2012/07/04
محمد الخولي- الأخبار
الفن والدين، وبينهما المشايخ. ثلاثي ارتبط ببعضه على مرّ التاريخ، زادت العلاقة بينه حيناً، ونقطعت أحياناً. فنانون كثر أُهدرت دماؤهم، وكُفِّروا بسبب فيلم، أو عمل مسرحي: «عبثاً بقول واقرا وسورة عبس/ متلومش حد إن ابتسم أو عبس/ فيه ناس تقول الهزل يطلع جد/ وناس تقول الجد يطلع عبث عبث عبث عبث عبث/ عجبي» مقطع من رباعيات صلاح جاهين، مُنع علي الحجار من غنائه بدعوى أنّه يعد ازدراءً للإسلام باستخدام سورة قرآنية في مقطع غنائي.
أصدر الصحافي المصري أيمن الحكيم أخيراً كتاباً يرصد العلاقة بين الفن والدين بعنوان «الفن الحرام... تاريخ الاشتباك بين السلفيين والمبدعين».
يبيّن العمل المعارك الفكرية والاشتباكات بين رجال الدين والفنانين التي وصل أغلبها إلى التكفير والمصادرة. يقول المؤلف عن كتابه الجديد إنّه «يحلّل ويرصد ويعرض لقضية تكفير الفن والفنانين والإبداع والمبدعين من يوسف وهبي إلى يوسف شاهين». ويسعى إلى تحليل تأثّر الفن بالصعود القوي للتيار الإسلامي المتشدد بعد «ثورة 25 يناير» واستحواذه على نسبة كبيرة من مقاعد مجلسي الشعب والشورى في مصر.
يؤرخ المؤلف في كتابه الذي صدر عن دار «كتابات» (القاهرة) وقائع التكفير ضد قامات من الفنانين بدءاً بتهديد مشيخة الأزهر للفنان يوسف وهبي بعد موافقته على المشاركة في فيلم تركي في عشرينيات القرن العشرين يجسد فيه دور النبي. مما دفع وهبي إلى التراجع عن هذه الفكرة خوفاً من تكفيره. الأمر نفسه تكرر في وقائع أخرى مثل فيلم «المهاجر» (1992) ليوسف شاهين. يومها، رفض الأزهر الفيلم بدعوى أنّه يجسد شخصية النبي يوسف، واضطر المخرج لإعادة كتابة السيناريو، وغيّر اسم الفيلم من يوسف وإخوته إلى «المهاجر». بل كتب في مقدمه الشريط أنّ محتواه لا علاقه له بقصة يوسف الصديق. واستكمل المؤلف سرد وقائع المنع والمصادرة مع فيلم «الرسالة» لمصطفى العقاد.. إذ رفضت لجنة الأزهر الشريط ومنعت عرضه جماهيرياً بسبب تجسيد شخصية حمزة عمّ الرسول. وكذلك مُنع فيلم «القادسية» لصلاح أبو سيف عام 1979 لتجسيده شخصية سعد بن ابي وقاص وهو أحد المبشرين بالجنة. ويخرج المؤلف من دائرة منع الأفلام والمسرحيات إلى غيرها من الفنون، فيرصد وقائع تكفير مرسيل خليفة بسبب غنائه قصيدة «أنا يوسف يا أبي» لمحمود درويش، وأمل دنقل بسبب قصيدة «كلمات سبارتكوس الأخيرة» ومحمد عبد الوهاب بسبب أغنية، وذكرى بسبب تصريح صحافي، ونجوى كرم بسبب شائعة!
استعان المؤلف بالمفكّر مصطفى محمود لكتابة مقدمة الكتاب التي أكّد فيها أنّ علاقة الفن بالدين لا ينبغي أن تقوم على التكفير والمنع والمصادرة. ويحتوي الكتاب على آراء مختلفة في حوارات مع مفكرين مختلفين في الرأي حول الفن، وعلاقته بالدين، منهم نوال السعداوي والشيخ السلفي يوسف البدري...
قبل يوم واحد من الندوة التي أقامتها أخيراً نقابة الصحافيين المصرية لمناقشة كتاب «الفن الحرام»، خرجت فتوى جديدة للسلفي ياسر برهامي نائب رئيس جماعة «الدعوة السلفية» المرجعية الشرعية لحزب «النور»، تقضي بحرمة العمل في المجالات المخالفة للشرع مثل العمل الصحافي في ميدان الفن والرياضة، إذ أعلن أنّ هذا النوع من الصحافة يعرض صوراً لنساء عاريات ويكشف عورات الرجال و«نشر ذلك حرام شرعاً، ونشر أخبار الممثلين والممثلات التي تتضمّن حياتهم الخاصة وصورهم حرام شرعاً». وطالب السلفيين بعدم الظهور مع مذيعات «متبرجات» في البرامج الفضائية.