2012/07/04
علاء الدين العالم – تشرين
ظهور أي عمل درامي تلفزيوني جيد ومتماسك من ناحية المضمون والشكل، يعد تحدياً لما سيأتي بعده من أعمال، ولاسيما تلك التي تنتمي إلى نوع المسلسل نفسه،
ولو طبقنا هذا الكلام على الأعمال الكوميدية الدرامية التلفزيونية في الدراما التلفزيونية السورية، لوجدنا العديد من الأعمال الكوميدية في المواسم الأخيرة كانت بمنزلة القوة الدافعة للدراما التلفزيونية على نحو عام، وللنوع الكوميدي فيها على نحو خاص، ولعل مسلسلي (ضيعة ضايعة بجزءيه، والخربة) تأليف د. ممدوح حمادة، وإخراج الليث حجو، هما خير مثال على هذا النوع الرفيع من المسلسلات الكوميدية، وذلك لاحتواء هذين المسلسلين على عناصر الكوميديا كلها سواء من ناحية الفكرة والمضمون ومحاكاتهما لواقع الحال في سورية على نحو ساخر، أو من ناحية الشكل الكاريكاتوري الناجح الذي تمكّن من رسم البسمة على وجوه المشاهدين.
إن عرض «ضيعة ضايعة، الجزء الثاني»، و«الخربة» في موسمين دراميين متتاليين، (عرض ضيعة ضايعة في موسم 2010، وعرض الخربة في موسم 2011) كوّن تحدياً للأعمال الكوميدية التي ستقدم في الموسم الدرامي القادم، بمعنى أن النجاح الذي حققه هذان العملان كان بمنزلة درجة عالية، وعلى الأعمال الكوميدية لهذا العام تخطيها لتحظى برضا المشاهد الذي ارتفعت عنده الذائقة الفنية للمسلسلات الكوميدية بسبب ظهور مسلسلات بقوة ضيعة ضايعة والخربة.
يحمل الموسم الدرامي القادم معه العديد من الأعمال الكوميدية، منها: «سيت كاز» فكرة أيمن رضا، ومن تأليف زهير قنوع ومجموعة من الكتاب، أما المسلسل الكوميدي الثاني لهذا الموسم فهو مسلسل «رومانتيكا» تأليف شادي دويعر، وإخراج مهند قطيش، أيضاً يندرج مسلسل «أبو جانتي» في جزئه الثاني تحت نوع الكوميديا، وتستمر سلسلة «بقعة ضوء» من خلال بقعة ضوء 9... بهذه الأعمال وغيرها تتشكل صورة المشهد الكوميدي في الدراما التلفزيونية السورية في الموسم الدرامي القادم.. وبعودة للحديث عن ضرورة تخطي هذه الأعمال للمرتبة العالية التي وصلت إليها الخربة وضيعة ضايعة، نجد أن هناك مجموعة من الشروط يجب توافرها في هذه الأعمال حتى تستطيع أن تحقق نجاحاً مماثلاً لما حققته تلك المسلسلات، ناهيك بضرورة احتواء هذه الأعمال الكوميدية على عناصر الكوميديا الأساسية، وأول هذه الشروط هو الانطلاق من واقع الحال السوري، ومواكبة هذه الأعمال للتطورات التي حدثت في سورية على الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي.... ولعل محاكاة الواقع السياسي والتطورات التي حصلت في سورية في الآونة الأخيرة هي أحد أهم العوامل التي ارتقت بمسلسل الخربة إلى مرتبة الصدارة في الموسم الماضي، أيضاً على هذه الأعمال أن تحاكي الشارع السوري والتغيرات الاقتصادية المتسارعة التي تعصف به كل يوم، وأثر هذه التغيرات المتمثلة بالغلاء وما إلى ذلك على المواطن السوري، وتشخيص وضع المواطن السوري من خلال كوميديا سوداء تتعرض لواقع حال هذا المواطن في ظل تلك التغيرات.. هذه الشروط من ناحية المضمون، أما من ناحية الشكل البصري، فيجب على هذه المسلسلات خلق أشكال بصرية كاريكاتورية تنطلق من الواقع وتعادل ما قدم في ضيعة ضايعة والخربة، بمعنى أن على هذه الأعمال أن تقدم أشكالاً بقوة ما قدم من شخصيات في المسلسلين، تلك الشخصيات التي حُفرت في ذاكرة المشاهد على أنها شخصيات كوميدية مضحكة وساخرة في آن واحد، كذلك يجب على الأعمال الكوميدية التي ستقدم في الموسم الدرامي القادم مجاراة ما قد تعرضت له الأعمال الكوميدية المهمة من كسر للعديد من الحواجز الرقابية، وجرأة في الطرح، من خلال التورية حيناً والمباشرة أحياناً.. وما تجدر الإشارة إليه هو أن الجرأة التي تميز بها الطرح في مسلسل «الخربة» كانت أحد العناصر، إن لم أقل أهمها، التي ساعدت في نجاح المسلسل وتميزه عن سواه من الأعمال الكوميدية.
مهما حاولنا استنباط ما إذا كانت المسلسلات الكوميدية السورية في الموسم الدرامي القادم ستصل إلى الدرجات العليا التي وصلت إليها «ضيعة ضايعة والخربة»، ومهما جهدنا للبحث عن نسبة نجاح هذا التحدي الذي ستخوضه الأعمال الكوميدية في الموسم الدرامي القادم أو فشله، فإننا لن نستطيع الوصول إلى إجابة حاسمة والحكم على نجاح المسلسلات الكوميدية التي ستقدم إلا عند عرضها على الشاشة، ولاسيما أن الشكل البصري هو اللاعب الأقوى في نجاح الكوميديا أو انحدارها نحو التهريج والابتذال.