2012/07/07
عبد الغفور الخطيب - البعث
جاءت الدراما البيئية التي انتشرت في العقد الماضي بديلاً عن الفانتازيا التي اكتسحتنا طوال عقد التسعينيات، فقد غرقنا في الفانتازيا زمناً، وكدنا لا نخرج منها إلى أن جاءنا الفرج بالدراما البيئية، وها نحن اليوم لا نعرف كيف نخرج من البيئية، فكل يريد أن يترك بصمته هنا، كما تركها هناك في الفانتازيا.
ثم هناك دراما الحسناوات، وكأننا في عرض للأزياء في كبريات دور العرض، وليس بصدد صناعة درامية يجب أن تكون واضحة المعالم، أو على الأقل أن يكون الطريق إليها ممهداً، كي لا نقع فيما وقع فيه غيرنا، وأقصد الدراما المصرية أواخر ثمانينيات القرن الماضي، حيث النمطية المستهلكة، واللغة التي لم تتجدد طوال ثلاثة عقود، والاستسهال الذي أصيبت به، وغير ذلك من أمراض أصابتها ووصلت بها إلى طريق مسدود، مع التأكيد على وجود نقاط مضيئة في تاريخ الدراما المصرية لا يمكن تجاوزها، لجهة الموضوع المطروق أولاً، ولطريقة المعالجة والرؤية الإخراجية، وغير ذلك ثانياً، كما في أرابيسك، ورأفت الهجان، وليلة القبض على فاطمة، وليالي الحلمية، وغيرها من الأعمال الدرامية التي كانت علامات في تاريخ الدراما المصرية والعربية.
ولكن حتى اليوم لم يعقد مؤتمر للدراما يتناقش فيه الجميع بشؤونها واقعاً إبداعياً وإخراجياً وفنياً وإنتاجياً وتجارياً، باستثناء الملتقى الذي أقيم منذ سنتين بشأن الدراما السورية، وأعتقد أن هذه الدراما بتاريخها الطويل تحتاج لملتقيات عدة بحكم تطور الظروف والمعطيات التي تحكم تاريخ هذه الدراما الطويل والغني، وإلى هذا الوقت لم تفرد لها المجلات المتخصصة ملفات لدراستها عن كثب والبحث فيها برؤية نقدية أكاديمية، فهل هناك خشية مثلاً من فتح ملف الدراما السورية، أم أننا غير قادرين على هذا العمل النقدي الكبير؟ أم نكتفي بتلك الندوات التلفزيونية الحوارية التي اعتدنا عليها لسنوات، والتي لا تقدم ولا تؤخر كونها جلسات ولا أقول ندوات حوارية مع بعض ممن عمل في هذا المسلسل أو ذاك، وبالتالي نراها لا تضيف جديداً سوى إطلالة ختامية لأبطال المسلسل على الجمهور بعد انتهاء عرضه؟.
يقول صديق محب لدرامانا: فتنتنا الدراما السورية في بداياتها الثانية منذ عقدين، ولكنها استهلكت نفسها بنمطية مقززة، فراح الجميع يعملون كما لو أن واحداً فقط هو الذي يعمل، وهكذا ضاعت الجهود لانعدام تقييم حقيقي للدراما، أو لعدم بحث فيما يجب أن تقدمه، وهو ما جعلها تقف في لحظتها.
وقد يكون للجهات الإنتاجية التي شاركت وعملت في صناعة الدراما السورية أثرها السلبي، وأقصد تحديداً الخليجية التي تنتج دراما سورية بمواصفات خليجية، ما أفسد ذائقة الجميع، فهل من ينتبه من صناع الدراما إلى ضرورة متابعة قضايا الدراما السورية بشكل دائم ومستمر حتى نتمكن من صناعة درامية تبقى منافسة للدراما العربية الأخرى.. ألم يحن الوقت بعد لندوات نقاشية مطولة عن الدراما بصيغة مؤتمر؟!.