2013/05/29

محاكاة الزعيم
محاكاة الزعيم

فجر يعقوب – الحياة


نأمل بأن يكون تصريح وكيل وزارة الأوقاف المصرية في السويس كمال البربري مجافياً للحقيقة، أو نصفها على أقل تقدير، لأن فـــيه مؤشرات خطرة لا يمكن التكهن بنتــــائجها على المدى البعيد. فحديثه مقلق جداً عن تأثر مهاجمي القوات المصرية في سيناء بمسلسل فرقة ناجي عــــــطالله لـ«الزعيم» عادل إمام، وتقليدهم له، حتى بدا كأن الأمر برمته لا يتعدى إعادة تمثيل بعـــض أحداث المسلسل، لتكون النتيجة صادمة ووحشية ومذهلة.

نأمل بألا يكون الأمر كذلك، لأنه لو صدق البربري، فإن كارثة يمكن أن تقع في نهاية الطريق في منطقة ساخنة أخذت تحتل واجهات التلفزيونات من خلال مواجهات واقعية، وليس من باب تقليد أحداث مسلسل لم يمتلك صدقية من أي نوع في رواية أحداثه، أو قدرة على الإقناع حتى بالأحداث المتخيلة التي ينسج عليها الزعيم بطولاته وأحابيله، وبخاصة بعد التحقق من أخطاء كثيرة ارتكبها المخرج تتعلق بالأمكنة التي أعيد تصوير بعض الأحداث فيها. ولم يعد خافياً على أحد أن بعض الحلقات تضمنت لقطات صورت في أماكن لبنانية لا تنتمي البتة إلى طبيعة مدينة غزة حيث يفترض أن تدور القصة. وليس ظهور الأعلام اللبنانية في خلفيات بعض المشاهد، أو السيارات التي تحمل لوحات لبنانية زرقاء إلا دليلاً على أن ثمة خللاً قاتلاً لا يمكن أن يمر مرور الكرام، خصوصاً أن المخرج لم يتعب نفسه في دراسة الأمكنة التي ينبغي أن تشهد أحداث مسلسل يعود بعادل إمام إلى الشاشة الصغيرة لينقذ مجداً سينمائياً في المكان الخطأ من غير طائل كما يبدو. وقد بدا هذا واضحاً، ليس فقط من خلال الأخطاء التي ارتكبت وغيّبت غزة عن واجهة الأحداث، ليحل معها «نفخ درامي طارئ» لا يمكن السكوت عنه من باب القول بمراعاة الظروف الإنتاجية. وهي لم تكن «فقيرة» لو علمنا أن موازنة فرقة ناجي عطالله في صناعة مثل هذه الأوهام المخابراتية بلغت 70 مليون جنيه مصري، راح نصفها تقريباً إلى جيب الزعيم. ولسنا نعرف هنا ما إذا كان الرقم مقنعاً إنتاجياًٍ، ولكن يمكن الاستشفاف أن الأمر كذلك، إذ بلغت موازنة المسلسلات المصرية لهذا الموسم بليون جنيه.

لم يكن المسلسل مقنعاً درامياً إلى حد يقوم إرهابيون بتقليده أو محاكاته محاكاة عمياء، فينفذون جريمة مروعة بهذا الحجم، وبهذه الكلفة الباهظة بحق جنود مصريين، حتى لو بدا أن بعض الأحداث دارت رحاها تلفزيونياً في منفذ كرم أبو سالم، إلى درجة بتنا نأمل معها بألا تتحقق بعض بطولات الزعيم على الأرض، لأن التقليد هنا سيكون حامي الوطيس، والنتائج ستكون وخيمة في أمكنة كثيرة.