2012/07/07
ديما ديب – الوطن السورية
غسان شميط مخرج سينمائي حمل طموحاته من مدينة القنيطرة الأثرية المفعمة بالحضارة، ليدخل في صراع مع الكاميرا وبعدها البؤري عندما حصل على ماجستير في الإخراج السينمائي من المعهد العالي للسينما في كييف 1982.
قدم للمؤسسة العامة للسينما عدداً من الأفلام الوثائقية والروائية من بينها «بصرى»، و«يوميات جولانية»، و«شيء ما يحترق»، و«الطحين الأسود»، و«منارات مضيئة» وأخيراً قام بإخراج فيلم «الشراع والعاصفة» عن رواية حنا مينة التي تحمل العنوان نفسه من إنتاج المؤسسة العامة للسينما.
نال عدداً من الجوائز أهمها: «الجائزة الكبرى» في «مهرجان تطوان» بالمغرب، «جائزة مصطفى العقاد» في مهرجان «فجر» بإيران عن فيلمه الروائي «الهوية»، «الجائزة البرونزية» في «مهرجان صفاقص» بتونس عن فيلمه التسجيلي «البراعم»، وجوائز أخرى.
كان لـ«الوطن» هذا اللقاء مع المخرج السينمائي غسان شميط لنتعرف عن قرب إلى مسيرته الفنية ورحلته مع السينما والأفلام الوثائقية.
تحدثنا عن فيلمك الذي عرض أخيراً في سينما كندي دمر، وما الذي جعلك تختار رواية «الشراع والعاصفة»، وتختار حنا مينا؟
«الشراع والعاصفة» من أضخم إنتاجات المؤسسة العامة للسينما في السنوات الأخيرة، وتم تصوير المشهد الرئيسي في الفيلم؛ مشهد العاصفة في أوكرانيا، وبخبراتٍ أوكرانية، ويندرج ضمن الخطة الإنتاجية للمؤسسة التي تم تنفيذها عن العام الفائت 2011.
وتدور أحداث الفيلم في مدينة «اللاذقية السورية» أثناء الحرب العالمية الثانية، وعلى خلفية الحرب، وفي ظل الاحتلال الفرنسي؛ عاشت سورية صراعات واضطرابات سياسية طويلة، وخاض الشعب السوري معارك قاسية انتهت بنيله الاستقلال الكامل عام 1946، وخلال هذه الفترة برز أبطال شعبيون كثر على امتداد سورية، تحدوا العواصف الاجتماعية والبحرية.
تعتبر رواية الشراع والعاصفة الأشهر لروايات الكاتب حنا مينة، وأعتقد أنها طموح لأي مخرج سينمائي لديه الرغبة بتحقيق فيلم يأخذ مساحة وحيزاً، فالرواية صدرت منذ خمسين عاماً وحتى الآن تعتبر من الروايات الأشهر بالوطن العربي كما تعتبر من الروايات التي أوصلت الرواية العربية إلى العالمية وأعتبرها تحدياً كبيراً وذلك لاتساع أفكارها وأحداثها المتشعبة كما وأن شخصياتها متباينة ومختلفة وتحوي أحداثاً مهمة جداً وأهمها العاصفة التي تعتبر من حيث التقنية تحدياً وطموحاً لأي مخرج سينمائي لديه رغبة ليحقق فيلماً بمستوى فني عال.
رواية «الشراع والعاصفة» كانت طموحي منذ أيام الدراسة، لأنها رواية كبيرة وتستحق تحويلها للشاشة العملاقة، فالتقيت بالفكرة أنا والكاتب وفيق يوسف، وكنا قد تعاونا قبل فيلم «الشراع والعاصفة» بفيلم «الهوية».
لأي درجة حافظت على أجواء الرواية؟ وما الجوانب التي ركزت عليها؟
أولاً إن أي رواية يتصدى لها الكاتب مهمته الأساسية هي تكثيف الأحداث إلى مئة دقيقة وهي بحد ذاتها مهمة صعبة وتتطلب الكثير من الجهد والتفكير، وإن رواية «الشراع والعاصفة» رواية كبيرة جداً وهي من جزأين وتضم أحداثاً متشعبة وأفكاراً كثيرة فوجدت صعوبة كبيرة في تكثيف الأحداث، وابتعدت عن الجوانب السياسية، وركزت على الجوانب الإنسانية التي تتعلق بشخصية «الطروسي» لأنها الحامل الأساسي للرواية وحاولت أن أنهي الفيلم عند نهاية العاصفة وباعتقادي أن أهم شيء بالرواية هو العاصفة وانتصار البطل على العاصفة بحد ذاته إنجاز كبير، وقد تم التركيز على شخصية الطروسي الفارس البحري الشجاع وما يحيط به من شخصيات داعمة له، كشخصية أم حسن.
باعتقادك أننا لا نمتلك التقنيات لذلك اضطررت للسفر إلى أوكرانيا للتصوير؟
بالطبع لا نمتلك التقنيات، غير أن هناك الكثير من الدول المتطورة سينمائياً التي ليس لديها أماكن خاصة لتصوير بعض المشاهد كالتي وجدت في فيلم «الشراع والعاصفة» وليس من العيب أن يتم التصوير في بلدان أخرى، وكثير من الناس قالوا لي لماذا لم أستغل عاصفة من بحرنا وأقول إن البحر لا مزاح معه فالعاصفة ليست لعبة فمن الممكن أن يغرق المركب ومن فوقه ومن الصعب تصوير شي إلا بعد أن تمتلكه وتكون القوة والموازين بين يديك.
لماذا لا نرى في المؤسسة العامة للسينما إلا مخرجين محددين لهم أفلام كثيرة؟
أنا شخصياً من أكثر الناس عذاباً ومعاناة لأخذ فيلم من المؤسسة العامة للسينما، ويمكن تصنيف المخرجين إلى نوعين مخرج نشيط وآخر غير نشيط الذي ينتظر الفرصة لتأتي إليه وهو في منزله ويأتي السيناريو إليه من دون تعب، والمخرج النشيط يركض ويتعب وراء فرصته، ونحن نحاول الاستمرار وعدم التوقف عن العمل، ففيلم «الشراع والعاصفة» لو أنتج بدولة أوروبية كان سيكلف أكثر من 40 مليون دولار فنحن نرضى بأرقام بسيطة جداً ونستطيع إنتاج أفلام بهذه المستوى بميزانيات منخفضة جداً.
فيلم «الشراع والعاصفة» شهد تضارب آراء بين النقاد المهتمين، ما رأيك؟
باعتقادي كل من يريد أن يتحدث عن فيلم يجب عليه أن يكون بمستوى الفيلم ويكون لديه مهنية بالحوار وفي الساحة أشخاص أصبح لديهم خبرة بالنقد السينمائي، كما أننا لا نمتلك ناقداً سينمائياً متخصصاً بتحليل الأفلام بشكل موضوعي ونجد أن البعض لديهم أدوات وكمثال «بعض الآراء تقول إن الأداء التمثيلي للفيلم منخفض» برأيي يجب على من ينتقد أن يبرر ويضع حيثيات، فأنا أجد كل شخصية مدروسة بدقة وعناية، لكن بشكل عام مجمل الآراء كانت إيجابية وجميلة، فيجب أن يكون النقد المقدم يمتع القارئ ويستفيد منه المخرج والنقاد لا يفيدوننا بنقدهم وإنما فقط يعملون على مجرد «رمي كلام لا غير».
فنحن نقوم بدراسة كل تفصيل بالشخصية ثم نتوجه إلى الملامح التي تكون أقرب للشخصية وللملامح دور كبير، وكل شخص يريد أن يتجه إلى التحليل والنقد السينمائي يجب أن يكون لديه أقل معرفة ممكنة بالإخراج السينمائي.
أين تصنف نفسك بين المخرجين السوريين؟
أصنف نفسي مخرجاً يحاول أن يقول شيئاً مما يطمح أن يقوله، وأحاول أن أحقق شيئاً يذكر ويبقى للمستقبل وللأجيال القادمة وعملياً حاولت منذ البداية أن أكون مخلصاً لبيئتي السورية، وبالنهاية نحاول قدر الإمكان أن نصنع شيئاً يبقى للأجيال القادمة كذكرى لتاريخنا المجيد.
وفيق يوسف شاركك في سيناريو فيلم «الشراع والعاصفة»، ماذا تخبرنا عن مشاركته، وأين وجدت لمساته بشكل كبير؟
الأستاذ وفيق يوسف أثبت نفسه قبل أن نتعاون معاً، ومن ثم التقت أفكارنا معاً، وما يميز العلاقة بيننا أننا كثيراً ما نختلف إلا أننا نعود ونتفق بسرعة التعاون كان ممتعاً بالعملين سواء في فيلم «الهوية» أو «الشراع والعاصفة» وأعتبر العملين ناجحين، ويتهيأ لي أنهما يرضيان الطموح، كما أحب أن أوجه تحية إلى كل الممثلين والعاملين معنا لإنتاج الفيلم.
المؤسسة العامة للسينما تواجه الكثير من الانتقادات، لماذا؟
علينا ألا ننسى أن المؤسسة العامة السينما كل ميزانيتها معونة من الدولة، وأحب أن أقول إنه من يعمل في المؤسسة هو من يحق له أن يوجه الانتقاد ومن لا يعمل لا يحق له ذلك، فالمؤسسة تحاول جاهدة أن تنجز وتوثق حالات وظروفاً مختلفة بالبلد وتحاول أن تكون مواضيعها مختلفة الاتجاهات وهذه إمكانياتها وأتمنى أن يكون هناك تعاون بين المؤسسة العامة للسينما والقطاع الخاص ليكون هناك إنتاج أكبر للأفلام السورية، والمؤسسة تحاول جاهدة أن تحقق المستوى الفني والجماهيري.
باعتقادك لماذا لا نمتلك سينما جماهيرية؟
ربما يعود السبب إلى معاناة السينما بشكل عام، فهناك الكثير من الأمور بعد إنتاج الفيلم يجب الأخذ والاهتمام بها، فالمهمة الأولى هي إنتاج الفيلم وإيصاله إلى الشاشة العملاقة والمهمة الأخرى طريقة تسويق الفيلم وتوزيعه، وأعتقد أن المشكلة الأساسية قائمة بحد ذاتها بأننا لا نمتلك صالات سينمائية والسينما عملياً مرتبطة وبشكل كبير بالتطور الموجود بالبلد كما لها علاقة بالوعي وهي ليست إنتاجاً فقط وتعتبر الحلقة للسينما السورية غير مكتملة وينقصها الكثير لتصبح سينما جماهيرية وعالمية.
برأيك ما وضع السينما السورية حالياً؟
لا رضا عن وضع السينما السورية، والسينما السورية تحتاج إلى إنتاج أكثر وصالات بأعداد أكبر، وهي تعاني الكثير وإن المؤسسة العامة السينما لا علاقة لها بما تعانيه اليوم السينما السورية وهي تعمل ما بوسعها لرفع مستوى السينما السورية.