2013/05/29
خلدون عليا – تشرين
شكلت السيرة الذاتية لعدد من المشاهير في مختلف مجالات الحياة مادة دسمة للدراما العربية عموماً والسورية خصوصاً لإنتاج أعمال درامية تروي سيرة حياة هؤلاء المشاهير..
ولا يخفى على أحد النجاحات الكبيرة التي حققها بعض هذه الأعمال رغم الجدل الكبير حول مصداقيتها ولاسيما أن أعمال السيرة الذاتية تشكل مادة دسمة للجدل والخلافات حول مدى مصداقية المسلسل وتناوله للجوانب الايجابية والسلبية في حياة المشاهير الذين تم تناولهم في هذا النوع من الدراما سواء كانوا فنانين أو سياسيين، أو ملوكاً، أو أمراء، أو خلفاء راشدين.... الخ.
ولعل من اللافت أن أغلب أعمال السيرة الذاتية التي تم تقديمها في الدراما هي في أغلبها دراما عربية مشتركة سواء تركزت في سورية أو في مصر حيث غالباً ماتشهد هذه الأعمال مشاركة فنانين من مختلف الجنسيات العربية، إضافة إلى تنوع المخرجين والفنيين و شركات الإنتاج التي تقف وراءها.
ولا يمكن أن ننكر أن أعمال السيرة الذاتية حققت بداية نجاحها المدوي من خلال المسلسل الذي تناول سيرة حياة كوكب الشرق الفنانة الراحلة «أم كلثوم» رغم ما ناله من انتقادات حول مصداقية العمل وطريقة تعاطيه مع كل جوانب حياة الراحلة بسلبياتها و إيجابياتها لتتبعه أعمال أخرى حول حياة عدد كبير من المشاهير ولعل في مقدمتها مسلسل «أسمهان» للمخرج التونسي شوقي الماجري و بطولة الفنانة السورية سلاف فواخرجي وقد أثار جدلاً كبيراً جداً وحدث حوله العديد من المشكلات والصدامات إلا انه حقق نجاحاً منقطع النظير ولتستمر دراما السيرة الذاتية في حضورها محلياً وعربياً بمختلف أشكالها سواء بتناولها للشخصيات التاريخية القديمة جداً أو من خلال تناول شخصيات تنتمي للتاريخ المعاصر.
ولعل الموسم الماضي كان الموسم الأكثر إثارة للجدل بشأن دراما السيرة الذاتية من خلال مسلسل «في حضرة الغياب» الذي يروي سيرة الشاعر العربي الراحل محمود درويش حيث نال العمل الكثير من الانتقاد في حين عدّ أنه لم يصور حياة الراحل الكبير بالصورة المطلوبة ، وقد سبقه بموسم مسلسل «القعقاع بن عمر التميمي» للمخرج المثنى صبح والذي حقق نجاحاً فنياً لافتاً إلا أن ما عابه من وجهة نظر الكثيرين بعده عن الدراما في الطرح وقربه من المقاربة التاريخية بشكل كبير ما جعل الكثيرين يشبهونه بالعمل الوثائقي أكثر منه بالعمل الدرامي.
أما في الموسم الحالي فإن حضور دراما السيرة الذاتية سيقتصر على عمل واحد تاريخي وهو «الفاروق» من تأليف وليد سيف و إخراج حاتم علي, حيث سيروي هذا العمل سيرة ثاني الخلفاء الراشدين الخليفة عمر بن الخطاب ومارافق حياته من حروب وفتوحات إسلامية وغيرها من القضايا وقد حصل العمل على موافقات مرجعيات دينية كبرى في الوطن العربي إلا انه مازال يثير الكثير من الجدل قبل عرضه ولاسيما أننا سنشهد وللمرة الأولى في الدراما ممثلين بالصوت و الصورة يقومون بأداء ادوار الخلفاء الراشدين إضافة إلى صحابة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، حيث برزت في الآونة الأخيرة عدة مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى منع عرض مسلسل «الفاروق» لكن على مايبدو أن العمل محصن من مراجع دينية متعددة وافقت على نصه وطرحه, وبالتالي فإن الانتظار لحين موعد العرض خلال شهر رمضان المبارك على قناة mbc هو الذي سيحكم على العمل وعلى مستواه التاريخي والفني.
وبهذا ستقتصر أعمال السيرة الذاتية في موسم 2012 على مسلسل «الفاروق» في حين أن هناك عملاً آخر يمكن أن ينتمي للنمط نفسه ألا وهو «الصادق إمام الفقهاء» للمخرج سامي الجنادي إلا أن شح المعلومات المتوافرة عن العمل وعن الجهة المنتجة له لا يمكن أحد من معرفة طبيعة العمل ونوعيته لنبقى بانتظار العرض الرمضاني أيضاً والذي لم تتضح معالمه بعد، أما التحضيرات للموسم المقبل فتشير إلى وجود عملي سيرة ذاتية على الأقل وهما المسلسل الذي يروي سيرة الراقصة المعروفة «بديعة مصابني» والذي سيكون من إخراج وائل رمضان وبطولة سلاف فواخرجي، والعمل الثاني الذي بدأ تصويره هو «رابعة العدوية» للمخرج زهير قنوع وتلعب دور البطولة فيه الفنانة نسرين طافش، بينما يكثر الحديث محلياً عن إنتاج مسلسل يروي سيرة الفنان السوري الراحل خالد تاجا ولم تنجل حقيقة هذه الأقاويل بعد ومدى مصداقيتها ولاسيما أن الراحل كان يكتب سيرته الذاتية بنفسه كما انه قبل وفاته رشح أكثر من اسم لتأدية شخصيته... وعربياً هناك حديث عن إنتاج مسلسل يروي سيرة الفنانة العربية الراحلة وردة الجزائرية وقد بدأ الحديث عنه عقب وفاتها في حين لم تتضح أي معلومات عنه وهل الكلام حقيقي أم مجرد أقاويل.
وفي الختام فإن دراما السيرة الذاتية تعد جزءاً مهما ومؤثراً من أجزاء وأنماط الدراما العربية عموماً والسورية خصوصاً لما لها من دور تعريفي بحياة المشاهير بمختلف اختصاصاتهم ولكن يبقى الشرط الأهم لنجاح هذه الأعمال هو مدى مصداقيتها وملامستها لواقع الشخصية التي يتحدث عنها العمل و مدى إظهارها جوانبها الايجابية والسلبية بآن معاً وعدم الاكتفاء بجانب واحد فقط ما يحول العمل من سيرة ذاتية إلى مديح فقط وهذا الأمر يجعل الجمهور يمتنع عن متابعته.