2012/07/04
إسماعيل مروة – الوطن السورية
يده تحت ذقنه دوماً، اللفافة لا تفارق أصابعه في كل وقت وحين، وابتسامته تغطي المساحة العابسة من جبينه، لا يشبه غيره، ولا يتمثله أحد.. وجد الناس صورته أمامهم دون سابق إنذار، اكتشفوه مجدداً كما اكتشفوا العديدين، أحبوه، ارتبطوا به، أبكاهم كثيراً، أضحكهم كثيراً، ربطهم بالأرض والتراب حين كان العاشق للأرض تمثيلاً، كما بقي العاشق للأرض وسورية حتى آخر لحظة من حياته.
من الشام خرج للعالم وفي الشام أفرغ روحه المترعة بالحزن والحب والانتماء على دفعات، لم يشأ هذا الكبير أن يفجعنا دفعة واحدة، فغادر على مراحل، دفعة وراء أخرى، فغاب واستقر وطمأن، وعندما صارت الشمس في قرص السماء رافقها في رحلتها للغروب، فصار صديقاً لها لا يغيب أبداً، فهو مع ظهورها وغروبها رفيق رحلتها كل يوم.
السوري الجميل الطويل الذي يحمل سترته على كتفه، ويشارك عمالقة السينما المصرية، ويسرق منهم البريق والكاميرا والدور.. يرتاح السوري الطويل ليرتب أوراقه وشعراته البيض، ويمعن النظر في وجه آسر مميز من النادر أن يجود الزمان بمثله، ارتاح في قمقم مؤقت ليخرج مارداً سورياً على أرض سورية.. عاد النجم الذي لا يغيب عن أغلب الأعمال، فهو القاسم المشترك الرابح والفارس الذي لا يُشق له غبار في كل الأعمال..
كل ما فيه مميز..
جسده وحركاته..
صوته ورنين نغمة الصوت حزناً وفرحاً وعمقاً
نظرته ورجفة جفونه
رموشه
حركات يديه وقدميه
حنانه وقسوته
كل ما في خالد تاجا مميز غاية التميز
علامة خاصة بحياتنا ودرامانا خالد تاجا.. رحل عن دنيانا ليأخذ معه قسماً من شموخ الموهبة والممثل رحل ليترك مكاناً لغيره لن يكون ممتلئاً في يوم، رحل وقد آلم المؤلفين الذين كتبوا وفي تصورهم أن خالد تاجا سيعطر عملهم بحضوره بطولة أو مشاركة أو ضيفاً، رحل ولم يمهل المخرجين الأصدقاء والتلاميذ الذي كانوا يركنون إلى وجوده في أعمالهم..
خالد تاجا لم يكن ممثلاً عادياً
حالة من العشق والإنسانية والصدق كان خالد تاجا..
حالة فريدة من التصالح مع ذاته وغلطها وصوابها كان..
كان ممثلاً على الشاشة وإنساناً بكتلة المشاعر والأحاسيس بيننا
رحلة- على قصرها- أغنى من الغنى كانت
أدوار لا تنسى
وشخص لا يتكرر
من «الله يهدّ الروماتيزم ووجع الظهر»
إلى التغريبة
إلى الدبور وقمة الشرّ المحبب
إلى الشاشة الكبيرة وقامته الممتدة بعيداً بعيداً
إلى كل الزوايا في الذاكرة الحاضرة المرهقة كان خالد تاجا، فهل نجد وقتاً لدى المهتمين والمعنيين لتدوين وتصوير حياة الفن، وها هو الفن يطوي صفحاته العتيقة ليغادر؟!