2012/07/04
سامر محمد إسماعيل – الوطن السورية
ثمة ما يلفت فعلاً في الحرب المستترة بين بعض القائمين على المسلسلات التلفزيونية السورية من منتجين ومنفذي إنتاج وممثلين ومخرجين من جهة، وبين أصحاب القرار من جهةٍ أخرى تخطت مرحلة العودة ثمة من خذلَ الآخر، لم يعد الأمر سراً، الحكاية تجاوزت ذلك بكثير إلى ما يشبه «عض أصابع» فالمراقب اليوم لتزايد هجرة «نجوم الدراما السورية» إلى خارج بلادهم سيعرف أن علاقة هؤلاء تجاوزت سنوات العسل التي كانوا يعيشونها ما قبل اندلاع الأزمة؛ فقبل 15 آذار 2011 كانت أخبار الممثلين السوريين في صدارة أخبار البلد. الممثلون الذين كانوا يتكلمون في كل شيء من برامج الطبخ إلى برامج السياسة، من ينسى عشرات حفلات التكريم ومونديالات الجوائز شبه الشهرية التي كان أصحاب القرار يخصصونها للقائمين على مجد دراماهم المحلية؟ من يستطيع أن ينكر حجم التلميع المستمر لهؤلاء من حكومة بلادهم؟ تشهد على ذلك جوائز وزارة الإعلام وسباق المسلسلات وحضورهم المكثّف في حملات الرعاية بذوي الاحتياجات الخاصة وأطفال السرطان ودعم أطفال غزة، جميعنا يتذكر حفل جوائز «أدونيا» الأسطوري الذي كان يوزّع «أوسكاراته» التلفزيونية بدعم من أعتى شركات المال المكوي جيداً! وقتها كان ممنوعاً أن تنتقد أحداً من «النجوم» في الصحافة الرسمية؛ حتى وإن قام الفنان أيمن رضا وزميله الفنان سامر المصري بتشويه نشيد شعبي عن يوم جلاء المستعمر الفرنسي عن سورية من صيغة: «أنا سوري آه يا نيالي» إلى صيغة: «أنا سوري بس خشخشلي بالريالي» وقتها فقط كان من المعيب أن تشكك بفخر هذه «الصناعة الوطنية» المدعومة من فضائيات الخليج وشيوخه. لم تكن نقابة الفنانين السوريين وقتذاك «مدعومة من القيادة القطرية لحزب البعث» تحصي على أحد من منتسبيها مايتقاضاه من أجورٍ خيالية في المواسم الرمضانية، ولم تكن النقابة العديّة تطالب أحداً بدفع ضرائب «فرض العين» حتى على ممثلي الصف الثالث، فالجميع يذكر كيف انبرى الفنان أسعد فضة نقيب الفنانين السابق للدفاع عن زملائه عندما طالبت النقابة بفرض ضرائب على الممثلين الذين يعملون في المسلسلات الأردنية ليتم تعطيل القرار ووضعه في الأدراج، حينذاك لم يكن يجرؤ أحد على إيقاف بث قناة «سورية دراما» قرابة الشهر دون ولو حتى اعتذار من جمهورها العربي المحتمل قبل المحلي، معطلاً «لذة» مشاهدة فضائية «دراما لا مثيل لها»!. حدث ذلك بسرعة كبيرة؛ على الأرجح عندما كان «السبونسر» الرسمي منه والخاص- يتوقع من «نجومه» وقفةً معه كوقفة رجال مسلسلهم «باب الحارة» إلا أن بيان «أطفال درعا» المعروف بـ«بيان الحليب» جعل بعض أصحاب القرار يرددون كلام الشاعر: « إذا كان الطباعُ طباع سوءٍ، فلا لبنٌ يفيدُ ولا حليبُ». لتتصدر النجمة يارا صبري قائمة الموقعين على بيان «أطفال درعا» دون أن يذكّرَها أحد بحلقة كاملة صوّرتها لبرنامج الكاميرا الخفية «نجم المقالب-إنتاج روتانا خليجية» والذي تظهر فيه الفنانة صبري كسيدة تستقدم لخدمتها طفلة صغيرة بغرض تنظيف منزلها، لتتظاهر يارا بعدها بالموت مقتولةً بسكين مزروعة في صدرها حتى المقبض؛ وليأتي رجال الشرطة على الفور للقبض على «الطفلة المجرمة» الأمر الذي كان من الممكن أن يُفقد الطفلة -موضوع المقلب- صوابها. هكذا تمايزت مواقف النجوم من حراك شعبي على أرض بلادهم، لتنتشر حملات التخوين ضدهم في إذاعات منوعات الFM لتصير هذه الراديوهات بين يوم وليلة بمنزلة وكالات للخبر السياسي دون أي ترخيص لها بذلك» تراخيصها للأغاني وليس للسياسة»، مستفيدةً من غياب دور فاعل للتلفزيون العربي السوري في نقل الخبر من الأماكن الساخنة، إضافة لغياب دور حقيقي لمجلس الإعلام الوطني الجديد والذي حتى الآن لا يملك حتى مقراً لاجتماع أعضائه.
إن تصوير أبرز مسلسلات الدراما السورية تسويقاً «ملك التاكسي» و«صبايا» خارج جغرافيا بلادها ما هي إلا خطوة ستليها خطوات أخرى على ما يبدو للرد بهدوء على قرارات غير معلنة ربما تحاول اليوم معاقبة «الكافرين بالنعمة» ولاسيما أن العملين المذكورين لقيا دعماً مالياً خيالياً من قنوات النفط العربي، يحدث ذلك في حين تتردد أنباء عن تعديل المخصصات المالية للمؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، وذلك بسحب وزارة الإعلام السورية لصالح خزينتها 300 مليون ليرة سورية من أصل ميزانية المؤسسة الإجمالية «نحو 600 مليون ليرة سورية». فهل سيساهم هذا في شطب تاريخ دراما بدأت مطلع تسعينيات القرن الفائت بمسلسل الرواية التلفزيونية «هجرة القلوب إلى القلوب» للمخرج هيثم حقي وكاتبها عبد النبي حجازي، أم إنها فعلاً «هجرة القلوب إلى الجيوب» النفطية سخية العطاء دون جزاء؟