2012/07/04
خمس الحواس
عشاق ومحبو الفن الراقي كانوا على موعد مع صوت الحنية والحرية و المحبة، صوت المقاومة والانسانية، صوت طال الشوق لسماعه، وصاحب الحظ من حظي بتذكرة لحضور الحفل الذي أقيم مؤخرا على مسرح «بلاتيا» في لبنان. أمسية ليست كباقي الأمسيات، إنها حفلة الحفلات، التي أطلت فيها جوليا بطرس على محبيها الذين قدموا من أنحاء العالم لسماع صوتها والجديد من أغانيها التي تتردد على شفاه الأجيال.
إنها سيدة الغناء الملتزم، التي وقفت شامخة على المسرح تؤكد حضورها الفني المتميز، في حفل عالمي المواصفات، حجزت وسائل الاعلام له مساحات كبيرة لتغطيته. ونقلت بصدق تفاعل الجمهور الكبير، ومشاعرهم التي ألهبتها جوليا بأدائها وإحساسها المرهف. إن التزامها الصادق بقضايا الانسان والوطن جذب اليها قلوب الملايين من داخل وخارج الوطن العربي. وعلى مدى ساعتين كانت جوليا بقامتها الهيفاء وعنفوانها ترافقها الفيلهارمونيك اوركسترا لمدينة براغ بقيادة المايسترو هاروت فازليان ونحو مائة عازف وكورس، تشدو من أغانيها الرائعة، وتمكنت في هذه الامسية الاستثنائية أن تعيد للذاكرة قضايا وهموم الانسان العربي.
أربعة آلاف شخص وقفوا طويلا يستقبلون جوليا بتصفيق حاد ويرددون معها أغاني حفظها الجمهور منذ سنوات، أيقظت فيهم ذكريات ومشاهد أصبحت في سجلات التاريخ لكنها لم تمح من الذاكرة، لأن جوليا تركت بصمة المحبة في قلوبهم.
بدأت بأغنية «يوما ما»، ثم»على شو» و»شو الحلو فيك» و»يا مَشاالله»، لتُهدي بعدها أغنية «حبيبي» الى روح الفتى طلال قاسم الذي قضى قبل نحو عامين وهو في السابعة عشرة من عمره، بعدما صدمته سيارة فيما كان يجتاز الطريق متوجهاً الى مدرسته، مؤكّدةً انها ستؤدي هذه الأغنية كما لو كانت زينة، والدة طلال، تغنّيها بنفسها لصغيرها، ساكِبة فيها كل مشاعر اللوعة والحسرة. وهنا انهمرت دموع الحضور متأثرين بهذا المشهد الانساني الذي تجلى فيه روح جوليا الانسانة، الأم، الفنانة فعلا.
لتنتقل بعدها إلى الإنشاد لأطفال فلسطين، بأغنية بعنوان «أطفال» أدّتها بوجود عدد من الأطفال الذين توزّعوا على خشبة المسرح حاملين الشموع. بعدها، غنّت «لبنان» و»انتصر لبنان» و»صرخة مقاوم» و»يا معَمّرلي بيت»، وقدّمت بتوزيع أوركسترالي جديد عدداً من أغنياتها المشهورة، مثل: «يا قَصص»، و»وَين مسافر» قبل أن يعود المسرح ويشتعل حماسة على أنغام «أنا بِتنفّس حرية». من ثم كانت محطّة مُلفتة مع أغنية «أطلق نيرانك لا ترحم» التي ترافقت مع وجود مجموعة من مغاوير الجيش اللبناني تدلّوا من السقف، مجسّدين عملية إنزال جَوّي فيما الأعلام اللبنانية ترفرف بين أيديهم. فكان المشهد رسالة واضحة أكّدت فيها جوليا مكانة ومحبة واحترام الجيش اللبناني.
أمّا الختام، فكان استجابة من جوليا لطلبات الجمهور المتكرّرة لها بالعودة ومواصلة الحفل الذي ما كانوا يَرضون بنهاية له، فغنّت أخيراً «على ما يبدو» و»أحبائي»، وودعت محبيها الذين وقفوا يصفقون لها كما استقبلوها بكل حفاوة وود ومحبة.