2012/07/04
لمى علي – تشرين
مما لا شك فيه أن الديكور في الدراما السورية حقق في السنوات الأخيرة تقدماً ملحوظاً جعل من الصورة التي تقدمها الأعمال الدرامية للمشاهد أكثر جمالية..
والسبب إما زيادة الاهتمام بهذا العنصر الفعال في نجاح الدراما أو تراكم خبرات سنوات طويلة من العمل الفني أدى إلى تطور عام في المنتجات الدرامية السورية.. لكن وراء الكواليس تفاصيل أكثر من ذلك فالعاملون في هذا المجال يعانون الكثير من المشكلات التي حدّت من إبداعهم في بعض الأحيان ودفعتهم للابتكار في أحيان أخرى...
حول الديكور في الدراما السورية وأهميته والمشكلات التي يعاني منها التقت «تشرين» عدداً من مهندسي الديكور وعدداً من القائمين على هذا النوع الفني الخاص لنتعرف على تفاصيل أكثر...
نجاح وتراكم خبرات
حول ما وصل إليه الديكور في الفترة الأخيرة أشار مهندس الديكور ناصر جليلي إلى أنه بعد أن كان الديكور بسيطاً جداً وغير دقيق نتيجة عدم انتباه المشاهد له أصبح اليوم بطلاً من أبطال العمل الدرامي، وهو المسؤول عن إعطاء الإحساس بالزمن وإظهار فراغ معين خلف الممثل، كما ساعد الديكور على تحويل الصورة إلى الشكل الأقرب للواقع، ومهندس الديكور موفق السيد يجد أن الديكور حقق مصداقية خلال السنوات الأخيرة وهذا يعود إلى اتجاه الدراما السورية للعمل بنمط يحترم المتلقي فتفوقت وحققت هذا النجاح الملحوظ، موضحاً أن تراكم الخبرات أدى إلى الفهم الحقيقي لكيفية التعامل مع الدراما بكل عناصرها، وهذا ما أكد عليه أيضاً مهندس الديكور حسان أبو عياش الذي يرى أن ازدهار الدراما السورية أوصلنا اليوم -في مجال الديكور- إلى وجود 5-6 مدن تصوير تلفزيونية تابعة لعدد من الشركات الخاصة التي أنشأتها كأماكن تصوير تضم قصوراً وأسواراً وحارات شعبية إلى جانب الديكور الاصطناعي، وهذا يعود إلى أن سورية دخلت وبقوة في مجال الإنتاج التلفزيوني وتميزت على الصعد كلها.
تقصير وتكرار
إلا أن مهندس الديكور زياد قات يجد أن العاملين في مجال الدراما التلفزيونية قد قصروا خلال السنتين الماضيتين عما كان من المفترض أن يقوموا به ويقول «على الرغم من أنه أصبح لدينا تراكم خبرات إلا أننا أخذنا نكرر أنفسنا نتيجة التشابه في النصوص ما ينعكس على كل عناصر العمل الدرامي بما فيها الديكور، وهذا يعود إلى الجهات الإنتاجية التي تستهل الخيارات، بينما في فترة التسعينيات وبداية الألف الثالث للميلاد كان هناك اتجاه مميز في صناعة دراما أفضل من خلال التعاون بين جميع الجهات، وبعد الوصول إلى هذا الكم الكبير من الإنتاجات الدرامية كان لابد من قفزة نوعية على جميع الصعد ولاسيما مع وجود منافسة كبيرة على صعيد الصورة، إلا أن هذا لا يتحقق في الديكور من دون وجود الوعي لدى شركات الإنتاج وهذا الوعي ليس من الناحية المادية فحسب وإنما من الناحية الذهنية أيضاً والأخذ بالحسبان أن العمل في هذا المجال هو صناعة فن.
الدراما.. روح
وعن أهمية الديكور في الدراما السورية يشير المهندس السيد إلى أن الديكور ركن أساسي من أركان العمل التلفزيوني حيث إنه المكان الذي تُعرض فيه الأفعال التي تقوم بها الشخصيات وتالياً للديكور علاقة وثيقة بأحداث العمل، أما مهندس الديكور لبيب رسلان يجد أن أهمية الديكور تكمن في ناحيتين الأولى تقنية (وهي الشكل الطبيعي للديكور والذي حققت فيه درامانا مرتبة عالية) والثانية دعم الحس النفسي للدراما من خلال ثقافة كلٍّ من المخرج ومهندس الديكور، فالبيئة التي يُقدم فيها العمل الدرامي يجب أن تكون حاضنة حقيقية للنص إلى جانب التفكير بأن كل عنصر من عناصر الدراما هو روح، بينما يشير م. قات إلى أن الديكور يحتاج إلى قراءة جيدة للنص من أجل معرفة تفاعل الشخصيات مع بعضها للوصول إلى القدرة على نقل الانطباع الصحيح إلى الجمهور وهذا للأسف لا يحدث إلا نادراً، أما م. أبو عياش يجد أن أهمية الديكور تكمن في ابتكار مهندس الديكور أماكن يستطيع من خلالها نقل شعور المكان إلى المشاهد.
الأهمية في التكامل
ومن الناحية الإخراجية يجد المخرج زهير قنوع أن الديكور من أكثر العناصر التي تعطي مصداقية وواقعية للعمل الدرامي طبعاً إذا نفذ بشكل متقن وصحيح ومن وجهة نظر سليمة، حيث إن هناك الكثير من الأعمال المهمة نصاً وإخراجاً وتصويراً إلا أنها سقطت نتيجة وجود ديكور غير مقنع والعكس صحيح، ومن الناحية الإنتاجية أيضاً يرى المنتج أيمن شامية صاحب ومدير شركة مسار للإنتاج الفني أن الديكور عامل مهم جداً في المسلسل مثله مثل أية مهنة أخرى كالتصوير والإضاءة والملابس والتمثيل وغيرها حيث أنها عناصر تكمل بعضها لتنتج أفضل وأنجح الأعمال الدرامية. ومن وجهة نظر منفذ الديكور أحمد السيد فإن الأهمية تكمن في السعي لتوفير كل ما يحتاجه الديكور لتكوين صورة جذابة ومتكاملة على الشاشة حسب الإمكانيات المادية والتي تحدد مستوى العمل، بينما المنفذ مصطفى السيد عبيد يجد أن الديكور هو الكتلة الثابتة التي تتم فيها حركة الأحداث وأنه أهم عنصر من عناصر العمل الدرامي.
انطباع أولي للمشاهد
وحول أسس الديكور التي تؤثر بالمشاهد لتجعله يرى الصورة أقرب إلى الحقيقة يجد م. جليلي أن الديكور الجيد يعطي مصداقية عالية للمشاهد ويجعله يشعر بزمن الأحداث وهذا يحتاج إلى خلق عوالم الديكور وتطويرها والعمل خارج الإطار البلاستيكي المعروف إضافة إلى التركيز على الشكل الزمني من خلال وجود مرجعية عالية جداً، ويرى م. أبو عياش أن الجمهور يفضل أن يعرف تفاصيل مكان العمل الدرامي الذي يتم فيه الحوار والتمثيل إلا أن هذا يعود إلى طبيعة المشاهد فمن لديه ميول أدبية قد يكتفي بالقصة التي يرويها العمل أما من لديه ميول تشكيلية فيلفت نظره الصورة والمكان، أما المخرج قنوع فيقول: إن الانطباع الأولي للمشاهد عن العمل يكون عبر الديكور وجذب الجمهور.. يكون مبدئياً عبر بوابة الشكل التي أهم عنصر فيها هو الديكور، ومن خلاله يشعر المتلقي أن ما يراه حقيقة فيدفعه لمتابعة المسلسل، ويضيف المنتج شامية أن المشاهد أصبح ذكياً جداً حيث إنه ينتبه إلى الهفوات الصغيرة الموجودة في بعض الأعمال قد يكون فريق العمل لم يلحظها مثل أخطاء الراكور.
من دون المخرج الصورة مسطحة
للمخرج دور مهم في صناعة ديكور العمل الدرامي من خلال وجهة نظره الخاصة وعلاقته مع مهندس الديكور وحول هذا الدور يقول م. السيد أن أهمية العلاقة بينه وبين المخرج تكمن بإظهار الديكور بالشكل الملائم وتتجسد بوجود تناغم بينهما لتشكيل لوحة جميلة تصل إلى المتلقي، إلا أنه في بعض الحالات قد يبذل مهندس الديكور جهداً لا يستطيع المخرج إظهاره بالشكل الأمثل وهذا يضعف من الديكور ومن العمل الدرامي بشكل عام، والعكس صحيح قد يكون عمل المخرج ممتازاً بينما لا يحقق مهندس الديكور ما هو مطلوب منه فينخفض مستوى العمل، ويضيف السيد أن المخرج الناجح يجب أن يتدخل في تفاصيل صناعة الديكور لأنه في النهاية هو المسؤول عن تحويل ونقل الصورة إلى عمل درامي ومن دون تدخله قد تظهر الصورة مسطحة، أما م. جليلي يجد أن الحوار بين مهندس الديكور والمخرج يوصل دائماً إلى النتيجة الصحيحة وبعد فترة من العمل بينهما تخلق ثقة تجعل من مهندس الديكور يحمل مسؤولية الديكور وحده بعد نقاشات أولية لوضع العوالم الأساسية للديكور تبعاً للنص الموجود، إلا أن الخلاف يكمن بشكل كبير عندما يكون المخرج غير قارئ للفترة الزمنية التي يحكي عنها العمل فيحصل التباس بينهما.
المخرج والتدخل الإيجابي
يجد م.رسلان أن المخرج يلعب دوراً كبيراً في مدى جدية التعامل مع الديكور التي تنعكس على إبداع مهندس الديكور، ويضيف أن تدخل المخرج في العمل يكون في مكانه عندما يملك المخرج عيناً ممتازة، ولكن إذا كان المخرج تحت المستوى المطلوب سيطلب من مهندس الديكور الكثير من الطلبات التي تخفف من قيمة وجدية العمل، وهذا ما أكده م. أبو عياش حيث أن بعض المخرجين لا يهتمون بالمكان على عكس بعضهم الآخر الذين يجدون أن الديكور شيء أساسي في العمل.
ومن وجهة النظر الإخراجية يقول المخرج قنوع: إن الحالة المثالية يجب أن تكون بالتنسيق بين المخرج ومهندس الديكور ليعرف الأخير ما هي هوامشه وحدود حريته وما هي واجباته في وضع اللمسات الفنية على الديكور بعد تنفيذه، مضيفاً أن مهندس الديكور هو مخرج -بشكل أو بآخر- فيملك قراراً ووجهة نظر قد تكون الأساس لعمل المخرج في حال صمم ديكوراً بطريقة تغير أسلوب الإخراج كله، بينما يشير منفذ الديكور عبيد إلى أن بعض المخرجين يغيرون بالديكور بنسبة 40%، إلا أن بعض مهندسي الديكور لا يسمحون للمخرجين بالتدخل ولا يتنازلون أبداً عن متطلباتهم المهنية وهذه هي الحالة الصحيحة لأن مهندس الديكور قادر على قراءة النص ومعرفة الأحداث ونقلها إلى الديكور إلا في بعض الحالات قد يضطر فيها المخرج لضرورات إخراجية لتغير الديكور.
المنتج.. والعمل من باب التوفير
أما بالنسبة لدور المنتج ونظرته لدعم عنصر الديكور في الأعمال الدرامية التي ينتجها فيقول م.أبو عياش أنه للأسف بعض الشركات المنتجة مازالت تنظر إلى الديكور على أنها عنصر ثانوي في العمل حيث تعتمد على أبنية أثرية وبيوت جاهزة مع القليل من التعديلات عليها، بينما شركات أخرى تفضل أن تؤسس كياناً فنياً يميزها عن غيرها من خلال إنشاء ديكورات خاصة بها، مضيفاً أن الشركات المنتجة بشكل عام تسعى إلى التوفير في أي مجال، فمنها من يوفر بغض النظر عن نتيجة العمل ومستواه ومنها من يخصص المبالغ الكافية للصرف على الديكور ومن تلك الجهات المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني التي تراعي وجهة نظر المخرج ومهندس الديكور للوصول إلى النتيجة المناسبة، أما م.رسلان فيقول «من حسن حظنا أننا لا نتعامل مع المنتج المالك للمال وإنما مع مديري الإنتاج المتخصصين في مجال الدراما وهذا يسهل تلبية طلباتنا في الديكور».
ويرد المنتج شامية أن الإنفاق على العمل الدرامي يكون حسب نوع المسلسل (اجتماعي بسيط- اجتماعي معقد- تاريخي) وكل نوع بحاجة إلى مهندس ديكور يختلف مستواه عن الآخر، مشيراً إلى أن الديكور قد يكلف من 40-60 % من المصاريف الإنتاجية (أي تكلفة إنتاج المسلسل ماعدا أجور الممثلين) حسب نوع العمل الدرامي.
ميزانية قابلة للتغير
وفي إطار مشكلة الإنفاق المادي على عنصر الديكور يشير م.جليلي إلى أنه كلما ارتفعت الميزانية المخصصة للديكور ارتفع مستوى جماليته وقدرته على إقناع المشاهد وتالياً على نجاح العمل بشكل كبير والعكس صحيح، إلا أن مخرجينا لم يعودوا يقبلون بمستوى متدن من الديكور حيث أصبحت لدينا حالة من الوعي الكبير لدى الفنيين والمخرجين للارتقاء بمستوى الدراما بشكل عام للوصول إلى صورة جميلة تعطي مصداقية عالية للمشاهد، أما المخرج قنوع فيرفض رفضاً قاطعاً التقصير بالإنتاج ولا يقدم أي تنازلات للشركة المنتجة، مع الإشارة إلى وجود مخرجين يقبلون بهذا النموذج من العمل وخاصةً أننا نحن السوريين تعودنا على التأقلم مع جميع الظروف الإنتاجية لما نملك من إبداع حيث نستطيع التكيف مع الشح الإنتاجي من خلال إيجاد حلول للتعاون مع الجهة الإنتاجية على ألا تخدش المستوى الفني، على عكس ما يقوله المنتج شامية الذي يؤكد أن أغلب الجهات الإنتاجية تقبل بزيادة تصل إلى 50% على المخصصات المالية لعنصر الديكور بعد أن يتم الاتفاق مع المخرج على الزيادة الجمالية التي سيضيفها الدعم المالي لنجاح الديكور، غير أن المنتج من الطبيعي ألا يوافق على حجم كبير من الزيادة تصل إلى ضعف المخصصات.
تكاليف بالأرقام..
وضمن الإطار نفسه يشير منفذ الديكور عبيد إلى أن المشكلة ليست بالمخصصات على عنصر الديكور وإنما فيما يتم إنفاقه من قبل منفذي الإنتاج الذين يسعون جاهدين إلى التوفير لدرجة قد يصرف نصف أو ربع فقط مما تم رصده من قبل الجهة المنتجة على عنصر الديكور، وعن المبالغ التي يتم رصدها في هذا المجال يقول عبيد: بشكل وسطي العمل المعاصر الذي يكلف 30 مليون ليرة ينفق منه على الديكور 2 مليون ليرة، والعمل التاريخي الذي يكلف 200 مليون ليرة ينفق منه 20 مليوناً أو أكثر، وهذا يعود إلى نص العمل وحاجته إلى البناء والتشييد وعدد الديكورات والأماكن التي يضمها.
يوضح م. السيد أن مشكلة التقصير الإنتاجي يواجهها المهندس المبدع بخلق حلول عن طريق الخداع البصري والاستعاضة بمواد رخيصة الثمن عن المواد الأساسية ذات الأسعار المرتفعة مع مراعاة أن تصل الصورة إلى المشاهد كما لو أنها حقيقية على أرض الواقع، إلا أن هذه الحالة تخلق عبئاًَ كبيراً على مهندس الديكور الذي قد يفشل وقد ينتج حسب الحلول التي يقدمها والتي ترتبط أيضاً بموضوع الإنفاق وتأمين مستلزمات العمل.
مسلسلات بلا مهندسي ديكور
المشكلات التي يعاني منها العاملون في مجال الديكور عديدة ومنها كما يشير م. جليلي إلى وجود دخلاء على هذه المهنة اعتمدوا على علاقاتهم الشخصية أولاً وعلى سعي الشركات المنتجة إلى البحث عن أشخاص يعملون بأجور أقل لدرجة وصلت أن يتم تنفيذ ديكور العمل الدرامي من دون وجود مهندس الديكور، وهذا ما أكد عليه منفذ الديكور أحمد السيد قائلاً: إن بعض المسلسلات المعاصرة الخفيفة – كما وصفها - يحل منفذ الديكور محل مهندس الديكور مع وجود مشرف إكسسوار كما حصل في مسلسل «قلوب صغيرة» و«هيك تجوزنا» وغيرها والسبب سعي الجهات الإنتاجية إلى التوفير في أجر مهندس الديكور، وهذا ما أشار إليه م. أبو عياش بوجود عدد من الأعمال المعاصرة التي يتم إنجازها من دون وجود مهندس ديكور ولكنه يرى أن وجوده ضروري حتى في العمل المعاصر من أجل تغير الطبيعة بشكل عام وجعل اللون العام للمكان ملائماً لطبيعة الشخصيات والأحداث.
التكرار والخلط الزمني
يشير م. جليلي إلى وجود مشكلة أساسية أيضاً في العمل الخاص بديكور الدراما السورية وهي التكرار في استخدام الأماكن لتصوير عدد من المسلسلات موضحاً أن المدينة التي تم بناؤها لتصوير مسلسل «عمر بن الخطاب» والحارة التي أُنشئت لتصوير مسلسل «أولاد القيميرية» تم فيها تصوير عشرات المسلسلات فيما بعد، ويوافقه الرأي المنتج شامية معتبراً أنه من خطأ المخرج أن يقبل بمكان تم استهلاكه في عدد من الأعمال سابقاً، موضحاً أن المخرج مهما كان بارعاً لن يستطيع أخذ زوايا بكاميراته لم تُؤخذ من قبل، على عكس م.أبو عياش الذي يجد أن مشكلة الأماكن المكررة قد يحلها مهندس الديكور المبدع بإضافة الجلسات الجديدة وتغير الهيكل الهندسي للبناء والتعديل على المضمون الداخلي للمكان إذا أتاح له الوقت والمال ذلك.
ومن جانب آخر يشير جليلي إلى وجود فقدان للمرجعية التاريخية في درامانا السورية ما أدى إلى خليط زمني بشع يقلل من مستوى العمل الفني بشكل عام، وعن هذا يقول شامية: إنها حالات نادرة ويكون السبب الأساس اختيار مهندس ديكور غير مناسب للعمل في مجال المسلسلات التاريخية، ويعتبر أبو عياش أن مصداقية بيئة العمل واجب وطني والأخطاء الكثيرة التي حصلت في هذا المجال نتيجة ضعف ثقافة المخرج ومهندس الديكور لدرجة عدم القدرة على التمييز بين ملامح العصور التاريخية.
الوقت يحد الإبداع
يتفق مهندسو الديكور على مشكلة تواجههم في أغلب الأعمال الدرامية حيث لا يتم إعطاؤهم الوقت الكافي لإنجاز الديكورات المطلوبة والتعديل عليها، وضع اللمسات الأخيرة، ويقول م.رسلان الديكور مثل اللوحة الفنية بحاجة إلى شرود فيها بعد الانتهاء منها لإضافة الإبداعات الأخيرة إلا أن هذا غير متاح والسبب الشركات المنتجة التجارية التي لا تريد أن تهدر نقودها بشكل غير ملموس، ويوافقه الرأي م. قات الذي يجد أنه من المؤسف أن يتم الجزء الأكبر من عمل مهندسي الديكور بشكل مضغوط بالوقت مما يؤثر سلباً على مستوى وجمالية العمل ككل.
ومن المشكلات الأخرى التي يعاني منها مهندسو الديكور – كما أشار رسلان - هي الضياع بين نقابة الفنانين (على اعتبار صناعة الديكور مهنة من مهن صناعة الدراما التلفزيونية) ونقابة الفنون الجميلة (على اعتبار أن مهندسي الديكور هم من خريجي كلية الفنون الجميلة) إلا أنه وللأسف لا توجد جهة تنظم أمورهم وتحفظ لهم حقوقهم، وهذا ما أكّد عليه أيضاً المخرج قنوع مضيفاً أن النجاح والشهرة والمال في الوسط الفني دائماً تذهب إلى الممثلين وبعض المخرجين بينما الفنيين عموماً يتم التعامل معهم على أنهم صف ثان ويجب أن نتوقف عن فعل ذلك لما لهم من أهمية في إنجاح العمل الدرامي.
أهمية منفذي وعمال الديكور
وحول الكادر الفني الذي يعمل في مجال الديكور إلى جانب مهندس الديكور من مساعد مهندس أو ما يسمى منفذ ديكور وعمال ورشات ديكور يشير م.قات إلى أن معظم من يعملون في هذا المجال يمتلكون مواهب وخبرات كبيرة وهم قادرون على تطوير أنفسهم، ولهم دور كبير جداً في العمل الدرامي من خلال طرح أفكار جميلة على مهندس الديكور أثناء التنفيذ وحل الصعوبات المفاجئة التي تواجه العمل من خلال التغطية على ضعف الإنتاج وعلى رتابة مهندس الديكور، ولكن من المؤسف أنه لا توجد أية جهة ترعاهم على الرغم من الخطر الكبير الذي يتعرضون له أثناء عملهم، وهذا ما أكده أيضاً أبو عياش الذي يجد أن تلك الكوادر ستذهب إلى أماكن أخرى غير الدراما نتيجة عدم الحفاظ عليها من قبل الجهات المنتجة والمشكلة الأساسية هي في عدم استمرارية الإنتاج الذي ينعكس سلباً على جميع المهن الفنية في مجال الدراما، أما المنتج شامية فيجد أن أهمية تلك الكوادر الفنية من أهمية مهندس الديكور ولاسيما أنهم يشكلون مع الأخير فريقاً واحداً وهو من يقوم باختيارهم لتحقيق التعاون بالشكل الأمثل.
أفكار ارتجالية
وعن تفاصيل عمل منفذي الديكور يقول أحمد السيد من خلال تنفيذ مخططات مهندس الديكور نضفي بعض الجماليات على المكان ضمن دائرة ما هو مطلوب منا، إلا أن مهندس الديكور هو المسؤول الأول والأخير عن المكان ويكون بيننا نقاش وتبادل أفكار وخبرات حيث إن المنفذ يكون على دراية أكثر من المهندس بموضوع الكميات والأسعار والمتطلبات، إضافة إلى دور المنفذ بارتجال أفكار على أرض الواقع يخلق من خلالها طرقاً أسهل وأوفر وأسرع وأجمل لتنفيذ المطلوب ويوافق عليها مهندس الديكور بكل حب، من جانب آخر يشير السيد إلى أن مهندس الديكور لا يوجد بشكل دائم أثناء تنفيذ الأعمال المعاصرة وإنما يتابعه بشكل متواصل لحل المشكلات التي تواجه كادره، أما في الأعمال التاريخية فيحضر كل فترة التشييد والبناء، ويوافقه الرأي منفذ الديكور مصطفى عبيد الذي يجد أنه يحل محل مهندس الديكور في غيابه ومن الممكن أن يتصرف ويبادر بشكل شخصي بالتنسيق مع المخرج أولاً وأخيراً وبعد أن يكون قد أعطاه الأخير الثقة والحرية بالعمل.