2013/05/29
عهـد صبيـحة
في فيلم زهور عباد الشمس العمياء The Blind Sunflowers يقدم المخرج خوسيه لويس كيوردا تجسيداً سينمائياً لرواية إسبانية شهيرة تحمل نفس العنوان. يكشف الفيلم الصراع المحتدم داخل رجل دين بين التزامه بتعاليم دينه ومبادئ الكنيسة، وبين مخالفته لهذه التعاليم بسبب رغبته تجاه امرأة يظنها أرملة ويطاردها بنظراته المشتهية آملاً النيل منها.
يعود سلفادور، رجل الدين المرشح أن يصبح قسيساً، من الحرب الأهلية الاسبانية ليعترف أمام قسيس الكنيسة بأنه تعب من آثامه التي ارتكبها في الحرب حيث قتل وأعدم بيد باردة لعدة مرات. ينصحه القسيس بأن يترك ذنوبه للمسيح وله ويلتفت إلى واجباته بعد أن ينقله إلى المدرسة المحلية ليدرّس فيها. وهناك يتعرف سلفادور على إيلينا والدة تلميذه لورنزو. وإيلينا تعيش مع زوجها المختبئ في حفرة داخل منزله هرباً من بطش نظام فرانكو الاستبدادي، في الوقت الذي تهرب فيه ابنتهما الحامل مع عشيقها الشيوعي باتجاه الحدود مع البرتغال هرباً من بطش النظام. وفي وقت لاحق من الفيلم تموت الابنة ويقتل عشيقها مع ابنها الرضيع.
يخفي لورنزو حقيقة أبيه المختبئ ويدّعي أنه قتل في الحرب مع الروس، ما يجعل إلينا أرملة مباحة في نظر سلفادور الذي تأكله الرغبة تجاهها. تزداد هذه الرغبة بعد أن يعترف للقسيس بما طرأ على غرائزه. يحاول سلفادور التقرب من إلينا قدر استطاعته وهي تواجهه بالتهرب، ولا يتورع عن طرق بابها أكثر من مرة، بحجة اهتمامه بولدها، والتحرش بها ومحاولة اغتصابها، فيخرج ريكاردو من مخبئه مدافعاً عن زوجته ليكشف أمره وينتحر آخر الأمر بعد أن يفضحه سلفادور.
تعتمد حبكة الفيلم الرئيسية على فكرة تقليدية طرحت أكثر من مرة في السينما وهي التقاء السلطة مع الدين، ففي الفيلم اجتمعت رموز السلطة السياسية الاستبدادية (فرانكو) مع رموز السلطة الدينية الرجعية (الكنيسة) ليشكلا نسيجاً واحداً: القسيس الذي يبرر القتل والإعدام/ مدير المدرسة الذي يتوعد لورنزو لعدم ترديده النشيد الوطني/ سلفادور رجل الدين الذي يرتدي زيه العسكري قبل محاولته اغتصاب إيلينا/ رجل الأمن الذي يضغط على إيلينا من أجل كشف مكان زوجها. كل الشخوص السابقة اتحدت في شكل واحد من أجل القضاء على ثورة الشعب الضعيف، كما مثل الاعتراف في الفيلم بشكله الديني والسياسي وسيلة للتخلص من آثام القتل (جسدياً/نفسياً) الذي مارسه النظامان.
في حوار في بداية الفيلم يقول القسيس لسلفادور:" لا تتبع طريق الضالين وتكون مثل عباد الشمس الأعمى (لا يرى الشمس ويضل الطريق)"، ربما تكمن في هذه العبارة زبدة الفيلم لأن الأيام أثبتت ضلال نظام فرانكو وانعكست العبارة على صاحبها، رفضت إيلينا ارتباطها الجنسي مع سلفادور، مع كل رغبتها للحب وضعفها الذي أوضحه الفيلم، وبذلك رفضت خنوع الشعب لإرادة السلطة على الرغم من كل الموت والانتحار الذي رافق درب هذه الثورة.
خوسيه لويس كيوردا
ولد في اسبانيا عام 1947. مخرج وسيناريست ومنتج، من أهم مخرجي ومنتجي الفن السابع في إسبانيا، أنتج ثلاثة من أفلام آليخاندرو أمينابار. أهم أفلامه:
La educacion de las hadas 2006، Primer amor 2000، Asi en el cielo comoen la tierra 1995، Amanece que no es poco 1988.