2013/05/29
سها الشرقاوي – الشرق الاوسط في شهر رمضان من كل عام يفاجئ الفنان يحيى الفخراني جمهوره بتقديم عمل درامي مختلف، تحت هذه المظلة خاض الفخراني هذا العام مغامرة الدراما التاريخية بمسلسل «شيخ العرب همام»، وكانت مفاجأة أن يحقق المسلسل أعلى نسبة مشاهدة في الماراثون الرمضاني وفق شهادة الجمهور والنقاد. «الشرق الأوسط» التقت الفخراني وهو في قمة سعادته بنجاح مسلسله، بعد أن تلقى الإشادة من الجمهور العربي والغربي، وفي حديثه يكشف عن تفاصيل «شيخ العرب همام»، التي كانت شخصيته تناسب وجوده قبل 3 قرون، لكنها لا تصلح للوجود في هذا الزمان. المزيد عن المسلسل وصعوباته في نص الحوار.. * هل أنت راض عن ردود الأفعال بعد انتهاء عرض «شيخ العرب همام»؟ - أعتبر رد فعل الجمهور هو التقييم الحقيقي لأي عمل، وأنا راض كل الرضا عن ردود الأفعال، فقد كانت مفاجأة بالنسبة لي، فلأول مرة أسمع أن «شيخ العرب» هو أفضل عمل لي على الإطلاق، على الرغم من نجاح كل أعمالي السابقة، ولكن نجاح شيخ العرب دفع الناس ليصنفوه كأفضل عمل لي، وما أدهشني حقا هو رد فعل الأطفال، فكانوا ينادونني بشيخ العرب، و«شيخ العرب» حقق أعلى نسبة مشاهدة على مستوى الوطن العربي، بل الغربي أيضا، فقد تلقيت اتصالات كثيرة من مختلف الجاليات العربية للإشادة بالعمل. * ما الغريب في مناداة الأطفال لك بشيخ العرب؛ فمن قبل أطلق عليك الأطفال أيضا «أوبرا» و«حمادة عزو» و«ابن الأرندلي»؟ - الأمر مختلف، فكان شيئا غريبا، فالعمل ثقيل في أحداثه، ويحتاج إلى تركيز شديد، لأنه ملحمة تراجيدية تشبه أبطال قصص وليام شكسبير، التي كان يسقط فيها البطل في النهاية، فالمسلسل يتحدث بلهجة الصعيد الجواني، ويسرد حكاية رجل له مكانة كبيرة في الصعيد، وهو مليء بالأحداث السياسية الكبيرة التي مرت علينا، ولكن المؤلف، عبد الرحيم كمال، كان ذكيا في محاولته إدخال الدراما في السياسة، بترجمتها في أحاديث وكلام مونولوجي، فبشكل عام المسلسل لا يناسب الأطفال، بعكس «حمادة عزو» على سبيل المثال، ولكنهم على الرغم من صعوبته أعجبوا به جدا، والأطفال لا تعرف المجاملة. * كيف دار الحديث بينك وبين شيخ العرب همام في المراحل الأولى من قراءة السيناريو؟ - كان الأمر صعبا للغاية في البداية، فكان يجب أن أقرأه كما كتبه المؤلف، كما أن الشيخ همام استحوذ على تفكيري من أول ورقة قرأتها، وأنا استعنت بورقتين مكتوبتين في الجبرتي، وحولت الشخصية إلى لحم ودم من الورق بنفس الطريقة التي كتب بها السيناريو، ولم أغير فيها، ولكن مفاتيح الشخصية كانت لعبتي، فكيف يكون ديكتاتوريا في وقت معين، وكيف يغلب عليه الحنان في وقت آخر، وقد كان شيخ العرب ديكتاتوريا جدا، وقد ظهرت الديكتاتورية في جملة قالها: «هوارة هي شيخ العرب»، وهو شخصية مناسبة للزمن الذي عاش فيه. * هل ترى أن شيخ العرب مناسب لزمننا الآن؟ - لا يناسب زمننا، فهو شخصية مرفوضة الآن، فعلى الرغم من أنه عادل ويتمتع بالإنسانية، فإنه يأخذ القرار وحده، وقوته في زمنه أنه كان القانون الحاسم في وقته، وهذا لا يناسب هذا الزمن، لأننا نعتمد على المؤسسات التي يحكمها القانون، وأنا أعتبر أن شيخ العرب همام يساوي مؤسسات. * هل يستحق شيخ العرب أن تُسرد شخصيته في مسلسل درامي كامل؟ - لا تهمني شخصية هذا الرجل بقدر ما يهمني كون العمل دراميا قويا، والشخصية التي سأجسدها، مهما كانت قيمتها، مع عمل درامي ضعيف لن أقدم عليها ولو كانت أعظم الشخصيات، فالأحداث الدرامية كانت جديرة بأن تسرد في مسلسل درامي، وكان يجب أن تكون قائمة على شخصية شيخ العرب، لأنه مركز الأحداث وتدور حوله القصة بأكملها. * على الرغم من ديكتاتورية شيخ العرب فإنه كان عاطفيا جدا.. أليس ذلك تناقضا؟ - شيخ العرب هو زعيم بلد بأكمله، ومن المعروف أن أكثر الشخصيات عطفا ولهم قلب مرهف هم الزعماء، ويوجد الكثير من الأمثلة على ذلك، بل إنهم يدخلون الحروب بعاطفية، وتؤثر عاطفيتهم على الشعوب، فيكون هناك حب للقائد على الرغم من أخطائه، ولذلك كان يجب أن تكون الشخصية واقعية كغيرها من الزعماء. * وما حقيقة علاقته بأخيه الشيخ سلام؟ - كل الأشخاص الموجودة في العمل تقريبا حقيقية، إلا شخصية الشيخ سلام، كانت من وحي خيال المؤلف، والشيخ سلام كان الأقرب لهمام، وكان يمثل للشيخ همام قلب الطفل، وهذا ما ظهر في الأحداث التي تؤكد أن سلام يمثل حجر الأساس عند همام، وهناك مقولة كان يقولها: «العقل اللي مفيهوش مكان للقلب عقل خربان». * ما المقصد من التركيز على خلافات شيخ العرب همام مع المماليك؟ - يمكنك أن تري ذلك في مرآة ما نعيشه الآن من خلافات الشرق الأوسط مع الغرب، فهي العلاقة بين قوتين، محلية وخارجية، والمهم هو وجوب أن يكون الحاكم عادلا من الداخل ويتحلى بالقوة من الخارج، وأن يعيش على كل المستويات، فكان يحاسب نفسه أولا بأول ويهتم بالعدل حتى مع أعدائه، فالأمر برمته خلفية لواقعنا الحالي. * ولماذا التركيز على حياته العائلية، خاصة مع زوجتيه؟ - كان مقصودا أيضا، فالتركيز في الحلقات الأولى هو وسيلة لجذب المشاهد العادي، ولكن بعد ذلك كانت الأحداث الحقيقية الثقيلة، وكنا نرغب في توضيح حياته داخل بيته على الرغم من جبروته، فهو عاطفي من الدرجة الأولى. * لماذا كُتب في بداية «تتر العمل» أن الأحداث من واقع خيال المؤلف على الرغم من حقيقة وجود شيخ العرب همام؟ - هذا العمل ليس سيرة ذاتية بالمعنى الحرفي، فهو عمل درامي اعتمد المؤلف فيه على كتاب الجبرتي، الذي تناول في أحد فصوله حياة هذه الشخصية، وكيف كان يعيش منذ ثلاثة قرون، وقد توالت الخيوط الدرامية في المسلسل لتتجلى في خيانة ابن عمه له وتأثير هذه الخيانة على حكمه، وقد أضفنا كذلك شخصيات وأحداثا لم تكن موجودة في نص الجبرتي، وبذلك لا يعتبر سيرة ذاتية حقا في ظل عدم الالتزام التاريخي بالشخصية، فكنا نأخذ فقط الأسماء والطريقة، ولكن الأحداث كلها من خيال المؤلف، ولا علاقة لها بالأحداث الحقيقة. * لماذا اتُّهمت بالإساءة إلى شيخ العرب من قبل أحفاده؟ - أنا لم أسئ إليه، ولكن هناك بعض المشاهد التي تضمنها المسلسل كمشاهد «السقا» التي تحمل النبرة الصوفية، فهذه المشاهد لم تسئ لشخصية الحاكم، بل تدل على تواضع هذا الرجل وقربه من الناس، وعلاقاته بزوجاته كانت بعيدة عن أي إساءة؛ فأظهرناه كحاكم عادل وصاحب قرار، فأين الإساءة؟ والهجوم على المسلسل كان قبل عرضه، وقد كتبنا أن العمل من وحي خيال المؤلف، والشخصية في النهاية انتهت كالشخصيات العظيمة، ومن المفروض أن يقيموا تمثالا للمؤلف عبد الرحيم كمال بدلا من الهجوم على المسلسل، فمن كان يعرف من هو شيخ العرب همام؟! لقد عرف الناس به ولم يكن يعرفه إلا محبو التاريخ وهم قلائل، ولكن في النهاية الدنيا قائمة على الاختلاف في التفكير، وأن يكون هناك هجوم على أي عمل فذلك أمر طبيعي، وليس بجديد. * لماذا لم يتم تغيير اسم المسلسل لتفادي مثل هذه الخلافات؟ - بالفعل أنا اقترحت على المؤلف، عبد الرحيم كمال، أن يغير الاسم ويكفي أن يعرف محبو التاريخ أو من يرغب في المعرفة أن الشخصية هي شخصية شيخ العرب همام، ولكنه رأى أن حلاوة القصة أن يظهر باسمه الحقيقي. * هل بالفعل طلب أحفاد الشيخ همام أن يطلعوا على السيناريو؟ - كان هناك أكثر من اتصال بينهم وبين المؤلف، وهو يعتقد أن الخلاف كان في الاطلاع على السيناريو، وكان من حق المؤلف أن يرفض، فلا يجوز أن يُفرض على المؤلف كتابة شيء أو حذفه، فهو صاحب الرؤية والمطلع على القصة، والموجودون الآن هم أحفاد أحفاد شيخ العرب، لا يعرف أحد منهم شكل شيخ العرب ولا طريقة حياته ولا أي شيء عنه. * هل بالفعل رفض أهل مدينة فرشوط التصوير هناك؟ - لم يحدث هذا، وأنا قمت بزيارتها قبل التصوير مع المؤلف ومهندس الديكور، وكنت أرغب في التصوير هناك، ولكن المكان تغير جدا ولم يناسب أحداث المسلسل، فقمنا ببناء الديكور كاملا. * لماذا كانت أحداث الحلقة الأخيرة صادمة بهذا الشكل؟ - تصوّر الحلقة الأخيرة كان مطابقا لما هو مكتوب في الجبرتي؛ أنه مات مكبوتا من خيانة ابن عمه، وكان لا بد من تجسيد ذلك على الشاشة بشكل صحيح جدا، وكان يجب أن تلعب الدراما دورها في السكتة القلبية التي أصابته قبل الخيانة ولم يستطيع أن يتحملها، فلم تكن الخيانة متوقعة، ولذلك كانت الصدمة أكبر بكثير، ويمكن أن تؤدي إلى الموت في الحياة الطبيعية. * لماذا لم تستعن بشبيه في الدور الثاني لشيخ العرب همام؟ - أنا لم أرغب في تقديم هذا الدور، ولكني وافقت بناء على طلب المخرج، لأنهم لم يجدوا شبيها لي، وكان المشهد «على الهواء»، وقمنا بعمل مكياج، وكان يجب أن يكون رجلا فقيرا وسعيدا برؤية شيخ العرب، وموضوع البدائل موجود في عصرنا؛ فصدام حسين كان له بدائل يقلدونه في الكثير من الأحداث، وغيره كثير. * ما هو أصعب مشهد في شيخ العرب؟ - المشاهد كلها كانت صعبة، وخاصة المشاهد التي تمت إعادتها أكثر من مرة، ولكن أصعبها كان مشهد الحرب، وجريه بالحصان صعب جدا، خاصة أنه أثناء التصوير كدت أصاب في رقبتي. * كل عمل درامي له رسالة؛ فما هي رسالة شيخ العرب؟ - لو لم يكن هناك مجموعة رسائل في الأعمال الدرامية فسيكون العمل فاشلا. و«شيخ العرب» فيه الكثير من الرسائل، ولكن أترك لكل شخص أن يستوعب الرسالة التي تصل إليه. * لماذا استمر تصوير المسلسل حتى نهاية شهر رمضان؟ - العمل كان مرهقا جدا بكل المقاييس، فاستغرق تصويره ستة أشهر وبضعة أيام من دون توقف، لأن التصوير الخارجي كان كثيرا، والمعارك كان يجب أن تصور بشكل تكنيكي مناسب، وهو أكثر عمل أرهقني في حياتي الفنية، ولكن السعادة التي غمرتني لم تشعرني بالوقت. * وماذا عن مشروع «محمد علي»؟ - نحن بصدد التجهيز للمسلسل بعد تعديل السيناريو من فيلم إلى مسلسل، من قبل المؤلفة لميس جابر، وللعلم فأنا صاحب هذا الاقتراح، لأن شخصية محمد علي تحتاج إلى مساحة أكبر من العرض، وسوف نبدأ التصوير في شهر نوفمبر (تشرين الثاني), وأنا الآن أجهز للشخصية نفسيا، وأرى أن شيخ العرب خدمني في الكثير من تركيبة محمد علي، مثل اللحية والتدريب على المعارك. * هل محمد علي استكمال لعصر شيخ العرب همام؟ - أنا أعتبر أن عصر شيخ العرب همام هو الجزء الأول لعصر محمد علي، فشيخ العرب توفي يوم ميلاد محمد علي، فبينهما تقريبا أربعون عاما، وقد كان عصرا مختلفا تماما. * هل تابعت الأعمال الرمضانية هذا العام؟ - في بداية الشهر كنت في إجازة، ومررت مرورا سريعا على الأعمال، وكنت أنوي متابعة مسلسل «الجماعة»، ولكن التصوير منعني من متابعته. * هل ترضى عن أعمالك عندما تشاهدها؟ - أنا لا أحب أن أتابع أعمالي، فأنا لا أرضى عن المَشاهد حتى في المونتاج، ولكن رد فعل الجمهور هو ما يجعلني أرضى عن نفسي. * لماذا لم تقدم مسلسلا إذاعيا هذا العام؟ - كان هناك اتفاق مع الكاتب الدكتور مدحت العدل على بطولة مسلسل، ولكن بسبب ضيق الوقت في تصوير «شيخ العرب» لم أستطع القيام بغيره، لكن المشروع ما زال قائما، ولكنه يحتاج إلى بعض التعديلات.