2012/07/04
محمد الخولي- الأخبار
في خطوات مدروسة للسير بالمجتمع المصري نحو النظام الوهابي، أصدرت محكمة مصرية أول من أمس قراراً غيابياً بحق عادل إمام، قضى بحبسه ثلاثة أشهر، وتغريمه مبلغ 166 دولاراً بتهمة ازدراء الدين الإسلامي والسخرية من الجلباب واللحية في أعماله الفنية! بذلك، استجابت المحكمة لواحدة من عشرات الدعاوى التي يقيمها راغبو الشهرة على الفنانين بدعوى مخالفتهم للتقاليد العامة. ويأتي ذلك رغم أنّّ الأعمال الفنية التي استشهد بها صاحب الدعوى المحامي عسران منصور لتأكيد سخرية إمام من الإسلام، عرضت منذ سنوات مثل أفلام «مرجان أحمد مرجان»، و«حسن ومرقص» و«الإرهابي».
كذلك، إن مسرحية «الزعيم» يعود تاريخ عرضها إلى عام 1993، وتتناول قصة حاكم ديكتاتوري في إحدى الدول العربية، يأمر باعتقال فرد من الشعب يشبهه كثيراً ويدعى «زينهم». لكن قبل اعتقال الأخير، يموت الحاكم فتقوم الحاشية بتقديم «زينهم» على أنه الحاكم كي تضمن بقاءها في السلطة. لكنّ «زينهم» يستغل وجوده ويطيح أفراد الحاشية لصالح الشعب. وهي المسرحية التى حققت نجاحاً جماهيرياً على مستوى الدول العربية، واستمرّت عروضها لمدة 6 سنوات، ورأى عدد من الحكام العرب أنّها تخاطبهم بصفة شخصية، فمنعوا عرضها في بلادهم مثل صدام حسين.
المحامي استشهد أيضاً بفيلم «مرجان أحمد مرجان»، رغم أن تاريخ عرضه يعود إلى 2007، أي منذ خمس سنوات، كذلك فيلم «حسن ومرقص» الذي يعود تاريخه إلى عام 2008. أما فيلم «الإرهابي» الذي دلّ من خلاله المحامي على ازدراء إمام للدين الإسلامي، فيرجع تاريخه إلى عام 1994. وهو فيلم سياسي يرصد أعمال العنف التي مارسها عدد من الجماعات الإسلامية المتطرفة في بداية التسعينيات بقتل السائحين والتعرض لأصحاب الفكر المختلف مثل الكاتب فرج فودة.
الغريب أنّ المحامي صمت ما يزيد على عشرين عاماً عن تلك الأعمال، وها هو يرفع القضية بعدما وصلت أغلبية إسلامية إلى البرلمان من إخوان وسلفيين. هذا الأمر عزّز مخاوف المراقبين من الحقبة التي تعيشها مصر الآن وبدأت بأحد الإسلاميين الذي وصف أدب نجيب محفوظ بأنّه يدعو إلى الرذيلة والإلحاد، وآخر يطالب بتغطية التماثيل «حفاظاً على الأخلاق العامة». وها هي الظلامية تكسب معركة جديدة مع هذا الحكم القضائي الذي يجعل من اللحية والجلباب خطاً أحمر لا يجوز التعرض لهما في الفنّ. قائمة الممنوعات ستتوالى رغم أنّ إمام رفض التعليق على الحكم، مكتفياً بالقول إنّ هذا القرار ليس نهائياً، بل هو قابل للطعن. مع ذلك، بدأت التحرّكات في الوسط الفني المصري. وبينما يدرس أعضاء في نقابة الفنانين خطواتهم المقبلة، أعلن عضو «جبهة الإبداع المصري» المنتج محمد العدل أنّ الجبهة ستتخذ إجراءات حازمة حيال الحكم الصادر بحقّ عادل إمام. وختم: «لن نصمت. ستتخذ الجبهة موقفاً حازماً. ورغم خلافاتي مع عادل، فإنّ هذا الموقف لن يمر مرور الكرام».