2013/05/29
تحقيق: أيهم اليوسف – دار الخليج
في السنوات الأخيرة، انتشرت ظاهرة المسلسلات “العربية المشتركة”، والتي جمعت نجوماً في التمثيل والكتابة والإخراج وحتى الإنتاج من دول عربية متنوعة، وكانت أبرز هذه المسلسلات مصرية، أما هذا العام فقد امتدت الظاهرة إلى الإمارات فشهدت تصوير مجموعة من الأعمال على أرضها، شارك فيها نجوم من مختلف الجنسيات العربية ليقدموا دراما رمضانية بنكهة مختلفة .
عن سر هذه “الخلطات” وما تضفيه على الدراما، سألنا مجموعة من المشاركين في هذا التحقيق . .
البداية كانت مع المخرج السوري مأمون البني، مخرج مسلسل “سالفة عمران” الذي ينتج باكورة مسلسلاته في دبي بعد أن ترك سوريا، وعندما حدّثناه عن الموضوع قال: يبدو أن نبوءتي تحققت، حيث طالبت عبر وسائل الإعلام منذ نحو 7 سنوات بوجود جامعة عربية توحد العرب عبر الدراما، لأن لكل بلد الأعمال الفنية المحلية الخاصة به وحان الوقت لتقديم أعمال مشتركة كما كان يحصل في بعض الأعمال التاريخية، وآن الأوان لتوحيد آلامنا ومشاكلنا كدراما عربية مختلطة .
أضاف البني: الذين يعيشون في دبي يشاهدون كل الجنسيات التي تذوب في دائرة واحدة وتصبح معاناتهم واحدة، لذلك أجد أن بلداً مثل الإمارات أو أي دولة في الخليج من المفروض أن تصنع دراما عربية مشتركة لتوحيد الدول العربية عبرها . وعندما نتكلم عن مسلسل يحوي عدة مضامين لعدة دول عبر شخصيات وعائلات عربية، فإن كل واحد يتكلم بلهجته وبالتالي هناك إمكانية التعامل مع اللهجات بطريقة أكثر سلاسة بحيث ندمج الممثلين العرب مع بعضهم البعض .
أما المخرج السوري عمار رضوان، مخرج مسلسل “أبوجانتي ملك التاكسي 2” الذي تم تصويره في دبي، وجد أن ظهور أكثر من جنسية عربية في عمل واحد له فائدته وتابع: هو شكل إيجابي للخروج من الحالة المحلية إلى الشمولية وللتعرف على طبائع وسلوكيات شعوب أخرى، وأنا أحبذه للتعارف والإطلاع على ثقافات مختلفة .
وأضاف: لا شك أن العمل في أي بيئة يتطلب مخالطة الناس الذين يعيشون فيها، وواجهتنا صعوبات في التعامل مع بعض الجنسيات في الإمارات، مثل عدم اتقانهم اللغة العربية أو الإنجليزية فكان من الصعب التفاهم معهم، أما بالنسبة للممثلين الخليجيين والعرب المشاركين في العمل فلم تكن هناك أية صعوبات وتعاملت معهم كما أتعامل مع السوريين، لكن الأدوار كانت مكتوبة باللهجة السورية وقام كل ممثل بتحويل كلامه إلى لهجته أثناء أداء الدور .
وعن انعكاس فكرة اشتراك ممثلين عرب في مسلسله قال رضوان: لكل مسلسل طبيعة خاصة، وبالنسبة إلينا فإن الحاجة هي التي أسست “هذا الاختراع”، حيث إننا صورنا في الإمارات نتيجة الأوضاع في سوريا، وكل عمل سوري يصور هنا سيخرج بطابع معين بعد أن خرج من المحلي إلى العام . وأتمنى أن تكون هناك تسهيلات للتصوير والحصول على الموافقات في دبي لاستقطاب مسلسلات جديدة .
كاتب السيناريو السوري حازم سليمان، تحدث عن تجربته في مسلسل “أبوجانتي ملك التاكسي 2” قائلاً: ظاهرة الأعمال العربية المشتركة تكررت في مصر وسوريا وبعض الدول العربية، ويبدو أنه أصبح لدينا حاجة للتعاون المشترك، وهي حالة إيجابية جداً، حتى عملية الإنتاج دخلت هذا المجال بدليل وجود منتجين أنتجوا أعمالهم في بلدان أخرى، ولكنها أحياناً تخلف حالة برود، فمثلاً طلب ممثلين من المغرب للتمثيل في بلد عربي آخر يؤثر سلباً على الدراما في بلدهم، لذا فإن الدراما المتطورة تتأثر بها .
وأضاف سليمان: لا يشترط على المسلسل المشترك أن يأخذ طابعاً معيناً، ولكنه في النهاية يرصد الهموم العربية، مثله مثل الصحافة التي تطرح قضايا عدة، وهذا مؤشر للتغير ولكنه يحتاج إلى وقت .
فيما يخص مسلسل “أبوجانتي” قال سليمان: لم نكن نقصد تعدد اللهجات، ولكن طبيعة دولة الإمارات التي تم تصوير المسلسل فيها تطلبت وجود شخصيات عربية وغير عربية، ما فرض علينا التعاطي معها، وأثناء كتابة النص كانت هناك جلسات لتحديد الأفكار والشخصيات والممثلين الذين سيؤدون الأدوار وتركنا موضوع اللهجة لاحقاً .
الممثل القطري غازي حسين، الذي يؤدي أحد الدورين الرئيسيين في مسلسل “سالفة عمران” في دبي، قال: إن العمل المشترك ممتع لأنه يحتوي على خليط من الممثلين يؤدون الأدوار من غير تصنع ولوي ذراع النص لإدخال شخصية معينة لأنها من بلد عربي ما أو أخرى من بلد آخر بهدف التنويع، بل إن ذلك يتطلب وجود كاتب متمكن يجمع فيها الشخصيات بطريقة محكمة تستدعي وجودها عبر الأحداث التي تصنعها الشخصية والتي تخضع لها .
وشبّه حسين المسلسل الذي يحوي على ممثلين من أكثر من بلد عربي بالمبنى الذي يضم مجموعة سكان من جنسيات عربية مختلفة شرط أن يكونوا متفاهمين مع بعضهم بعضاً، لا أن يتم جمعهم من قبل الكاتب لغرض جمع أكبر عدد ممكن من الممثلين من بلدان عربية مختلفة في عمل واحد .
واختتم حسين حديثه قائلاً: إذا حصلنا على مثل هذه الأعمال بدءاً من كتابة النص إلى عرضه على الجمهور بشكل ناجح فإنني متأكد أنها ستكون فكرة جيدة، ولكن السؤال كيف يتم الجمع بينها؟
الممثلة السورية كندة حنا، التي شاركت بدور سميحة في مسلسل “صبايا 4” والذي تم تصويره في دبي، أكدت أن المسلسل في جزئه الرابع عمل عربي، لأنه شارك في تمثيله أكثر من جنسية عربية وتم تصويره في بلد عربي وحمل من كل بلد ثقافة معينة وكل ممثلة في المسلسل أعطت صورة مختلفة عن الأخرى، وهذا ما يغني العمل ويقدم للمشاهد فرصة متابعة أكثر من ثقافة ومجتمع في عمل واحد .
وعن تعاملها مع فريق العمل والممثلات والممثلين من دول عربية عدة قالت حنا: شخصياً أتعاطى بمهنية عالية وحب التعاون بين الزملاء ليكون العمل ناجحاً، وأجد أن مشاركة أكثر من جنسية عربية في العمل يضفي عليه روحاً وأبعاداً جديدة .
ومن الممثلين الإماراتيين حدثنا النجم الدكتور حبيب غلوم، الذي يشارك في مسلسل “سالفة عمران” قائلاً: الإمارات أرض الضيافة بترابها وأهلها وتستقبل المبدعين منذ أربعة عقود ويشرفنا أن نعمل معهم، وبدأنا مع استوديوهات عجمان وتلفزيون دبي عبر شركة “دبي للأعمال الفنية”، “والخليج للأعمال الفنية”، وكنا نعد أعمالاً تغني الساحة الدرامية العربية بشكل كبير، ومنها أعمال عراقية ومصرية وأردنية وسورية وصورت هنا أهم المسلسلات في الثمانينات والتسعينات .
أما بخصوص مشاركاته التمثيلية في المسلسلات الرمضانية قال غلوم: في الفترة الراهنة نحن نستفيد من وجود هذا الكم من المسلسلات والممثلين لدينا هذا الموسم، وهذه المرة الأولى التي تشهد فيها نشاطاً ملحوظاً من حيث عدد المسلسلات فوق المعدل الطبيعي والظاهرة تأتي لصالح الدراما الإماراتية، وتلقيت عروضاً لأربعة مسلسلات لكن لم تساعدني ظروفي سوى للمشاركة في عمل واحد، وهذا يعني أن الساحة الفنية أصبحت متاحة للإماراتيين للمشاركة في أكثر من عمل، وهذا يدعم ويحث الآخرين لتقديم أعمال مضاعفة .
نهى رأفت ممثلة مصرية تشارك في “بنات الديرة” اعتبرت أن هذا المسلسل بطبيعته يضم مجموعة بنات من دول عربية مختلفة في سكن واحد، وهو بحد ذاته واقع نعيشه ولكن في قالب كوميدي، وأسهمت كل بنت في المسلسل من إغناء العمل من جانبها بلمستها الشخصية وبلهجتها المحلية، والجميل أن كل ممثلة منحت الأخريات أشياء جديدة، وبالتالي هذه الخلطة ستثري العمل وتبعد الملل عن المشاهد .
وعن تجربتها الشخصية مع اللهجات العربية الأخرى، قالت رأفت: درست في مدرسة في دبي فيها طالبات، أكثر من جنسية، وعشت هذه الحالة قبل أن أدخل مجال العمل الفني واستفدت من تجربتي هذه في التمثيل .
الممثل الإماراتي خالد البناي، الذي شارك في مسلسل “بنات الديرة” قال: الإمارات بلد آمن ومواقع التصوير مهيأة للأخوة العرب، ونحن كممثلين نساهم في السياحة عبر تصوير اللقطات الخارجية، وإن كان الاختلاط لصالح الدراما الإمارتية فإنه مكسب لنا نحن الممثلين، لأنه لولا وجود المنتجين الذين يأتون إلينا من الخارج لما كان لبعضنا نصيب المشاركة في مسلسلات غير إماراتية، لأن المحليين عددهم قليل ولا يغطون النقص الموجود لدينا .
وأضاف: بالنسبة للهجة فهي تعتمد على السيناريو، وبإمكان الحبكة الدرامية أن تضم ممثلين من اللهجات العربية كافة، وبالتالي فإن بعض الأعمال خاصة الإمارتية لا يمكن لغير الإماراتيين التمثيل فيها لعدم تمكنهم منها، وهذا لا ينفي وجود أسماء خاضت هذا المجال وبرعت فيه، مثل الممثل السوري جمال سليمان الذي تم تخصيص مدربين لتعليمه اللهجة المصرية ومرافقته أثناء التصوير، ورغم نجاح هذه التجربة فإن أداء كل ممثل للهجته المحلية أفضل .
تابع البناي قائلاً: بما أن المسلسلات تقدم لكل الناس فإن تنوع الممثلين فيها يكسبها طابعاً جماهيرياً أكبر، وفتحت لنا دبي باباً لهذا التعاون بعد نجاح فيلم “المهمة المستحيلة” للممثل، توم كروز، واستطاعت الشركات العالمية أن تلقي نظرة على دبي ووجدوا فيها مقومات كثيرة .
الممثلة السورية لونا حسن، التي شاركت في مسلسل “بنات الديرة” وقد تم تصويره في رأس الخيمة قالت: باعتبارنا عرب فإنه لا فرق بين ممثل وآخر بقدر ما نحصل على فائدة من اختلاطنا ببعضنا بعضاً والخبرات المتبادلة من الأطراف المشاركة كلها .
وعن مشاركتها في “بنات الديرة” مع باقة من الممثلات والممثلين العرب قالت: من خلال مشاركتي في هذا المسلسل بدأت أتطلع للمشاركة في أعمال إماراتية، شرط أن يكون الدور جديراً بي وأسعى لذلك رغم اختلاف اللهجات، كذلك يجب أن يكون المسلسل الإماراتي مطعّماً باللهجات العربية .
نهاية الجولة كانت مع الممثل السوري يحيى بيازي، الذي جسد دوراً في مسلسل “كمون وليمون” في سوريا وشارك في مسلسلي “أبوجانتي ملك التاكسي 2” و”صبايا 4” في دبي، وبعد الانتهاء منها يستعد للسفر إلى سوريا لتصوير مسلسل “ثنائيات الكرز” في دمشق، وأكد بيازي أنه مرّ بتجربة جديدة خلال هذا الموسم لاشتراكه في أكثر من مسلسل من بطولة وتمثيل ممثلين عرب وخليجيين . وقال: رغم اختلاف البيئة وبعض التفاصيل الصغيرة والتعامل بين الدول العربية، إلا أن اشتراك ممثلين من أكثر من بلد عربي في عمل واحد يعد وضعاً صحياً جيداً، والمميز في هذه التجربة أنني تعرفت على ممثلين وممثلات عرب وخليجيين وحصلنا في النهاية على عمل له نكهته الخاصة لتلاقي الطباع المختلفة في مسلسل واحد، خاصة بالنسبة للكوميديا الخفيفة .