2012/07/04
رفعت الديك - البعث
ليس الأفراد فقط لهم من أسمائهم نصيب، بل حتى البرامج التلفزيونية كذلك، وهاهو الدكتور فيصل القاسم في برنامجه "الاتجاه المعاكس" يُثبت صحة هذه المقولة ويتّهم وسائل الإعلام السورية بسرعة نقل الحدث، متجاهلاً أن الإعلام في تطوّر مستمر وما كان يراه قبل الأحداث تبدّل، حيث شمّر الإعلام السوري عن ساعديه وتصدّى للهجمة الإعلامية الشرسة التي يتعرّض لها الوطن وعمليات التضليل الإعلامي التي تمارسها قنوات الفتنة والتزوير.
وعندما كان القاسم يزور وطنه تحت مسمّى إلقاء محاضرات كان يطالب الإعلام السوري بضرورة تطوير الأداء والارتقاء بعمليات نقل الحدث، وكان يعيب على الإعلام السوري بطأه، والآن يعيب على هذا الإعلام أنه ينقل الحدث في ربع ساعة من تاريخ وقوعه، فبأي تناقض تعيش يادكتور وبأي اتجاه تسير؟!.
وهنا نستذكر ما قاله دكتورنا العزيز خلال محاضرة ألقاها في "ثقافي السويداء" عندما تحدّث عن الكذب الاستعماري الذي يخفي خلفه غايات ومطالب انتهازية، مستشهداً بحادثة الحملة الفرنسيّة التي قادها نابليون بونابرت على مصر عام 1798، وحمل فيها نسخاً من القرآن الكريم، ليقول للمصريين إنّه صديقهم وصديق الإسلام، لكن ما لبثت نواياه أن انكشفت وداست حوافر خيوله مقدّسات مصر وقتلت أبناءها.
كما جرّ القاسم حادثة الجنرال ستانلي الذي غزت جحافله العراق بعد إلقائه خطبة تحدّث فيها أنّه آتٍ لنشر الحضارة المدنيّة فيه، لكنّه لم يتوانَ عن قتل أبنائه بغاز الخردل المحرّم دولياً.
واعتبر القاسم في محاضرته تلك أنّ الأميركيين اليوم ليسوا استثناءً، فهم من ابتدع شعار الديمقراطية وحقوق الإنسان ليغزوا العالم من خلاله تحت حجة تحريره وإرساء قيم الديمقراطية المدنية والإنسانية فيه. وأكد أنّ الدول التي حاولت انتهاج سياسة مخالفة للأسلوب الأميركي تعرّضت للضغوط الشديدة من قبل الاحتكارات الدولية، وحتّى أنّ بعضها تعرّض لهزات اقتصادية وسياسيّة كي تثنيه الولايات المتحدة عن الطريق التي حاول انتهاجها.
ونشير أيضاً إلى ما قاله في محاضرة عن "غزو الأقنية الفضائية الناطقة بالعربية"، وذلك في جامعة الوادي الدولية الخاصة بـحمص وضمن فعاليات الملتقى الإعلامي في مهرجان القلعة والوادي، وبيّن آنذاك أن الإعلام أداةٌ سياسية ولعبةٌ علينا معرفة استخدامها، ولا يوجد إعلام محايد في العالم، مشيراً إلى خطورة الإعلام وبأنه سلاح ذو حدين وخطير. وقال إنه ليس كل القنوات العربية توجهاتها عربية وهي لا تمت بصلة إلى العرب سواء أكان اقتصادياً، أم سياسياً أو ثقافياً ، وحتى برامجها ليست عربية ولابد للإعلام العربي من النهوض مهما شرّق أو غرّب ويبقى محلياً، وعليه التركيز على همومنا بتناول الفساد، والبلديات، والزراعة، والغذاء، وإطلاق الحرية كي يتماشى على الصعيد المحلي، ومازلنا حقل تجارب والكثير من المشاريع تحرّرت عبره.
كما بيّن أنه لا يوجد منطقة مستهدفة كالوطن العربي، فهم أصبحوا يحشرون أنفسهم حتى في تجديد المناهج المدرسية لتغيير المعتقدات، والتوجهات، والآراء، بحجة تطهيرها من الإرهاب، وتساءل: ما الذي يدعو الغرب لاستهدافنا؟ لماذا لا نرى هذا الكمّ الهائل للفضائيات الأجنبية الناطقة بالعربية تستهدف مناطق أخرى كالصين، والهند، وأميركا اللاتينية؟!.
ويعود سبب استهدافنا إعلامياً -حسب القاسم- لوجود فراغ إعلامي سببه ضعف الإعلام العربي، ولدينا آلاف القنوات العابرة للقارات، والمطلوب تحويل العرب إلى راقصين وراقصات لإغراق المنطقة عبر بثّها قنوات هابطة تستنزف العقول، وبدأ الإعلام الأصفر يطغى..
ولكن سؤالنا هنا للمحاضر: لماذا تشنّ هجوماً على إعلام بدأ يتخلّص من ضعفه إذاً؟!.. ونسأل أيضاً: ماهي الديمقراطية التي تدافع عنها في سورية، هل تلك التي أتت عبر "لطف الله 2" أم عبر الفتاوى العرعورية والقرضاوية، أم تلك المحمّلة بجيوب الجهاديين التونسيين والليبيين؟!.
ونسأل كذلك باعتبارك نصّبت نفسك عرّاب "الربيع العربي" وحامل لواء الديمقراطية العربية، لماذا لا تخصّص جزءاً من وقتك الكريم لدول النفط العربي، أم أن تلك الدول لديها من الدساتير والقوانين والتشريعات التي تكفل الحريات العامة وحقوق المرأة؟.
واليوم بعد أن بدأ الإعلام السوري يتطوّر بشكل ملحوظ لدرجة أنه تحدّى قنوات تعتبر نفسها مالكة للجمهور العربي، يتهمه القاسم بعدم المصداقية والفبركة، ويبدو أنه صدق عندما قال إن تلك القنوات الناطقة بالعربية والعابرة للقارات هدفها تحويل العرب إلى راقصات، ولكن كما يقال (طابخ السم ماكلوا) فظنّوا أنفسهم أنهم سينجحون في المهمة فكانوا أول الراقصين، وأي رقص أجمل من ذلك الذي تقوم به كوادر "الجزيرة" وأخواتها وهم يرون الدماء السورية تسيل والشعب السوري يُقتل.
وأخيراً نقول للقاسم: إذا نسيت وطنك سورية الذي جعلته مستباحاً عبر برنامجك الموقر، هل من المعقول أن تنسى “العيش والملح” الذي بينك وبين السوريين، وقد كانوا يلاقونك بالترحاب والمجاملة والدلال والمعاملة الخاصة؟!!.. ألم تكن تعتز أنت وأسرتك بأنكم مدللون لدى الحكومة؟!.. ولماذا لم تكن ترى حرجاً في التوسّط لذويك وأقاربك لتمرير القضايا الصعبة في أجهزة الدولة التي كنت تستفيد منها وتسميها الآن من على منبرك (سلوكيات الفساد والديكتاتورية)؟.. وهل يعقل أن تحوّل كل قدراتك الشخصيّة ومهاراتك إلى بهلوانيات إعلامية، وتتحوّل إلى قارئ لبيانات المعارضة السورية؟.. ومعقول يارجل وأنت الذي أُوفد على حساب لقمة السوريين، ثم تسلّلت وهربت من كل التزاماتك للعمل في بريطانيا، تتحدّث الآن عن الفساد والمفسدين؟!!.