2012/07/04
وائل العدس – الوطن السورية
كاتبة نشيطة ورقيقة ولا تعرف طعم الراحة، لامست بأعمالها عدة مشاكل اجتماعية وعكست بنصوصها شخصيتها المفعمة بالأنوثة، تعتبر روايات وكتابات أحلام مستغانمي ملهمتها الأولى.
بدأت مشوارها في مسلسل «البيوت أسرار» من إخراج علاء الدين كوكش منذ 11 عاماً، قبل أن تحقق نجاحاً لافتاً في «أشواك ناعمة» إخراج رشا شربتجي وتناولت فيه مشاكل سن المراهقة ومعاناة البنات في هذه السن الخطرة، كما قدمت في ذات العام «2006» برنامجاً كوميدياً منوعاً «لو كنت مكاني» وشاركت بكتابة العمل البوليسي «وجه العدالة»، لتتحول بعدها للمشاركة بكتابة أطول عمل خليجي بنظام سوب اوبرا بعنوان «أيام السراب» المؤلف من200 حلقة، ومن ثم كتبت البرنامج الدرامي الكوميدي الديني «سحوركم مبارك» وبعده برنامج المسابقات «طرّة ولا نقش» وشاركت بكتابة عدة حلقات من بقعة ضوء ومرايا وبرنامج «سكيتش».
ثم قدمت مسلسل «الصندوق الأسود» إخراج سيف شيخ نجيب، أما آخر أعمالها فهو «بنات العيلة» الذي انتهى تصويره بكاميرا المخرجة رشا شربتجي منذ أيام قليلة. الكاتبة السورية رانيا بيطار حلت ضيفة على صفحات «الوطن» من خلال الحوار التالي:
البعض وصف «بنات العيلة» بأنه نسخة طبق الأصل عن «صبايا» بما يتعلق بالفكرة، فأين يختلف عنه في المضمون؟
يعتقد كل من يسمع أن هناك عملاً تلفزيونياً أغلبية بطلاته من الجنس الناعم، إنه عمل يشبه مسلسل صبايا وهذا ليس مشكلة، لكن بالفعل «بنات العيلة» لا يشبه «صبايا» فهو مسلسل اجتماعي جاد يحوي خطوطاً درامية مهمة قد تمتعنا، لكنها بنفس الوقت تترك أثرها العميق داخلنا، فمشاكلنا لا تؤخذ دائماً بطريقة مرحة كوميدية، فنحن نحتاج لجرعة درامية لصراع.. لقضايا مهمة تمس ما تعانيه بناتنا، إنها الحياة بكل ألوانها «الفرح، الحزن، الخير، الشر، المبادئ، الأخلاق، وعذاب الضمير».
قصص بنات العيلة قصص بنات تشبه بناتنا العربيات اللواتي تحمل كل منهن هماً يؤرقها ويؤلمها أحياناً. إنه الواقع مع إضافة نكهة مرح خفيفة تضفي جواً من الراحة النفسية على عمل مملوء بالواقع المر أحياناً.
ما الرسالة التي يوجهها «بنات العيلة»؟ وهل يحاور الجنس اللطيف بالفعل أم إنه موجه لكل أفراد العمل؟ وهل توجيه رسالة في كل عمل أمر مطلوب وأساسي؟
يطرح بنات العيلة من خلال قصصه الكثير من القضايا وبالتالي الكثير من الرسائل المهمة، منها ما هو خاص ومنها ما هو عام، فكم من امرأة تعاني من الخواء العاطفي بعد زواجها من رجل مرت عليه السنون فأفقدته المشاعر الجميلة الرقيقة التي تحتاجها كل امرأة ولا تشعر بأنوثتها كاملة دونها؟ وكم من امرأة خدعت برجل كانت تعشقه وفجأة اكتشفت أن هناك سراً بحياته قبلت به لأنها تحبه ولكن الحب شيء وتقبل أسراره شيء آخر؟ وكم من امرأة تتوق للزواج برجل يحقق لها كل ما تحلم به من بيت وسيارة وحساب كبير في البنك، يحقق لها كل أحلامها وتنسى مشاعرها ورومانسيتها وتقف ضدها لأن الرومانسية بنظرها للمراهقات فقط، ثم فجأة مع مرور الأيام تكتشف أن الزواج لا يبنى على المادة وأن الحب أهم من كل شيء، وكم من امرأة فقدت الجو الأسري السليم وعاثت الحياة فيه فساداً وحين التقت بالرجل المناسب كان الوقت غير مناسب؟
رسائل وقضايا كثيرة جداً يطرحها «بنات العيلة» وهو أن كتب للجنس الناعم فليراه الجنس الخشن، فكلاهما يكمل بعضهما والرسائل التي يقدمها العمل موجهة له ولها، فالحياة ذكر وأنثى ولا تكتمل الحياة من دون أحدهما.
تكتبين نصوصاً اجتماعية تحاكي الحياة اليومية، ولكن ألا تشعرين أن الجمهور ملّ من تكرار هذه القصص والمشاكل؟
لا أظن أن المشاهد يمل من رؤية مسلسلات تشبهه وتعالج قضاياه وإن كثرت الأعمال التلفزيونية فقضاياه أكثر، ولا تتناول كل الأعمال نفس الموضوع وإن تناولته نفسه فبنَفس وأسلوب ونكهة جديدة تضيف المتعة والتشويق على العمل وهذا أكيد.
برأيك.. ما الذي يتطلبه الذوق العام في الوقت الحالي؟
يتطلب أعمالاً واقعية صادقة تلامس همومه بكل واقعية ودون تذويق، يتطلب جرعة من المرح والكوميديا، فطول الأزمة في سورية أتعبت كل النفسيات، وبتنا بحاجة ماسة لأعمال كوميدية تريح الأعصاب المشدودة المتعبة المتوترة وتعيد لها بعض السكينة والهدوء.
إلى أي مدى تشعرين أن ما تكتبينه يلامس هموم المواطن السوري؟
إلى مدى بعيد، فهذه رسالتي في الحياة لا أكتب شيئاً مجانياً، فليس برأيي هناك وقت أضيعه في الأعمال التي لا تترك بصمة، لذا أبحث دائماً عن مواضيع جديدة وأفكار متجددة وأقدمها بطريقة تقدم المتعة إلى جانب الفائدة حتماً.
هل تكتبين ما يتطلبه السوق أم إنك وضعتِ لنفسك خطاً معيناً لن تحيدي عنه بعيداً عن النصوص التجارية؟
لا أستطيع أن أتماشى مع ما يتطلبه السوق، وحين عرض علي كتابة الجزء الثاني من «صبايا» لم أفلح في كتابة حلقاته لأنني لم أجد نفسي فيه، جربت وفشلت لذا انسحبت من العمل وتركته لمن هو أقدر مني على كتابة مثل هذه الأعمال السهلة الممتنعة الصعبة، فعمل كصبايا يظن الكثيرون أنه عمل سهل لكن هذا ليس صحيحاً أبداً.
أين نصوصك من الأزمات السياسية والحروب التي يمر بها الوطن العربي بشكل عام وسورية بشكل خاص؟
لكل كاتب وجهة واتجاه وأنا أحب معالجة القضايا الاجتماعية ولا أجد في الأزمات السياسة شيء يغريني للكتابة تاركةً المجال لكتاب غيري يبدعون في مثل هذا المجال، وسورية لا تبنيها فقط الأعمال التي تناقش الأزمات السياسية، بل تبنيها كل الأعمال التي ترتقي بشعبها حتى لو كان عملاً كوميدياً بسيطاً وكل منا يقدم في عمله حجرا لنبني هذا الوطن العظيم.
هل تضعين شروطاً معينة على الشركة المنتجة قبل بيع النص؟ وهل تضعين شروطاً أيضاً على مخرج العمل وإلى مدى تسمحين له بالتدخل في تعديل النص، وهل تبدين وجهة نظرك في اختيار الشخصيات؟
بعد تجربتي في مسلسلي الصندوق الأسود أصبح من المستحيل ألا أختار أنا مخرجاً عملياً وأوافق عليه، فجهد سنين من المؤلم أن يضيع فقط لأن مخرج عملي لم يفهمه جيداً فحوله لعمل ممسوخ فقد الكثير من قيمته الحقيقية.
وأما عن الشروط التي يمكن أن أضعها على مخرج العمل فأنا أعتقد أن للمخرج الحق أن يخرج النص برؤيته الإخراجية لكن دون أن يسيء عمله للنص الذي بين يديه ولا يفقده ماهيته ورسالته ومضمونه كما حصل في الصندوق الأسود، واختيار الشخصيات غالباً يكون بالاتفاق معي، فالكاتب أقدر أن يختار الممثل المناسب للشخصيات التي يكتبها ويعيش معها طوال شهور.
هل تعاني الدراما السورية بالفعل من أزمة نص أم أزمة فكر أم أزمة مشاهد؟ وما السبب برأيك؟
الدراما السورية لا تعاني برأيي إلا من أزمة التكرار، فما أن ينجح عمل من نوع ما كوميدي.. تراجيدي.. تاريخي أو بيئة في سنة ما حتى نرى في السنة القادمة عشرات النسخ منه، وهذا برأيي غير صحي وغير صحيح، فما يلقى بالنا وإعجابنا اليوم قد لا يلقاه غداً.
كيف تصفين أجور الكتّاب السوريين، وهل تتناسب مع أجور الممثلين والمخرجين؟
أجور الكتاب ضئيلة ومتواضعة جداً ليس مقارنة فقط بأجر الممثلين والمخرجين بل مقارنة بالجهد الذي يقوم به الكاتب وهو يبدع شخصيات وأحداث عمله، فالعمل الفكري من أصعب الأعمال على الإطلاق وحتى إن أنجزه الكاتب في مدة قصيرة وفي بيته فهذا لا يعني أنه عمل سهل يقوم به وهو مرتاح على أكمل وجه. الشخصيات تؤرقنا وأحداث العمل تقلقنا وتفقدنا القدرة على النوم، ومتع الحياة كلها تتوقف وتتأجل حين نبدأ بكتابة عمل جديد وهذا برأيي جهد يستحق التقدير والأجر الجيد.
يقال إن وجود بعض دخلاء الإخراج والتمثيل سبب أزمة في الدراما، هل ينطبق هذا الكلام على الكتّاب أيضاً؟
لكل مجتهد نصيب وكل من يملك موهبة له الحق في المشاركة وهذا لا يصنع أزمة برأيي، فالنص الجيد يفرض نفسه إن كتبه كاتب أو مخرج أو ممثل، وشرط النجاح هنا الموهبة والتميز وليس الوساطات وحب التجربة.
أعمالك الجديدة بعد بنات العيلة.
أعكف حالياً على كتابة مسلسل اجتماعي باللهجة الخليجية قد يحمل اسم (امرأة من صوان) فقد راقت لي فكرة الكتابة بلهجة ليست لهجتي كما فعلت يوماً حين كتبت مسلسلي الأول «البيوت أسرار» وكان باللهجة الحلبية ومسلسل «أيام السراب» الذي كان باللهجة السعودية لكن مع الاحتفاظ برؤيتي الكتابية، أحب الغوص في عوالم جديدة ومجتمعات مختلفة كنوع من التجديد.