2012/07/04
لمى علي – تشرين
بكلمات وألحانٍ منسجمة مع طبيعة العمل الفني لأنها البوابة التي تدخل المشاهد إلى أعماق الأحداث الدرامية.. والحالة السمعية الموسيقية التي تأخذ الجمهور إلى المكان الصحيح..
إنها شارة الأعمال الدرامية التي باتت نمطاً فنياً خاصاً في درامانا السورية.. ولكن شكلها الأمثل لم يحافظ عليه إلا عدد من المؤلفين الموسيقيين الذين لم ينجروا وراء رغبات المنتج في صناعة أغنية بحد ذاتها منفصلة وبقوة عن العمل الدرامي.. ولم يرضخوا لأن يكون اسم مغني الشارة هو الحامل الأساسي لها وللعمل كما يعتقد البعض.. بذلوا جهوداً كبيرة لأنهم يعملون بهذه المهنة لتقديم فكر ورسالة..
حول شارات المسلسلات السورية والبعد الفني الذي تحمله والمشكلات التي تعاني منها التقت «تشرين» عدداً من الملحنين وعدداً من القائمين على هذا النوع الفني الخاص لنتعرف على تفاصيل أكثر...
اتجاه واحد لثلاث جهات
الشارة الموسيقية للعمل الدرامي كما اتفق الجميع, لها أهمية كبيرة, فمن وجهة نظر موسيقية يقول المؤلف الموسيقي رعد خلف: إنها ركن أساسي ضمن عالم الموسيقا التصويرية وهي المدخل إلى العمل الدرامي على الصعيد السمعي وعلى الرغم من أنها غير مطروقة في عالم السينما إلا أنها أصبحت أساسية في عالم التلفزيون..
ومن وجهة نظر إخراجية يقول المخرج فراس دهني: إن الشارة جزء حقيقي من العمل الدرامي وليس- كما يراها البعض- مجرد استعراض لبطاقة العمل، كما أنها الحالة السمعية الموسيقية التي تفشي لنا القليل من أسرار أحداث العمل إلى جانب كونها عنصر تشويق لمعرفة تفاصيل أكثر..
أما وجهة النظر الإنتاجية فيقول أسامة شحادة مدير وصاحب شركة «غزال» للإنتاج الفني: إن شارة المسلسل الدرامي هي عنصر جذب مهم للمشاهد لهذا فإن شركات الإنتاج تهتم بشكل كبير باختيار الأغنية والمغني والملحن من أجل أن تحقق مستوى عالياً من الجماهيرية وخاصةً أنه يتم العمل على تسويق أغنية الشارة لتذاع في المحطات الإذاعية والبيع في سوق الكاسيت.
الوصول إلى لون واحد
الحالة الصحيحة لارتباط الشارة بمضمون العمل الدرامي تكمن بوحدة الطبيعة واللون والاتجاه وهذا ما أكده عدد من المؤلفين الموسيقيين في مجال الدراما، حيث يشير الملحن رضوان نصري إلى أن الشارة غالباً ما تشكل هوية العمل الدرامي وتشكل معه وحدة عضوية، إلا أنه قد يكون هناك شذوذ
عن القاعدة بسبب شركات الإنتاج الفني التي تسعى لأن تكون تجارية بحتة من خلال الاعتماد على اللون الرائج للأغاني عند الجمهور, حيث يجدون أنه من الممكن أن تكون الشارة أغنية منفصلة بحد ذاتها وبالتالي ستكون الشارة لا تشبه العمل وهذا سيؤدي إلى انخفاض مستوى العمل الدرامي، أما الملحن رعد خلف فأشار إلى وجود اختلاف بطريقة ربط الشارة مع طبيعة العمل الدرامي وهذا يعود إلى تفكير المؤلف الموسيقي وطريقة تعامل المخرج فأحياناً يتم أخذ الموسيقا لتكون ذات معنى درامي عالي المستوى مربوط بطبيعة العمل وأحياناً تكون مجرد مادة موسيقية مجردة جميلة بحد ذاتها ولا علاقة لطبيعة العمل الدرامي بها، والحالة الثانية لم تكن ناجحة إلا في حالات قليلة جداً.. بينما المؤلف طاهر مامللي فيجد أن وظيفة الشارة هي تهيئة المشاهد لتلقي ما بعد الشارة أي أحداث العمل الدرامي وبالتالي يجب أن تكون الشارة تشبه العمل من حيث الفكرة والمقولة إضافة إلى ضرورة أن تكون البنية الموسيقية للشارة من جنس الموسيقا التصويرية الخاصة بالعمل لأن كليهما يجب أن تكونا مرتبطتان بخطوط العمل الدرامية، وهنا تكمن صعوبة وضع ألحان الشارة حيث نحتاج إلى تلخيص فكرة موسيقية كاملة في 3 دقائق.
مزيج إبداعي لشكل أمثل
وفي السياق نفسه نجد أن المؤلفين الموسيقيين المهنيين يقفون في وجه الجهات الإنتاجية لضبط الشارة لتكون بالشكل الأمثل والأصح، فيجد رضوان نصري أنه بوجود مخرج مثقف واع نحن قادرون على ضبط سوية الشارة على عكس مخرج لا يملك قراراً فإنه قد ينحاز لطرف الشركة المنتجة والتي غالباً ما تتدخل بطريقة خاطئة حيث إن المنتج لن يكون على دراية درامية بموضوع ربط الشارة بأحداث المسلسل مثل المخرج، بينما يرى الملحن رعد خلف أن بناء الشارة يحتاج لأن يكون لدى المؤلف الموسيقي أكثر من مقترح ذهني من أجل أن يتوصل مع المخرج إلى رؤية صحيحة وهذه المقترحات يجب أن تكون قبل مشاهدة الطبيعة البصرية من أجل أن يتوسع أفق المخيلة لدى المؤلف ومن ثم يتم التعديل عليها للوصول إلى أبعاد جديدة للحالة الدرامية.. أما الملحن سعد الحسيني فيرى أن هناك عوامل تحدد نمط أغنية شارة المسلسل وهي رسالة العمل، مضمون التسلسل المطروح درامياً، رؤية المخرج وإيقاعه الإخراجي، المقدرات الإنتاجية، بيئة العمل، إضافة إلى تقنيات التسجيل المتاحة وغير ذلك.
صراع المنتج المتسلط
يبدو أن المشكلة الأساسية التي يعاني منها المؤلفون الموسيقيون في مجال الدراما هي تدخل الجهات الإنتاجية بشكل الشارة أو فرض شروط معينة على الملحن أو المخرج بهذا الخصوص، فيقول الموسيقي سمير كويفاتي: إن المشكلة تكمن عندما يتحول المنتج – في لحظة من اللحظات -إلى مؤلف موسيقي ويبدأ الكلام عن الألحان والإحساس والأداء ومن ثم يوافق أو يرفض لحناً أو صيغة معينة وهو يتذرع بكلمة لا يعرف غيرها أنه هو من يدفع المال ومن حقه أن يصنع ما يشاء.. ويضيف طاهر مامللي أنه ضد تدخل المنتج بأي قضية فنية لأنه مهما كان مثقفاً ومختصاً إلا أنه لن يكون أكثر فهماً من الموسيقي والمخرج في مجال عملهما، أما سعد الحسيني فيقول: تتدخل بعض الجهات الإنتاجية برسالة مشروعنا تحت شعار(هيك بيحب الجمهور، هيك طلب القنوات المعنية بالمسلسل) ولكن بالنسبة لي لن أتراجع عن رسالتي لأترك للجمهور ما يتذكرونه بعد رحيلي.
الجهات الإنتاجية ترد بشكل متناقض حيث إن أسامة شحادة (مدير شركة إنتاج فني) يقول: من حق المنتج أن يعطي رأيه بلحن الشارة ويعيد تسجيلها حتى يقتنع بها ومن حقه أن يوافق على الكلمات وعلى من سيغني الشارة أيضاً.. أما عبد الرزاق حوراني (مدير إنتاج) فيرى أن كل المنتجين يحترمون كل المهن الفنية بشكل عام، والمنتج الذي يسعى إلى مصلحة عمله لا يتدخل بخيارات المخرج ولا يفرض أي خيار وبالتالي تكون أمام الملحن صلاحية كاملة بوضع اقتراحاته الموسيقية.
مَنْ يشهر مَنْ؟؟
وفي موجة ليست بالجديدة إلا أنه زاد انتشارها في الفترة الأخيرة وهي الاعتماد على نجوم الغناء العربي (وخاصةً اللبناني) لأداء شارات الأعمال الدرامية السورية، خلقت إشكالية في ذلك الوسط الذي انقسم بين مؤيد للفكرة كونها عنصر ترويج مهماً, ومعارض للفكرة كونها تشكل خللاً في البناء الفني للشارة, وحيادي يرى في كليهما خيراً...
المؤلف الموسيقي سعد الحسيني يرى أنه من حق المواهب السورية الجديدة أن تأخذ فرصتها في الدراما السورية عوضاً عن إعطاء الفرصة لنجوم غير سوريين، مع أنه ليس ضد المواهب والنجوم غير السوريين إلا أنه متحمس لدعم المواهب السورية وخاصةً الجديدة منها، مضيفاً أن النجم العربي الذي يغني شارة مسلسل سوري هو المستفيد الأكبر حيث يُنسب له في كثير من الأحيان نجاح العمل الدرامي وهذا خطأ كبير، بينما يرى الموسيقي رضوان نصري أن اتجاه الشركات المنتجة لاختيار نجوم لغناء شارات أعمالهم الدرامية يكون لعدة أسباب حيث قد يكون لتغطية نقطة ضعف في العمل أو أن المحطة المعنية بشراء العمل تفرض مثل هذا الشرط أو اتجاه الشركات لترويج العمل على اسم ذلك الفنان من مبدأ تجاري بحت، مشيراً إلى أنه ليس ضد أو مع غناء فنان عربي مشهور لشارات المسلسلات السورية, حيث إنه عمل مع أكثر من 10 نجوم في هذا المجال إلا أنه هو من قام بأخذ المغني إلى موسيقاه وليس هو من ذهب إليهم، موضحاً أنه من صلاحياته كملحن أن يستبدل النجم بغيره حتى يشكل جزءاً من المنظومة الدرامية للعمل ويسير ضمن مسارها بالشكل المناسب.
هل النجم هو الخيار؟
وفي الإطار ذاته يقول الموسيقي رعد خلف: إن اعتماد الشركات المنتجة على نجم لغناء شارة المسلسل من مبدأ الترويج للعمل غير منطقي وخاصةً بوجود اسم لمخرج كبير ولممثل سوري مشهور، ولكن هذا لا ينفي وجود نجوم يؤدون هذا النوع من الغناء بطريقة مميزة وجذابة إلا أنها في حالات ليست كثيرة ولهذا السبب رفض العديد من العروض لرؤيته أن هذا النجم بالذات لا يتناسب مع النمط الموسيقي لأغنية شارة العمل إضافة إلى كونه ميالاً إلى فكرة الشارة الموسيقية أكثر من الشارة الغنائية... ويوافقه الرأي الموسيقي سمير كويفاتي الذي يجد أن الشارة لم تعد تطلب المغني وإنما أصبح المنتج هو من يحدد المغني وهناك بعض الملحنين المستحدثين يلبون رغبات المنتج التي تركض وراء الربح السريع وإرضاء المحطات التي تشتري الأعمال... كما يسأل الملحن طاهر مامللي: لماذا نتجه إلى نجوم الغناء ولدينا الكثير من الأصوات الرائعة؟؟ وبغض النظر عن الخيار الذي أتعامل معه سواء كان نجماً أم غير نجم – حسب المفهوم الشائع للنجومية – فالمهم أن يكون صوته يناسب النوع الموسيقي الذي أعددته للشارة.
مهم لكن الأهم!!
ومن وجهة نظر الجهات الإنتاجية فإن سبب اختيار نجوم مشهورين لغناء شارات الأعمال الدرامية السورية تنصب في مجال ترويج العمل فقط حيث يقول أسامة شحادة: إن ذلك يعود إلى وجود أغنية مميزة تسوّق المسلسل وتجذب أكبر عدد من المشاهدين وبالتالي تحقق مبيعاً أكثر للعمل الدرامي وخيار الجهات الإنتاجية هذا يكلفها في كثير من الأحيان حوالي 5-6 ملايين ليرة، كما يرفض أسامة أن يكون السبب وراء ذلك هو التغطية على نقطة خلل في المسلسل لأن المشاهد عندما يشاهد حلقة واحدة من العمل ولا يقتنع بها لن يتابعه مهما كان اسم المطرب الذي غنى شارته، بينما يخالفه الرأي عبد الرزاق حوراني الذي يرى أن الموسيقي بألحانه هو من يرفع سوية شارة المسلسل وليس اسم النجم المغني.
ومن وجهة نظر المخرج فراس دهني فإنه من غير المهم أن يغني نجم مشهور شارة المسلسل لأن الأهم في الشارة كلماتها وألحانها وماذا تقدمه للمشاهد وكيف تحضره لمتابعة العمل الدرامي، بينما ترفض فرح يوسف مغنية شابة (أدت غناء شارة مسلسل الولادة من الخاصرة) أن يغني نجوم غناء مشهورون شارات الأغاني لأن درامانا السورية لها وزنها وثقلها وليست بحاجة إلى أسمائهم كي يسوقوا لها والخطأ الذي لا تعرفه شركات الإنتاج أنها هي من تسوق لهؤلاء النجوم من خلال إقحامهم في أعمال مهمة ولها جماهيرية كبيرة.
البعد الثالث.. والكلمات
يعاني المؤلفون الموسيقيون من تحديد إبداعهم بمدة زمنية محددة للشارة التي قد لا تتناسب مع الفكرة التي يرونها مناسبة وتعبر عن العمل الدرامي، فيقول الموسيقي رعد خلف: أحياناً يكون لدى الموسيقي فرط لحني فيصبح الحيز الزمني للشارة قصيراً بالنسبة للمؤلف وأحياناً تكون الفكرة الموسيقية أقصر بكثير من مدة الشارة. مضيفاً أنه من الموسيقيين الميالين لتكون الشارة موسيقية ومعمولة لتكون تصويرية انطباعية تعبيرية مجردة من الكلام حتى تستطيع إعطاء البعد الثالث للمادة الدرامية، وهذا ما أكده عبد الرزاق حوراني أن المدة الزمنية للشارة تتحدد منذ بدء العمل وغالباً ما تكون دقيقتين ونصف للبداية ودقيقة ونصف للنهاية.
مزيج إبداعي ينتج رؤية موسيقية جذابة.. وترويج تجاري يخترق الشكل الأمثل لها
ومن جانب آخر وضمن إطار كلمات أغاني شارات المسلسلات يشير الموسيقي رعد خلف إلى أن كاتب الكلمات يفكر في أغلب الأحيان بطريقة تفكير الملحن نفسها وهي طريقة البحث عن كلمات لشعر ذي طبيعة درامية مبنية على أحداث المسلسل وليست مجرد كلمات لمادة غنائية بحتة، بينما يشير الموسيقي سمير كويفاتي إلى مشكلة أن تحصر كلمات الشارة الملحن في زاوية معينة تحد موهبته وخاصةً إذا كان كاتب الكلمات شاعراً إلا أنه غير متخصص بهذا النمط الشعري... أما أسامة سعود (كاتب كلمات شارات الكثير من الأعمال الدرامية السورية وأشهرها مسلسل باب الحارة) فيقول: إن كاتب كلمات الشارة يتعاون مع الملحن الموسيقي لوضع الأفكار الأساسية بعد أن يكون قد أخذ الفكرة العامة عن العمل الدرامي ودخل في أجواء التصوير بشكل مبدئي, وبالاتفاق مع المخرج يتم التعديل على الكلمات للوصول إلى النتيجة المطلوبة التي تقنع الأطراف الثلاثة من خلال تبادل وجهات النظر ولتكوين الصيغة الأفضل للجمهور والتي تجذبهم أكثر وتعبر عن العمل بالشكل الصحيح.
صناعة الحالة الموسيقية
وهناك مشكلة أخرى يعاني منها المؤلفون الموسيقيون وهي ضيق الوقت الذي يعطى لهم لوضع ألحان الشارة وعدم إتاحة الوقت لهم لمشاهدة العمل قبل البدء بالتلحين بل الاكتفاء بقراءة نص العمل الذي من الممكن أن يتم التعديل عليه كثيراً على الرغم من الحاجة إلى الدخول بتفاصيل الإخراج من لوكيشن وإضاءة وديكور وتمثيل وغيرها، فيرى الموسيقي سمير كويفاتي أنه من المفروض الاطلاع على تصوير العمل بالكامل ولكن للأسف لا يوجد وقت كافٍ للوصول إلى حالة موسيقية تضع المشاهد بصورة العمل تماماً والسبب في ذلك أن الشارة تكون مطلوبة من المخرج قبل الانتهاء من إنجاز العمل بفترة معينة للاعتماد عليها في تسويق العمل، بينما مدير الإنتاج عبد الرزاق حوراني يرى أنه على الملحن أن يقرأ النص ويضع ألحان الشارة التي تتناسب مع الظروف الدرامية الموجودة في العمل.. أما المغنية فرح يوسف فتشير إلى أنها قد اطلعت على العمل بشكل عام من دون قراءة النص وإنما من خلال صداقتها مع كاتب العمل الذي عرّفها بقصة العمل ووضعها في أجواء القصة بشكل مسهب وكانت بحاجة لمعرفة تلك التفاصيل حتى استطاعت أن توصل الإحساس بالشكل الصحيح للجمهور.
جهود كبيرة وتقدير أقل
يشكو الملحنون من عدم حماية حقوقهم كموسيقيين في مجال الدراما وعدم تقدير جهودهم كمنجزي هذا النوع من الإبداع الفني في أغلب الأحيان، فيقول الموسيقي رضوان نصري: إن الجمهور يقدر جهودنا أكثر من الجهات التي تقوم بإنتاج هذه الأعمال والدليل على ذلك عندما نرى كيف تعيش موسيقانا مع الجمهور بشكل كبير في الشارع.. بينما يرد المنتج أسامة شحادة أنهم كجهات منتجة يحمون حقوق الموسيقيين من خلال الترويج والتسويق لأعمالهم عن طريق تنزيل أغاني الشارات في الأسواق إضافة إلى بثها على المحطات الإذاعية السورية ولمدة طويلة وهذا ما يحقق لهم شهرة كبيرة.
من جانب آخر يشير المؤلف سعد الحسيني إلى أنه من خلال الجهود التي بذلها الموسيقيون في مجال شارات المسلسلات السورية وخاصةً في الفترة الأخيرة تم اكتشاف وتقديم أصوات قديرة سورية ومواهب شابة مميزة وجميلة إضافة إلى طرح الأغنية الدرامية بشكل فعّال من خلال شارات نالت إعجاب الجمهور واهتمامهم.
موسيقا عالمية بتفكير سوري
ومن مجمل هذا النوع الفني المبدع هناك سؤال يطرح نفسه بجدارة، ألا وهو: هل تؤسس شارات المسلسلات السورية لأغنية سورية جديدة؟؟
وهنا ترد الجهات المعنية بالموضوع بآراء مختلفة حيث يشير المؤلف طاهر مامللي إلى أنه ومجموعة من المؤلفين الأصدقاء الذين يعملون بالشكل الصحيح في هذا المجال قد أسسوا أشبه بنقابة خاصة بالمؤلفين الموسيقيين في مجال الدراما يحاولون من خلالها الوصول إلى نوع من الموسيقا غير الهابطة البعيدة عن الموسيقا التجارية المربحة وبالتالي الشارات الموسيقية التي قدموها أخذت صفة فنية أعلى من مستوى الأغنية الخاصة بالشارع، وفي المقابل لا يجد أن هناك أغنية سورية خاصة لأننا لا نملك هذه الصناعة الفنية نتيجة عدم تطبيق حقوق الملكية بشكل جيد، وبالتالي أغنية الشارة مفصولة عن الأغنية السورية غير الموجودة في الأساس حتى الآن.. ويوافقه الرأي الموسيقي رضوان نصري الذي يرفض تسمية أغنية سورية إلا أنه يقول: إن شارات المسلسلات قد أسست لحالة فنية تعتمد على الموسيقا العالمية بطريقة تفكير سورية، أما المخرج فراس دهني فيعتقد أن ما تم إنجازه هو حالات بعيدة عن تأسيس أغنية سورية والسبب مشكلة تصنيع النجم المغني وتصنيع الأغنية المحلية وعدم القدرة على الخروج من الرتابة والتقليدية في التلحين إضافة إلى مشكلة سوق الأغنية السورية حيث إننا بحاجة إلى قرار ثقافي فني إعلامي لنشر الأغنية السورية وهذا القرار غائب حالياً.
إلى أغنية سورية جديدة..
وفي الإطار نفسه يشير الموسيقي سعد الحسيني إلى أن بعض المقدمات الغنائية للمسلسلات السورية تؤسس لأغنية سورية جديدة، وذلك في حال كانت ملحنة بهيكلية الأغنية الرائجة، لكن ليس من المفترض أن تكون المقدمات الغنائية للمسلسلات الدرامية ذات طابع تجاري أسوة بالأغنية الرائجة؛ حيث إن أغنية المسلسل الدرامي تحمل مفهوماً ورسالة وفكراً ابتعدت عنه للأسف معظم الأغاني الحديثة، مضيفاً: إن الأغنية الرائجة لا تحتوي لغة بصرية، وإنما تقتصر على لغة الإبهار السمعي الذي غالباً ما يعتمد على الإيقاع لا على التلحين، أما الأغنية الدرامية فيجب أن تحتوي على لغة سمعية بصرية بغض النظر عن نوعية اللحن والهارموني والإيقاع، بينما ترى المغنية فرح يوسف أن شارات المسلسلات السورية قد أسست لأغنية سورية جديدة أو بالأحرى قد صنعت تلك الأغنية والدليل على ذلك أن الجمهور يحفظ أغاني المسلسلات السورية أكثر مما يحفظ الكثير من الأغاني الرائجة في السوق بشكل عام، ويوافقها الرأي كاتب الكلمات أسامة سعود الذي يرى أن تلك الشارات هي أساس وجود أغنية سورية إلا أن المشكلة في عدم وجود شركات إنتاج للأغنية السورية والابتعاد عن دعم المغنين السوريين والحفاظ على حقوق من يعمل في هذا المجال.
من هنا وهناك
يأسف الموسيقي سمير كويفاتي لوجود موسيقيين شباب دخلوا هذا المجال ليس عن فكر أو دراسة أو هواية وإنما كمهنة لكسب المال فقط مستغلين المنتجين التجار الذين يبحثون عن أي فرصة للتوفير في الأجور، وهؤلاء يعتمدون على مبدأ أساسي في تأليف الشارة الغنائية وهو أن تكون أغنية على النمط الرائج بين الشباب تنتشر وتسوق بشكل كبير.
يرى المخرج فراس دهني أن الشارة الموسيقية هي أحد عناصر الأوركسترا التي يقودها المخرج لذلك لا بد من أن يكون موافقاً على الشارة بتفاصيلها، وأحياناً كمخرجين نجد أن موسيقا الشارة مخالفة لرؤيتنا إلا أننا نتعامل معها على أنها قراءة جديدة تغني العمل الدرامي لأن أي عمل فني هو تراكم وجهات نظر الكاتب والممثل ومدير التصوير والملحن ومدير الإضاءة والمومنتير إلى جانب المخرج.
تعتقد المغنية فرح يوسف أن شارة مسلسل «الولادة من الخاصرة» قد قدمت الكثير للعمل لأنها حملت موسيقا فريدة من نوعها ضمن نمط موسيقي يصنف تحت عنوان (الكلاسيك سيمفوني) وهو نمط غير متداول في أغاني الشارات بشكل كبير حيث إن أغلبها يعتمد على الأصوات البشرية والأصوات المستعارة أو على الأوبرا بشكل كبير