2013/05/29
حوراء حوماني – الأخبار
يرفض حاتم علي التعليق على الأزمة التي يشهدها بلده، لكنّه يتوقّف مطولاً عند «أزمة» من نوع آخر سبّبها مسلسله «عمر»، الذي أشعل الجدل قبل عرضه بحجّة أنّه مخالف للشريعة الإسلامية، التي تمنع تجسيد أهل البيت والخلفاء الراشدين. يقول المخرج السوري لـ «الأخبار» إنّ الجديد في «عمر» (تأليف وليد سيف) «اقترابه كثيراً من مجموعة من الشخصيات والرموز التي كانت حتى اليوم خارج الحضور الدرامي الفاعل بسبب ذهنية المنع والتحريم»، معتقداً أن «تهميش هذه الشخصيات في الدراما يعني تهميشها أيضاً في التاريخ».
ويشير علي إلى أنّ «معظم الأفلام والمسلسلات التي تناولت سيرة الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة تتعامل مع هذه الشخصيات عن طريق الإخبار أو «يقول لكم» أو «يأمركم» كأنّ هؤلاء كانوا منعزلين عن المجتمع والأحداث الكبرى»، معتبراً أنه «لم يعد مقبولاً في القرن الحادي والعشرين أن ننكفئ كعرب عن كتابة تاريخنا بالصورة». ويوضح أن سيرة هذه الشخصيات متوافرة في الكتب «ولا أحد يعترض رغم تناقض الكثير منها وعدم صدقية بعضها، لكن بمجرد طرح فكرة تحويلها إلى صورة تعلو الأصوات المعترضة». ويعزو صاحب «صلاح الدين الأيوبي» سبب الرفض إلى أنّ «هؤلاء يرفضون الصورة نفسها والفن برمته، كأن ثقافتنا الإسلامية تنبذ هذا النشاط الإنساني وتعارضه دوماً، كما أنها تخشاه». ويفسّر أن معظم الأصوات المعترضة على تجسيد سير الخلفاء الراشدين تستهجن قيام ممثل بتجسيد قامة كبيرة كهؤلاء، فيما يعتقد حاتم علي أنّ «هذا سؤال أخلاقي خارج سياق الفن أصلاً، ويعتمد على سوء فهم فن التمثيل نفسه على قاعدة أن المطلوب من الممثل أن يكون محترفاً وقادراً على تجسيد الشخصية من خلال موهبته لا التميّز بأخلاقها». ويشدّد علي على أن «الممثل ليس مسؤولاً عن النص أو الحركة أمام الكاميرا، بل إنّ المسؤولية الفكرية تقع على عاتق المخرج والكاتب». ويسجل موقفاً من ذلك: «عندما نصل إلى هذه النقطة لست على استعداد للمناقشة. النشاط الفني والفكري والثقافي للإنسان غير خاضع للمساومة وليس هناك من نص قرآني أو حديث نبوي صريح يقول بمنع أو تحريم ذلك».
ويعلق ساخراً على المقولة التي يسوقها المعترضون بأنّ المتفرج قد يخلط بين الممثل والشخصية التي يجسدها، معتبراً أنها مسألة غير منطقية «ومن يستنكر التجسيد، يتعامل مع المشاهد كأنه ما زال في مرحلة الطفولة، وهذا المنطق يذكّرني بردود الأفعال في العالم العربي والإسلامي عند اختراع التلفزيون نفسه، وكيف كان الرجل يخشى ترك التلفزيون بمذيعيه في الغرفة نفسها مع زوجته وبناتها، خشية الاختلاط».
وبعد الغوص في التاريخي وأعمال السيرة، هل يفكر حاتم علي في إنتاج «دراما مقاومة» أو «دراما سياسية معاصرة»؟ يجيب بطل «الجوارح»: «بعد «التغريبة الفلسطينية» لم يُطرح عليّ شيء يشجعني على العودة إلى أعمال مماثلة، مع العلم أنني أؤمن بأنّ هذا المسلسل هو من أفضل ما أتاحت لي الظروف تحقيقه في مسيرتي الفنية».