2012/07/04
حسين صقر - الثورة
وكأن في الموسيقا ما يساعد على تغيير الإنسان من حال إلى حال.. وهي ابنة الملامح الصامتة ووليدة العواطف الكاشفة عن نفسية الأفراد الواعين لحقيقة ما، هذا ما قاله جبران خليل جبران..
والموسيقى هي فن تأليف الأصوات المطربة للسمع، الملائمة للذوق السليم ذات الأثر الفعال في تنمية الأخلاق السامية، وتكون إما آلية مصدرها الآلات الموسيقية وإما غنائية مصدرها الحنجرة..
وكي لا تبقى هذه اللغة حبيسة المكان والزمان، لا بد من نشرها والتعريف بها، ليطرب بها الصغير والكبير، والجاهل بأهميتها وكذلك العارف، حيث تقع المسؤولية الكبيرة في هذا الشأن على وسائل الاتصال المرئية والمسموعة.
والتلفزيون إحدى هذه الوسائل التي لم تقصّر في هذا الاتجاه ولاسيما في زحمة البث الفضائي، ولن نطيل الحديث عن الموسيقا والغناء وأهميتهما في حياتنا، لأن الموسيقا أساساً إحساس موهبة وليست دراسة، والغناء توءم لها وهو الروح الحاملة لذلك الجسد الشفاف، ويتبادلان الدور في كثير من الأحيان، وكثيرة هي المواهب التي دخلت عالم الموسيقا والغناء وعالمنا الداخلي دون استئذان، وفرض أصحابها حضورهم وأصواتهم وأصبح لهم باع طويل في هذا المجال.
برنامج «عرب آيدل» أحد البرامج المهمة الهادفة لاكتشاف المواهب الغنائية العربية، ويبث على الهواء مباشرة مساء يومي الجمعة والسبت، من كل أسبوع عبر شاشة «إم بي سي» وقد تأهل فيه للمرحلة الرابعة خمسة مشاركين وهم « نادية المنفوخ من سورية، والأردني يوسف عرفات، والمصرية كارمن سليمان، ودنيا بطمة من المغرب، والسعودي محمد طاهر»، وخرج منهم حتى الآن محمد طاهر ثم ناديا المنفوخ وغادر قبل ثلاثة أيام يوسف عرفات، حيث كان المشتركون يقدمون أغنيات من اختيارهم أمام لجنة التحكيم المكونة من الفنان راغب علامة والمطربة أحلام والموزع الموسيقي حسن الشافعي، قبل أن يصنفهم الجمهور إلى متأهلين للمرحلة التالية أو قابعين في منطقة الخطر.
البرنامج من حيث المبدأ وبالمقارنة بالبرامج الأخرى التي اهتمت بالمواهب الشابة، بالتأكيد يعطي فرصاً كثيرة للنجاح، والأهم من ذلك أنه الطريق الآمن لإتاحة المجال للموهوبين لإسماع أصواتهم للناس، فكيف إذا عرفنا أن هذه البرامج أصلاً تحظى بنسبة متابعة كبيرة يقل نظيرها في البرامج الأخرى.
لكن المشكلة الكبيرة في هذه البرامج الطريقة التي يتم اعتمادها لصعود المشاركين أو هبوطهم وبقائهم في دائرة البرنامج أو الخروج منه، والتي تعتمد على اتصالات الجمهور وعدد الأصوات التي يحصل عليها المتسابق ليكون السوبر ستار في البرنامج، وتقع هذه البرامج في نفس المطب لجهة اختيار الفائز مع أن المحطات تحقق أرباحاً كبيرة عبر تلك الوسيلة التي تفتقد الموضوعية في التقييم، إذ لاندري كيف تتم الاتصالات وكيف يتم جمع الأصوات، فضلاً عن توفر السبل لهذه الاتصالات وسهولتها ووفرتها والتي تخضع لإمكانية الدول التي ينتمي إليها المتصلون، ولا يخفى على أحد كم من المشاركين في مثــل هذه البرامج لم يحصلوا على حقوقهم بالنجاح، وكم من الآخرين الذي حصلوا على نتائج مرضية لهم ولدولهم لمساعدة الحكومات ذاتها في هذا الأمر، ما أفقد المشاركين البقية فرصهم بالنجاح الحقيقي والمنافسة الصحيحة، وما سبق من هذه البرامج يشهد على ذلك.
ثانياً: اللجان المشاركة في تقييم أداء المشاركين وافتقاد بعضهم للموضوعية في هذا التقييم، أي أن إذا أحب هذا البعض شخصاً وارتاح له يمكن أن يضعه في أعلى الدرجات وإذا لم يحصل ذلك الشخص على الرضا المطلوب خرج من البرنامج ولم يسأل عنه أحد، هذا بالإضافة إلى طريقة اختيار اللجنة والتي يجب أن تخضع أيضاً للفحص والشروط الموضوعية، حيث المطلوب من العضو المشارك في تلك اللجنة إقناع المشاهد أيضاً بوجهة النظر التي يقولها للمتسابق، وكثيراً ما نجد بين أعضاء اللجنة من هم يفتقدون لموضوع الإقناع حيث ينحصر تقييمهم بكلمات المدح أوالاختصار بكلمة ثناء أو شكر، ودون أن ننسى اتجاه التقييم الذي ينحرف عن مساره ليصبح الحديث عن تجارب ورغبات وميول عضو اللجنة، أو الحديث عن صاحب الأغنية الحقيقي والذي يقوم بتقليده المتسابق.
ثالثاً: اعتمد البرنامج وخاصة في البداية على خروج المتسابقين على مبدأ شاب_ فتاة وهكذا، وهذا بحد ذاته يظلم المتسابقين ويبخس حقوقهم، وبالتالي نسأل هل الاتصالات والتقييم تحكم بخروج مرة شاباً ومرة أخرى فتاة أم ثمة شيء لا نعرفه؟ ويمكننا طرح هذا السؤال بقوة وخاصة أننا شاهدنا في المراحل الأخيرة كيف كان باستطاعة المشاهد معرفة من سيغادر البرنامج من خلال حديث اللجنة عن المتسابق وكذلك ما يقول مقدما البرنامج.
رابعاً: اختيار الأغاني، فربما كان من الأفضل أن تساعد اللجنة على اختيار اللون الذي يناسب المتسابق كي لا يقع في هذا المطب، ويكون ذلك فرصة للفت نظر الجمهور بأنه غير موفق في ذلك، لأن نظرة الفنان المشارك في اللجنة تختلف عن نظرة الجمهور الذين تأخذهم العاطفة أحياناً أثناء التصويت.
رغم ذلك تبقى الموسيقا لغة عالمية خاصة، قلائل هم من يجيدونها، تخاطب القلوب وتأسر النفوس، و«عرب آيدل» وغيره من البرامج التي يمكن أن تساهم بإحياء الفن والطرب الأصيل، هذا الفن الراقي البعيد عن الإسفاف في اللفظ والمعنى، وقد نجح هذا البرنامج في استقطاب مشاركين كثر ومتابعين أكثر، ولا بد أنه سيحمل مفاجآت وأسماء جديدة ليبقى وغيره العلامة الأبرز التي تعمل على إعادة إحياء التراث الفني الغني الذي تتمتع به المنطقة العربية وإن كان للخليجية النصيب الأكبر فيها.