2012/07/04
سلوى عباس – البعث
مع اقتراب الموسم الرمضاني السنوي، تتسابق القنوات الفضائية العربية لشراء الأعمال الدرامية بأنواعها المتعدّدة لتقديمها وجبة دسمة في شهر رمضان المبارك الذي أصبح موسماً يتبارى فيه المنتجون وكتّاب السيناريو في تقديم أفضل ما لديهم لتكون المائدة الدرامية متخمة بكل أصناف الدراما من تاريخي واجتماعي وكوميدي، وتسعى القنوات الفضائية إلى جذب المشاهدين، لتحقيق أعلى نسبة مشاهدة، ويترافق هذا الكم من الأعمال مع مايشبه المسلسل الإعلاني، حيث إن شركات الإعلان أصبحت تستغل هذا المهرجان الدرامي لترويج إعلاناتها، بغضّ النظر عمّا يحمله العمل الدرامي من مضمون أو رسالة أو أهداف ثقافية بعيداً عن الترفيه والتسلية.
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل يمكن للتلفزيون، كوسيلة اقتحمت البيوت وفرضت نفسها عليها بكل ما تقدّمه من برامج، أن يتحوّل من وسيلة للفرجة والتشويق إلى وسيلة للتثقيف وأن يكون أميناً على الرسالة التي يجب أن يقدمها للمشاهد؟..
وإلى أي مدى يمكن للأعمال الدرامية أن تساهم في رفع سوية الوعي من خلال القيمة الفكرية التي تتضمنها، وإلى أي مدى أيضاً قد يساهم المضمون السلبي أو غير المدروس لهذه الأعمال في تسطيح العقل والفكر.
فإذا استعرضنا تاريخ الدراما السورية منذ بداية نشأتها حتى الآن والتطور الذي طرأ عليها، سنرى أن تطورها كان في المجال التقني أكثر منه في الجانب الجوهري، حيث هناك الكثير من الأعمال الدرامية من زمن الأبيض والأسود طرحت قضايا اجتماعية وإنسانية هامة بجرأة كبيرة تُحسب لكتّاب هذه الأعمال بحكم الظروف التي كانت سائدة آنذاك والتي كانت تعتبر أي اختراق للتابوهات المحرمة جريمة لاتغتفر، ولنا في مسلسل فوزية، والأجنحة، وحارة القصر، وحكايا الليل، وحمام القيشاني وغيرها الكثير من الأعمال التي طرحت قضايا اجتماعية وإنسانية جوهرية بأسلوب فني ممتع وهادف وأفكار مكثفة بعدد حلقات أقل، بينما الآن نرى الأعمال الدرامية التي تنتج تفصّل على مقاس أيام الشهر الفضيل، الأمر الذي يؤدي إلى إطالة غير مبررة ومملة في المتابعة، حيث إنه قد تُعرض حلقة كاملة من العمل دون تقديم أي إضافة، وهنا برأيي مقتل العمل، وملل للمشاهد الذي نراه مستسلماً للتلفزيون بسبب غياب الوسائل البديلة المتنوعة التي تتيح له حرية الاختيار بين ما يُعرض عليه، وبين ما يفضّله على الدراما، فلماذا الإصرار على إنتاج أعمال درامية بثلاثين حلقة لتغطية أيام الشهر الفضيل، بينما من الممكن اختصار العمل إلى عشر حلقات أو خمس عشرة حلقة وتُستغل الفترة المتبقية لبرامج أخرى.
وبالعودة لمقارنة الدراما السورية في الماضي وما هي عليه الآن بات بإمكان المشاهد التأكد من هذه المسألة من خلال متابعة أعمال درامية سورية قديمة تُعرض على شاشة قناة “سورية دراما” الفضائية التي حقّقت توازناً جيداً في عرض أعمال حديثة وقديمة تمكّن المشاهد المتابع للحركة الدرامية من الحكم على التطور الذي حققته الدراما، وبالتالي أي عمل مشغول بمحمول فكري، وأي عمل كان محض تسلية وحسب!!.