2013/05/29
وسام كنعان - الأخبار حاول فريق عمل المسلسل السوري «لعنة الطين» بذل كل جهده ونواياه لرفع السقف الرقابي في الدراما التلفزيونية. لكن بدا واضحاً مع نهاية عرض العمل على الفضائيات العربية، أن النية وحدها لا تكفي، وخصوصاً أن المسلسل لم يرفع أي سقف رقابي، بل على العكس، تدخّلت الرقابة تدخّلاً فاضحاً في كل تفاصيل السيناريو. هكذا حاول النص، الذي كتبه سامر رضوان، فضح بعض أشكال فساد المجتمع السوري في فترة الثمانينيات، معتمداً اعتماداً مباشراً على شخصية نائب رئيس الجمهورية السابق عبد الحليم خدام وبعض المستفيدين من فترة وجوده في الحكم. ولا شكّ في أن الكاتب تمتّع بجرأة كبيرة للتفكير في تقديم هذا العمل، ولكن للأسف جاءت النتيجة عكسية. قبل عرض العمل، قال المخرج أحمد إبراهيم أحمد لـ«الأخبار» «رفعت الرقابة سقف الحرية في «لعنة الطين»، وسمحت بتناول مواضيع لم تعالجها الدراما السورية سابقاً». وهو التصريح الذي اتّضح لاحقاً أنه غير صحيح، وخصوصاً أن الرقابة أخذت تتدخّل في كل شاردة وواردة بعد الانتهاء من التصوير. ما أثّر تأثيراً سلبياً في بنية المسلسل الدرامية، وجعل مخرجه يلجأ إلى حلول إخراجية بدائية. مثلاً كان يفترض حسب السيناريو أن يلتحق عامر (مكسيم خليل) وجواد (وائل شرف) بالكلية الحربية مع عبد الله سلام (خالد تاجا بدور عبد الحليم خدام)، على أن يتخرّجوا بعد ثلاثة أشهر، وهو ما يمكن حصوله بسهولة عند ملامسة حقيقة تلك المرحلة. لكن الرقابة منعت ذلك، وأصرّت على أن تكون المدة ثلاث سنوات، وهي المدة الكاملة التي يقضيها طلاب الكلية الحربية حتى يحصلوا على رتبة ملازم. هكذا، وقع العمل في مأزق كبير، بدا فيه كأن الزمن توقّف لثلاث سنوات لم يحدث فيها أي تغيير في أشكال الممثلين. كذلك بدا دور المثقف الثوري، الذي أدّاه عبد الحكيم قطيفان بشخصية «الخال»، فقيراً وبائساً على المستوى الدرامي، فعجز المخرج من خلاله عن إيصال جوهر هذه الشخصيات التي أدّت دوراً مهمّاً في تلك المرحلة. وبدا حديث «الخال» عن ذكرياته مع الحروب اللبنانية في سهرات السمر، وعلى طاولات المطاعم منفّراً ومقحَماً في سير أحداث العمل. بينما غابت عن النص أية إشارة إلى الحدث الأبرز سورياً في مرحلة الثمانينات، وهي أحداث الإخوان المسلمين. وبعيداً عن كل ما سبق، ورغم الأداء المتقن لمكسيم خليل، الذي يبشّر بمستقبل باهر، كان اختيار معظم الأبطال الشباب غير مقنع، وخصوصاً لجهة العمر. إذ إنّه من غير الممكن مثلاً أن تجسّد كاريس بشار دور مراهقة في السابعة عشرة من عمرها... أما الطامّة الكبرى، فكانت اختيار روعة ياسين لتجسّد دور طالبة جامعية. لكن قد يشفع للمخرج هنا سعيه إلى تسويق العمل جيداً من خلال اختياره ممثلين ــــ نجوماً، وخصوصاً أنّ المحطات العربية تفضّل العمل الذي تجسد أدواره مجموعة من الممثلين المعروفين. من جهة أخرى، لجأ الكاتب إلى فضح تجاوزات خطيرة لشخصيات وصلت إلى مناصب حساسة، من خلال شخصية جواد، الذي زوّر شهادته الثانوية. لكن الطريقة التي عولجت بها المسألة بدت أشبه بالمصادفات الهندية. ولكن رغم كل الانتقادات، لا بد من القول إنه لو توافرت للعمل ظروف إنتاجية ورقابية أفضل لحقّق قفزة نوعية للدراما السورية.