظهير طاقات يحق لها أن تُشاهد من قِبل جمهور عريض يتوق اليوم إلى الخلاص من ربقة مسلسلات الدم والجنس والجريمة، وذلك عبر محترف سينمائي سوري خالص التكوين، محترف يتفتح بهواء نظيف، متحرراً من مزاج سوق الفضائيات العربية، واصلاً تجربة الرواد التي انقطعت أخبارها مع الهجمة الاستهلاكية المجنونة لتخريب الذائقة السورية، وإلحاقها بعصر تقديس السلع وعبادتها.
«موود» طارق مصطفى: أحلام الياسمين الدمشقي
يخوض المخرج طارق مصطفى تجربة عالية في فيلمه «موود» محققاً عن نص محمد حسن ما يشبه سيمفونية بصرية؛ مهارة الكاميرا هنا تنقل السيناريو المكتوب لحياة ممثل شاب يحيا في قلب ضوضاء العاصمة من تقليدية الحكاية إلى براح مشهدية لافتة في أناقتها وتدبيجها للصورة، لنتابع يوميات شاب سوري تطارده أصوات منبّه الساعة وشفرات المكيف، ونداءات الباعة، ونبرة مراسلي نشرات الأخبار، ورسائل «الأنتر ماشين». طنين يجسّده المخرج على امتداد مساحة الفيلم بلغة سينمائية محضة، مقارباً تقنياته المونتاجية اللافتة مع صداع الشاب«- أدى الدور الفنان مجد فضة» حيث تلتئم حصارات عدة لتطبق على كامل حياة تُهدر أوقاتها دون جدوى، أوقاتٌ يقضيها هذا الشاب بإعمال أعصابه في تصوير أدواره في مسلسلات تلفزيونية لا تحقق له ذلك الرضى الذي يطمح إليه عن نفسه، فهاهو في مشاهد متتالية يعبر من بيته الدمشقي إلى مواقعٍ تصطخب فيها صرخات مخرج المسلسل الذي يقوم بأداء إحدى شخصياته؛ جنباً إلى جنب مع موسيقا الديسكو وضجة أجوائه، ليصل الشاب في النهاية إلى لحظة من المواجهة الحقيقية مع ذاته، إنها لحظة يوفرها له انقطاع التيار الكهربائي في بيته، ليكتشف وقتها أن ثمة مكتبة يمكن الخلود إليها، مكتبة عامرة بكتب الشعر والرواية والتاريخ، وهاهي يده تمتد إلى كتاب الشاعر السوري أدونيس: «ها أنت أيها الوقت» لنقرأ معه على ضوء شموع عزلته مقطعاً يقول: « دعوا الياسمين الدمشقي لأحلامه، فلا خوذة له ولا ناب» مقطعية يدمج فيها المخرج مصطفى بين مستويات عدة، ناقلاً كاميرته من عتمة المنزل المقطوع عن كهربائه إلى نهار مدينة دمشق، إلى فتاة يحبها ذلك الشاب «أدت الدور الفنانة رنا كرم» ففي مشهدية لونية لافتة يعبر مصطفى بفيلمه إلى شعرية متصاعدة، تضعنا كجمهور على مقربة من مجابهة صميمية، مجابهة تُخرس العالم، تُسكت غلواء الصخب واللهاث اليومي وراء لقمة العيش، لنجد أنفسنا على تماس من نوع آخر، لكنه هذه المرة تماس مع النفس، حاجتها إلى السكينة، والبراء من فوضى الأصوات وزعيق العالم. جهد متناغم بتوقيع طارق مصطفى يجعل من لحظة العطالة فرصة لبوح الذات والوقوف أمام مرآتها، لنعرف مع بطل «موود» أن ثمة ما أصاب مزاجنا الإنساني الصِرف، مزاجنا الذي دمّرته الآلة على اختلاف صنوفها، مزاجنا المنهوب لساعات عملٍ لا نحبه، لكننا نجهد في مطاردته كفريسة ميتة. «موود» من النوعية الخاصة في سينما تعيد إنتاج المكان، تنتشله من بشاعته الواقعية، لتراه بعين زمنيةٍ بحتة، نتخلص هنا أيضاً من كليشيهات بصرية لطالما كرّسها التلفزيون في عادات المشاهدة، نهرب إلى الدفين والغامض، ففي السينما لا يمكننا الوصول إلى الحياة كلها، ولذلك يحقق مخرج «موود» مقطعاً عرضانياً من هذه الحياة، «لأن الواقع نوع من الأدب الرديء» تقدم لنا السينما كخيار لرؤية العالم معافى من بشاعاته، ولذلك تلتقي القصيدة مع فتاة تعبر شارع البرامكة نهاراً دون أن تختلط ظلال خطواتها الليّنة بغبار الأرصفة السوداء حد الفضيحة..
«29 شباط» للمهند كلثوم: يانصيب الحب المدهش..
تجربة لافتة حققها أيضاً المهند كلثوم في تحقيق فيلمه «29 شباط» عن نص سيف رضا حامد، حيث تضعنا كاميرا المخرج أمام قصة شاب وفتاة- «غفران خضور، عروة كلثوم» ينتقلان بين مستويي الحلم والواقع. في البداية نقع على مشهدية احتفالية باهظة لما يشبه كرنفالاً من كرنفالات الشارع، راقصون وراقصات وعربة بحصانين لرجل ثري يتقدم الجموع- «أدى الدور الفنان جهاد سعد» مشاهد متعاقبة تنقل لنا بهجة استثنائية لرجال يطوون خصور نسائهم بخفة ومرح على أنغام أغنية تملأ المكان، زينة وألعاب نارية، ومواكب استعراضية راقصة، ليتوقف الحلم فجأة ونعود جميعنا إلى أجواء واقعية محضة، أجواء يختفي معها ذلك المهرجان، لنكتشف أن الراقصين تحولوا إلى عاملي نظافة، والرجل الثري هاهو يأخذ زاوية في شارع باب شرقي كبائع يانصيب ينادي على «سحب اليوم»: «جرب حظك يانصيب.. بلكي بتصيب» فيما نشاهد الفتاة «أدت الدور الفنانة سوزان سلمان» والتي كان الرجل الثري يراقصها ترمي كيس القمامة من إحدى شرفات المنازل المطلة على الساحة من دون أدنى اكتراث للمارة. مفارقة يضعنا مخرج «29 شباط» عند بطل فيلمه الذي نشاهده بعدها يركض باحثاً عن ذلك الحلم الذي كان يرفرف في جنبات باب شرقي، لكن بلا جدوى، لقد مضت السندريلا، وفك السحر عن وجوه الناس، وهاهي العربة تعود قرنبيطاً، والراقصون يتحولون إلى فئران، هاهي الشوارع من جديد بواقعيتها الدامية، وفجاجتها وحُراسها، وغبار أرصفتها. مشهدية يسجلها كلثوم بأمانة سينمائية، ليتوقف الشاب مستيقظاً من دوخة أحلام يقظته، وهاهي الفتاة ذاتها التي كانت تراقصه في الحلم وتهمُّ لتقبيله على شفاهه؛ تنتظر أمام أحد المحال بلباسها الواقعي، وشالها الأصفر. لنشاهد من جديد مونولوجاً طويلاً من الشاب الذي يشرع بالحديث مع الفتاة- «السندريلا» حديث لا يعوزه الحميمي، ولا تنقصه نبرة السينما وبراحها، فهو ليس حواراً تلفزيونياً، بل هو أقرب إلى بوح بين شاب يقف بحذاء مثقوب أمام فتاته الصامتة، أحلام يتلوها الشاب عن نفسه، عن عمره المهدور وراء طائرات الورق و«شمسيته المطرية» وعيد ميلاده الواقع في 29 شباط الذي لا يحتفل به سوى مرة كل أربع سنوات تبعاً لحظه الكبيس، لينتهي هذا المونولوج بكلمة «بحبك» فيما يستفيد المخرج من كائنات الشارع ليصوّب كاميرته بين جُمل كلام الشاب نحو أطفال يركضون في الطرقات الحجرية، أو نحو امرأةٍ ريفية تخترق الكادر حاملةً طنجرتها الأسطورية، وصولاً إلى جنازة تمر عند رواية الشاب عن موت أبيه المبكّر. لنشاهد أيضاً أداء لافتاً للفنانة غفران خضور التي ترسل عبر وجهها حالة نفسية دقيقة، ومتقنة أثناء سماعها لمونولوج الشاب، لينتهي صمت «خضور» بكلمة «بحبك» آخذةً صورةً بهاتفها المحمول للشاب الطالع من فراغ الشارع وزحمته، إلا أن مخرج الفيلم يصر هنا على لقطات فوتوغرافية سريعة للفتاة ذاتها تتمشى بثوب أبيض في غرفة شبه معتمة، لتمسح الدموع عن صور أناس ميتين، نلمح من بينها صورة الشاب نفسه. معالجة بصرية درامية نهضت بالنص نحو مصاف لغة سينمائية لحلم يدافع عن وجوده رغم كل القتامة التي من الممكن أن تصادر على الرؤية، ما جعل من «29 شباط» جديراً بتسجيل وثيقته عن جيلٍ يبحث عن ساندريلاته بين ركام الخرابات اليومية.
«رياح كانون المبكرة» لأحمد الخضر: بطولة البحر
في الفيلم الثالث «رياح كانون المبكرة» لمخرجه أحمد الخضر يجد المشاهد نفسه أمام مأثرة سينمائية جديدة لها مذاق الأفلام الروائية السورية في ثمانينيات القرن الفائت، فالنص المكتوب لعماد منصور حقق مساحة جيدة أمام مخرج الفيلم لينسج علاقة سينمائية مع بحر طرطوس، علاقة نتابع حكايتها اللطيفة من داخل صفوف إحدى المدارس الإبتدائية بين صبي وفتاة، نستطيع هنا أن نلتقط قطعةً من الحياة اليومية لمدينة طرطوس، الصيادين والناس وأطفال المدارس، قطعة من حياة سورية بجانب البحر تلتقطها كاميرا الخضر بعيداً عن الانطباعات التلفزيونية الخاطفة، فتركيز المشاهد قبالة شاطئ طرطوس وهب لحكاية «رامي» الصبي الذي سيصاب بعد قليل بالسرطان بعداً سحرياً، ولاسيما مشهد الحمامة الميتة التي يقوم كل من رامي ورفيقته الصغيرة بوضعها في صندوق صغير وقذفها إلى موج البحر، طقس كان من الممكن محاكاته سينمائياً عند موت رامي أيضاً، لكن خيار كل من الكاتب والمخرج ظل ضمن حلوله الواقعية، فهاهي الطفلة تبحث عن رفيقها الصغير الذي كان يسرق منها أصابع الشوكولا ويمشي معها على كورنيش البحر، واعداً إياها برحلة صيد مع والده «أدى الدور الفنان جريس جبارة» هاهو يموت أيضاً تماماً كتلك الحمامة التي جعل لها من البحر قبراً أزرق. هكذا سيكون المشهد البحري منسجماً مع قصة النص، منسجماً مع توليفة الصورة التي سجلت لقطاتها البحرية الكبيرة جنباً إلى جنب مع عائلتين نتعرف إليهما تباعاً، عائلتي الطفلين الطالعين إلى برية الحياة، ليكون الموت هنا حادثهما الوجودي الأعنف، حادث طرح مأساة أطفال السرطان بعيداً عن الكليشيهات المعروفة، بل من خلال تورية ذكية لمعنى الغياب وفداحة الفقد، لنشاهد الطفلة في آخر مشهد تهبط أدراج بيت رفيقها الصغير، مبتعدةً عن عزاءات الناس وتقاليدهم الممجوجة، فيما يمكن وصف مشهد الأب الصياد أمام جثمان ولده الصغير بالمشهد النادر في مصداقيته، وابتعاده عن كل ما من شأنه الاستعراض المجاني، هي لغة سينمائية تقتفي إحساس الممثل دون أي تدخلات جانبية، إنها «رياح كانون المبكرة» التي يوقّعها الخضر بحرفية مخرج لديه حساسية خاصة في تقديم المتخيل وإنجازه بعيداً عن جلبة اللقطات العامودية وبمفردات الواقع ذاته.
«دون عنوان» لأحمد سويداني: أهل غرام تلفزيوني
ينجز أيضاً الفنان أحمد سويداني فيلمه «دون عنوان» عن نص خالد طيارة، لكن السينما هنا تبتعد عموماً عن مذاق القصة وطريقة معالجتها بصرياً، ليكون المشاهد أمام فيلم بنكهة حلقات متصلة منفصلة تقريباً، إننا أمام حكاية كاتبٍ شاب يخطُ ما يشبه يوميات عن امرأةٍ يصفها لنا عبر مونولوجه الداخلي، صوته الجواني بلغته الفصحى يجعل من مقدمة الفيلم عتبة معقولة لمتابعة ما سيحدث، عزلة الكاتب الشاب وطريقة عيشه تشي للمشاهد بمزيد من المفاجآت، لكنه في المشهد التالي نراه في مطعم، نراقبه من خلال مونولوجه الذي يستطيل في شرح حكاية غرامه عن امرأةٍ تظهر أمامه الآن، وهاهو يسد الطريق أمامها بكلمة «كيفك» ليكتشف الشاب أن تلك المرأة تعرضت لحادث أفقدها ذاكرتها، وربما قد نسيته من جملة ما نست من تاريخها الشخصي، هنا يقدم النص عدة توقعات، فهل نحن أمام شاب يتعرف إلى امرأة فقدت ذاكرتها ويستغل ذلك للتقرب منها أم نحن فعلاً أمام لقاء مصادفة بعد سنين من الغياب؟ في كلتا الحالتين نفقد شعورنا بالسينما، يتعزز التلفزيوني مجدداً عبر حوارات طويلة بين الشاب وفتاته المصابة بداء نسيانها العجيب، بينما يواظب الشاب على كتابة قصته الداخلية بمونولوج طويل لا ينتهي، ثرثرة كلامية ترافقها ثرثرة بصرية لا تودي إلى حل سوى الاستطراد عن ماضٍ لا نراه، مشاهد لا تعوزها الفخامة في الديكورات الملتقطة بكاميرا سويداني، ورغبة في تقديم تجربة يمكن عبرها النفاذ إلى أخذ فرصة تلفزيونية أكبر مساحة، ما ترك السينما كهامش من الرومانسية الكاريكاتورية، رومانسية شاب يعشق فتاة فقدت ذاكرتها، يحلم بها بالفصحى وكأنها سيل من رواية لإحسان عبد القدوس، ويتكلم معها بالعامية، فيما يكتب بقلمه وكأنه كاتب من الشكلانيين الروس، ليست السينما هنا إلا نوعاً من البذخ المجاني، ليست السينما بل هي فكرتنا التلفزيونية عنها.
«جدارية الحب» لأوس محمد: مأساة بائع المعروك الفقير
إذا كانت النبرة السينمائية قد تراجعت نحو مصاف التلفزيوني في فيلم «دون عنوان» محققة حداً أدنى من الدهشة، فهي في فيلم «جدارية الحب» تنعدم نهائياً لنكون أمام قشور سينمائية قوامها نص ضعيف للغاية لـ«رامي كوسا» فالفيلم الذي يروي قصة بائع معروك تتنافس عليه فتاتان من طبقتين اجتماعيتين مختلفتين بقي مجرد طرفة سينمائية، فلا الشخصيات تبدو واضحة المعالم، والحكاية الهندية التي يقدمها الفيلم عكست فقراً حاداً في المخيلة، فقراً في فهم طبيعة السينما، بل فقراً في ألف باء الكتابة والإخراج، إننا أمام مشاهد متكررة لشاب يبيع معروكاً دائماً أمام بيت الفتاة التي لا يحبها؟ الفتاة - «أدت الدور لوريس قزق» الغنية التي تتلصص على بائع المعروك الواقع في غرام ابنة عمٍ ترقص له رقصاً شرقياً على أصوات أغاني راديو الستينيات، لنشاهد ما يشبه «فلاش باك» لامرأة يُعتقد أنها تلك الفتاة الغنية تقعي أمام ألبوم ذكرياتها-«عتاب نعيم» ترجع إلى حبها الذي أرادت شراء «معروكه الفقير» بالنقود، لكنها أخفقت «فالمال لا يشتري السعادة»، جملة نسمعها من فم الفتاة الثرية على شكل حكمة اليوم، ما يترك سؤالاً حقيقياً عن دور لواء يازجي المشرفة على المعالجة الدرامية لأفلام المؤسسة، فكيف لم تنتبه إلى مستوى نص « جدارية الحب» الذي جاء دون مستوى أترابه الأربعة، فالسيناريو من الهشاشة بمكان لا يستطيع تحقيق أدنى درجة من التفاعل مع المتلقي، وفيه الكثير من الإساءة للمستوى العالي الذي قدمته الأحلام السينمائية الأربع السابقة.
ما يلفت الانتباه هو المؤلفات الموسيقية التي قدمها الفنان سمير كويفاتي لأحلام مشروع شباب، فرغم تقاربها اللحني في الكثير منها، إلا أنها استطاعت توفير مناخ موسيقي غني للمشاريع المقدمة، حالها كحال جميع أعمال كويفاتي التي كانت في مقدمة أنواع الموسيقا التصويرية الرائدة في حساسيتها والتقاطها لمزاج العمل الفني، ولاسيما في خمسة أحلام سينمائية في عيون شيطان التلفزيون، أحلام قدمت تجاربها كاحتجاج علني على تشويه الذائقة وخداع الجمهور طوال كل هذه السنين، ممهدةً لخطوات أخرى نعيد فيها عرض هذه الأفلام في صالة عرض سينمائية بعد أن نالت فرصة عرضها أيام عيد الفطر الماضي على شاشة الفضائية السورية.