2013/05/29
سامر المصري - الأخبار
أشكر وسام كنعان أولاً على اهتمامه الشديد وحرصه الدائم على الكتابة عن مسلسل «أبو جانتي» منذ الجزء الأول، وهذا يدلّ على أنّه متابع جيد لهذا المسلسل الذي أحبّه الناس، وكان هو شخصياً شاهداً على نجاح العمل رغم الشعور بأنّ هذا النجاح لم يكن أمراً مفرحاً له ولعدد آخر من الصحافيين، والأسباب معروفة لكثيرين في الوسط الفني السوري. ما يدفعني إلى الرد هنا هو تضمّن المقال لتناقضات عدة، واتهامات شخصية تجاوزت العمل ومقولته. هذه الانتقادات بدأت منذ إعلان أنّ «أبو جانتي 2» سيصوّر في دبي. وطبعاً قبل مشاهدة العمل والتعرف إلى مضمونه، يبدو أنّ المحيطين بالصحافي وسام استاؤوا من هذه الخطوة، وهذا حكم مسبق دوافعه معروفة لا نريد الدخول في تفاصيلها.
يتهمني كنعان في المقال بتمجيد السلطة والتقرب من المسؤولين، من دون أن يقدّم لنا دليلاً واحداً على صدق كلامه، ولماذا قرر كنعان أن يخصّني بهذا القول وفي هذه المرحلة بالذات دون غيري من الفنانين المحيطين به الذي يعرفهم هو جيداً ويسهر على موائدهم، والناس جميعاً تعرف علاقتهم السابقة والراهنة بالسلطة. وهذا أمر من حقهم ولست بوارد المزايدة عليهم ولومهم. وفي سياق حديثه عن التمجيد، جاء في المقال أنّي أمجّد قناة «روتانا» من دون أن يقدم أيضاً أي دليل على ذلك. والجميع يعرف أنّ هذه القناة خاصة غير مدعومة من أي نظام عربي أو أجنبي وتدار من قبل كادر شاب محترف، وتقدم إلى الجمهور العربي أعمالاً محترمة ومتنوعة على مختلف الصعد. وهل أنا أمجّد أيضاً قناة «الجديد» و«إل. بي. سي» وهما تعرضان أيضاً العمل؟ هذا الخلط يؤكد أنّ لدى كنعان اختلاطاً في المفاهيم والقناعات.
أريد هنا أن أذكّر السيد كنعان فقط بأنّ المشهد الذي يستشهد به عن هجرة الشباب السوري في الجزء الأول لم يكن يعجبه ولأفرد له سطوراً لانتقاده في مقالٍ سابق. أما إذا كان أفقه الصحافي قد أوحى له أنّه بخروج «أبو جانتي» من بلده، يكون قد تخلى عن مبادئه الوطنية، فهو بذلك يطمر الحقائق بالتراب ويتناسى أسباب ودوافع خروج «أبو جانتي» من سوريا في هذه المرحلة ليعيش الاغتراب الذي يعيشه الآلاف من الشباب السوريين الذين هجروا بلدهم بسبب الأحداث. وللعلم، فإنّ «أبو جانتي» تم تصويره في بلد عربي وليس في تلّ أبيب... وإذا كان قد أزعج كاتب المقال تناول هذا الجزء من «أبو جانتي» للأزمة الحالية في سوريا بشكل فني كوميدي راق، فهذه إشارة واضحة إلى أنّ كنعان من مناصري فكرة أن لا يتطرق أي مسلسل سوري إلى آلام الشعب السوري وهمومه وعذاباته في هذه المرحلة. والدليل على ذلك أنّه لم يتعرض بالنقد أو الإشارة إلى كثير من الأعمال الدرامية السورية التي احترمها وغضّت نظرها عما يجري في وطننا العزيز.
كنت أتمنى لو أنّ كنعان بدّد تعبه في تقديم قراءة فنية حقيقية في العمل الذي يشترك فيه كادر فني كامل، وليس أن تتحوّل كلماته إلى مجرد اتهامات شخصية باطلة لا صحة لها. وأخيراً، أقول إنّ ما يحدث في سوريا واحد من أسبابه افتقادنا إلى الصحافة الموضوعية التي لا تخلط الحقائق بالمزاج والولاء الشخصي. وكما حقّق أبو جانتي في جزئه الأول حضوره رغم كل الانتقادات المأجورة، سيُحقّق «أبو جانتي 2» حضوره بمحبة الناس وصدق وبساطة ما يطرحه من أفكار وقضايا ضمن قالب كوميدي شعبي ومحبّب. ولا أجد إلا أن أختم ردي السريع على مقالة كنعان بلسان أبو جانتي نفسه حين قال «اللي على راسو بطحة يحسس عليها».
ترقّبوا مقالات قادمة لصحافيين من الزمرة نفسها أمثال: أبي الحسن، سامر إسماعيل، ربى الحايك، قيس مصطفى (2 آب/ أغسطس 2012)
ليتسع صدركم للنقد، نحن حريصون عليكم
وسام كنعان
بعيداً عن إلقاء التهم جزافاً واللغة التي يستخدمها الممثل سامر المصري في رده، فإنّ من واجبنا الوقوف إلى جانب نجم «باب الحارة» وتذكيره بحرصنا على كل ممثل حقّق نجومية وحصد محبّة الجمهور كما هي حال الممثل المعروف، لكنّنا لا نفهم هذه العدائية في الهجوم على الزملاء الصحافيين الآخرين الذين يملكون رأياً نقدياً في «أبو جانتي2» مختلفاً عما تشتهيه سفن المصري.
لكنّ المصري يحتاج إلى إعادة قراءة ما كتبناه عن مسلسله «أبو جانتي... ملك التاكسي» في الجزء الأول والثاني، وبعض مما كتبناه عن الدراما السورية في الموسم الحالي. بهذه الطريقة فقط سيجد إجابات صريحة وشافية لاستفسارات يتضح أنّه طرحها وهو على عجلة من أمره، وخصوصاً في ما يتعلق بتصدي الدراما للواقع السوري الجديد بعد نشوب الأزمة؛ إذ سبق أن انتقدنا مراراً تجاهل صنّاع الدراما لما يحدث في سوريا وأثنينا على مسلسل «بقعة ضوء 9» لكونه يقارب الأحداث السورية بجرأة عالية ولغة نقدية مدروسة، وخصوصاً أنّ المسلسل صُوِّر في سوريا من دون إدارة الظهر إلى الوجع السوري ولا المتاجرة به. أما في ما يخص شعار «الغربة ولا المذلة» الذي يرفعه «أبو جانتي» في رده، فهو لا يزيد على الأسلوب السطحي الذي يتناول به المصري الأحداث السورية في مسلسله، فيما يريد أن يوهمنا بأنّه تغرّب مجبراً، علماً بأنّنا لم نعيّره بهذا الأمر، بل استعرضنا الانتقادات التي وجِّهت إليه في هذا الإطار. وعن محاولة التقرب من محطة «روتانا خليجية» المنتجة الفعلية لمسلسله، فقد ذكرنا المعلومة كنوع من الاستنتاج المنطقي لمشهد طلبه الجنسية الإماراتية صراحةً حيث نراه بالزي الإماراتي يصرّح بالفم الملآن عن حلمه بأن يصبح مواطناً إماراتياً، ومن ثم إسهابه في المديح المجاني لدولة الإمارات حيث يقيم بدءاً من أغنية الشارة مروراً بالعديد من أحداث المسلسل. وفي ما يخص تخلّي شخصية «أبو جانتي» عن مبادئه الوطنية ووقوعه في تناقض فاضح بين الجزأين الأول والثاني، فهذا الأمر أشار إليه رواد الفايسبوك من متابعي الدراما السورية كما ذكرنا في المقال، وربما كان يفترض بالمصري دخول مواقع التواصل الاجتماعي ومراقبة كمّ الانتقادات التي يواجهها مسلسله والإجماع النقدي عليه، حتى إنّه ما عاد أحد يدافع عنه ولا يراه ظريفاً أو عميقاً سوى «أبو جانتي» نفسه.