2012/07/04
أوس داوود يعقوب - تشرين
أنتجت جهات سورية عام 1976م بالتعاون مع «التلفزيون الأردني»، مسلسل (دليلة والزيبق)، من تأليف عبد العزيز هلال، ومشاركة عدد كبير من نجوم الدراما السورية من بينهم: الفنانة القديرة منى واصف، والراحلان هاني الروماني، وعدنان بركات... وأخرجه المخرج الراحل شكيب غنّام.
بعد أكثر من 35 سنة، عملت «شركة عاج للإنتاج الفني» على إحياء هذا العمل لكن هذه المرة بالألوان وفي أكثر من جزء. وقد كلّفت الشركة الكاتب هوزان عكو لينجز ستّين حلقة تلفزيونية عن مغامرات (دليلة والزيبق)، وتولى المخرج سمير حسين إخراج الجزء الأول برؤية بصرية لونية جديدة من ناحية الشكل والمضمون مستفيداً من التطور التكنولوجي والتقني الحاصل، ولاسيما أن العمل كان بالأبيض والأسود.
وهذه هي المرة الثانية التي تعيد فيها شركة «عاج» إحياء عمل قديم، بعد تجربتها الأولى مع (أسعد الوراق) الذي كتب له النص الجديد هوزان عكو وأخرجته رشا شربتجي، والذي عُرض في شهر رمضان الماضي.
«حدوتة» مغايرة للأعمال التاريخية
يحكي العمل قصة مأخوذة من التراث العربي عن سيرة شخصيتي (دليلة والزيبق) التي جرت خلال فترة بدايات عصر الانحطاط عندما تسلم المماليك مقاليد الحكم في البلدان العربية وحواضرها. وكانت بغداد العاصمة العراقية، والقاهرة عاصمة معز الدين الفاطمي مسرحاً لمغامراتهما.
وكما كانت الحال عام 1976م، فقد سعت النسخة الجديدة من العمل إلى تسليط الضوء على مفاهيم الحياة المعاصرة من خلال بطلَي القصة علي الزيبق (وائل شرف) الذي يوجّه مواهبه لنصرة الحق والعدل، ودليلة (كاريس بشار) التي تستغلّ هي الأخرى مواهبها لتشويه الحياة وسيادة الشر على الخير. تعتمد هذه السيرة الشعبية أساساً على تجسيد الصراع بين المتحاربين، من دون أن يتطلب ذلك نوعية من المعارك كالتي عرفتها الدراما التاريخية من زاوية حضور جيشين خصمين، وإنما معارك من نوعية المقالب والقصص الطريفة ذات الإيقاع السريع، والمطاردة والمتابعة الأقرب إلى البوليسية من معارك في الدراما التاريخية.
وكان الكاتب هوزان عكو قد اعتمد في صوغ أحداث مسلسله أساساً على حكايات «ألف ليلة وليلة»، ثم ألّف خطوطاً جديدة لشخصياته وتفاصيلها من دون الارتكاز على مرحلة تاريخية معيّنة.
يقول عكو: «لم أتابع أيّ مشهد من المسلسل القديم، ولو وافقت الشركة المنتجة على تغيير الاسم لكان عملاً جديداً مختلفاً كلياً عما قُدّم في السبعينيات». ويضيف عن سبب إعادة إحياء الأعمال القديمة، قائلاً: «جزء من المشروع كان إعادة تقديم(أسعد الوراق) بسبب رغبة الجهة المنتجة باستعادة مجموعة من الأعمال الباقية في الذاكرة. ومغامرات (دليلة والزيبق) تحديداً لم تأخذ حقها من المشاهدة. وربما هي فرصة الآن لطرح نوع جديد من الأعمال التاريخية التي تحمل هامشاً كبيراً من الكوميديا».
ورغم أن أغلب المسلسلات الرمضانية باتت تتّسم بالتطويل المبالغ فيه بغية الوصول إلى ثلاثين حلقة، سيتجاوز (دليلة والزيبق) عدد الحلقات هذا ليصل إلى ستين حلقة مقسمة على جزأين.
ويتحدّث عكو عن سبب امتداد العمل على أكثر من جزء، فيقول: «الجهة المنتجة ترغب في ذلك، وكذلك أحداث القصة تحتمل أن تصل إلى مئات الحلقات لأنها تعتمد على طريقة السرد الشعبي، فنهايات القصص تفتح بدايات جديدة. وهناك شخصيات تظهر لحلقة أو حلقتين ثم تختفي وفق منطق السرد، وهذا ما يساعد على تقديم مئات القصص ضمن هذا العمل».
من جهته رفض المخرج سمير حسين تصنيف المسلسل على أنه «فانتازيا»، بل عدّه مستنداً إلى الموروث الأدبي والشعبي الموجود في ذاكرة الناس، ومصدره الأساس مستوحًى من أجواء «ألف ليلة وليلة».
وقال حسين: «ما شدني إلى دخول هذه التجربة هو وجود الكثير من المغامرات الكوميدية الطريفة التي تجرى في البداية بين (دليلة) و(حسن رأس الغول) الذي يجسد دوره الفنان سامر المصري، ومن ثم ينتقل بين (دليلة والزيبق) ضمن «حدوتة» مغايرة عن الأعمال التاريخية التي تعتمد على الوثائق».
ويلفت حسين إلى أن العمل يقدم رؤية جديدة من حيث الشكل والمضمون، ولاسيما من ناحية التقنية والسيناريو، موضحاً أنهم استعانوا بخبراء للماكياج من إيران على اعتبار أن السمة المشتركة بين كل شخصيات العمل هو التنكر.
والحقيقة أن المخرج سمير حسين نجح بجدارة في تقديم رؤية جديدة في الشكل والمضمون مستفيداً من التطور التقني الحاصل الذي لم يكن موجوداً في الفترة التي أخرج فيها العمل سابقاً، ويلمس كل من شاهد العمل في نسختيه القديمة والحديثة أن هناك صورةً مختلفة على صعيد الشكل والمضمون والتقنية.
وهكذا يكون المشاهد على موعد مع إعادة إحياء التراث الشعبي من خلال مغامرات «دليلة والزيبق»، بتقنيات إخراجية عصرية. وبمشاركة مجموعة من نجوم الدراما السورية... بينهم: كاريس بشار، ووائل شرف، وفارس الحلو، وعابد فهد، وفايز قزق، ونادين سلامة، ورندة مرعشلي، وآخرون.