2012/07/04
مِلده شويكاني - البعث
بعد النجاح الكبير الذي حققه باب الحارة بأجزائه الخمسة يعكف الكاتب كمال مرة على إكمال نصه "زقاق الدراويش" المتعلق بالبيئة الشامية، لكنه سيكون مختلفاً من حيث المضمون والصورة البصر ية، إذ سيجمع بين الريف والمدينة، وهذا ما يميز كمال مرة الذي نوّع بالأمكنة وخاض غمار بيئات مختلفة كما في «كوم الحجر والحوت» ورأى أن المكان بطل حقيقي يعكس خلفية سياسية واجتماعية ولم يقتصر إبداع مرة على الكتابة الدرامية التلفزيونية، وإنما كتب العديد من المسرحيات ومثّل أدواراً كثيرة على خشبة -المسرح والمسرح القومي تحديداً- لأنه انطلق من عالم التمثيل ومن ثم تحول إلى الكتابة.. وفي منحى آخر فهو ناقد مسرحي و يمارس الكتابة الصحفية
في جعبته الكثير من الأفكار و الآراء التي تتعلق بدرامانا سنقرؤها عبر حوار أجرته «البعث» معه ..
< عُرضت عدة أعمال للبيئة الشامية في الموسم الدرامي الماضي فكيف تنظر إليها ؟
<< سابقاً كان يُقدم عمل أو عملان للبيئة في الموسم الدرامي، وفي السنوات الأخيرة أصبحنا نرى أربعة أو خمسة أعمال بعدما فتح "باب الحارة" الباب لهذه الأعمال التي أصبحت مطلوبة من قبل المشاهد العربي والسوري طبعاً وتتسم بالحميمية الاجتماعية، وهي محببة للمشاهدين عدا ذلك فإن جزءاً كبيراً من الإنتاج كان خليجياً، لذلك تعاملوا معها كسلعة درامية مطلوبة من المحطات لكن هذه الأعمال جاءت متفاوتة من حيث المضمون الدرامي والسوية الفنية، برأيي كان طالع الفضة الأفضل لأنه حقق معادلة متوازنة ما بين المستوى الدرامي والتوثيقي، أما على صعيد الجماهيرية فلا نستطيع أن نحكم لأن الرأي الجماهيري مختلف عن النقد الفني ويغلب عليه، قد تكون هذه الأعمال فورة درامية في هذا الموسم وربما تستمر هذا مرهون بشركات الإنتاج وإقبال المحطات.
< هل تجد تقاطعات بين أحد هذه الأعمال و باب الحارة ؟
<< لاحظت وجود تقاطعات واضحة بينها وبين أعمال سابقة (باب الحارة وغيرها) فكثير من المشاهد مكررة والشخصيات نفسها وبرأيي يجب أن نبحث عن مفردات جديدة واحداث مغايرة لاسيما أن المكان واحد والمشاهد سئم من "اللوكيشن" المتكرر، لذلك يجب أن نخوض بغمار نص جديد يعتمد على الحكاية وليس على المكان، ونلمح فيه أنماطاً جديدة من الشخصيات لأن الكاركتر نفسه مثلا الحلاق في حمص وحلب ودرعا واحد، وكذلك شخصية صاحب المقهى والمختار والخياطة لأن الشخصيات آنذاك كانت فقيرة وأعني بالفقيرة عدم التنوع بالأنماط.. والسؤال الذي أطرحه عبر حواري هذا لماذا لم نتطرق إلى البيئة الريفية في الأعمال الشامية كما فعلت في كوم الحجر، حيث تزامن وجود الريف مع المدينة بشكل منسجم درامياً وكان المكان متنوعاً على صعيد الحدث الدرامي وأنماط الشخصيات فإذا أردنا أن نقدم أعمالاً جيدة نخرج من المكان المألوف مثلاً ريف دمشق لنعرف خلفية تلك الفترة الزمنية السياسية والاجتماعية ولاننسى أن الريف غني بحكاياته و أشخاصه.
<تعقيباً على كلامك هل تفكر بكتابة عمل شامي يجمع ما بين الريف والمدينة؟
<< بالتأكيد توجد علاقات متبادلة تجارية واجتماعية، هناك حالة تواصل دائمة بين الريف والمدينة ولن أفصح عن محاور العمل لأنه في طور الكتابة ولا توجد جهة منتجة حتى الآن.
< ترددت في الأوساط الفنية شائعة مفادها: إن هناك جزءاً سادساً من باب الحارة فما مدى صحتها؟.
<< سمعتُ الشائعة مثل كل الناس لكن لم يتصل بي أحد لا المخرج بسام الملا ولا أية جهة مسؤولة عن العمل ، وبرأيي العمل استنفد قواه لعدة أسباب منها وفاة الفنان حسن دكاك، ووجود خلاف بين بعض الفنانين وإدارة العمل أو الشركة المنتجة ولابد من توافر إمكانات شبه مستحيلة كي يحافظ الجزء السادس من باب الحارة على مستوى النجاح الذي حققه في الأجزاء السابقة .
< المكان كان متنقلاً في أعمالك فما رؤيتك لذلك؟
<< المكان بطل حقيقي في العمل وخلفية المكان مهمة جداً لذلك أحببت التنوع من دمشق في باب الحارة إلى كوم الحجر في حلب وريفها إلى الساحل في الحوت، وإبداع الكاتب أن يفتح محاور جديدة للدراما من خلال الأمكنة، والبيئة السورية متنوعة بجغرافيتها وبيئاتها فهناك من يسكن في المدن ومن يسكن في الريف والجبال والصحراء، كل هؤلاء يشكّلون بيئة متكاملة لسورية فلماذا لاندخل معالم الأمكنة التي تشكل مادة غنية للدراما ولاننسى أن هناك بيئات مظلومة لم تقترب منها الدراما إلا لماماً مثل الريف والبيئة الجنوبية والشرقية وهي غنية بحكاياتها وشخصياتها... ونستطيع من خلالها أن نقدم صوراً جديدة للمرأة، لننظر إلى نجاحات الدراما التركية التي تشغل المحطات ما يميزها التنوع بالأمكنة وعلينا أن نبحث أيضاً عن أمكنة تمد الدراما بكل ما هو جديد ومهم، وننظر إلى المكان بعين الفنان الذي يرسمه بمفرداته الخاصة.
< شاركت في التمثيل بدور في باب الحارة فهل تفكر بأداء دور جديد في عملك القادم ؟
<< عملي الأساسي التمثيل وقد جسدت الكثير من الأدوار على خشبة المسرح -المسرح القومي تحديداً- التمثيل موهبة قديمة تسكن أعماقي وأشعر بحالة عشق تربطني بالكاميرا، ولكن الفرص لا تكون متوافرة دائماً ولا نستطيع أن نحقق أحلامنا كما نرغب، ربما لجأتُ إلى الكتابة لقلة الفرص في مجال التمثيل.
< لننتقل من الخاص إلى العام ما رأيك بالأعمال الاجتماعية الجديدة التي تطرقت إلى محاور تحمل في مضمونها جرأة واضحة ؟
<< بعض الأعمال تطرقت إلى تابوهات كانت محظورة مثل «العشق الحرام» الذي قدم شيئاً غير مطروق لكن العمل كان بحاجة إلى تكنيك أعلى ومعالجة درامية أفضل مما قدم، ورأينا في «ولادة من الخاصرة» جرأة إلا أنه قدم ما هو معروف في العشوائيات وعلى الدراما أولاً و أخيراً أن تقدم حكاية تنم عن مقولة.. الدراما ليست نشرة أخبار تعيد قراءة ما يجري في الشارع، وإنما إعادة رسم الواقع ومعالجته بشكل جمالي يجمع كل مواصفات العمل الفني و الأدبي، بعض الأعمال التي توصف بالجريئة جسدت قضايا اجتماعية هامة لكنها من الناحية الدرامية لم تقدم قيمة فنية جديدة فمن الممكن أن ندوّن بمقال ما يجري في الشارع، لكن وظيفة الدراما هي بناء أدبي و ليس نقل الصورة فقط.
< بعض النقاد قالوا: إن دراما العام الماضي لم ترقَ إلى المستوى المطلوب فمارأيك ؟
<< لم تقدم كوميديا 2011 شيئاً على صعيد المضمون كانت قائمة على مبالغة الحركة وأشبه ما تكون بكوميديا الفارس حاولوا استثمارها للدخول بمرحلة الميلودراما ولكن الشخصيات التي قُدمت اتخذت في بعض الأعمال سمة الكرتونية الهزلية ولم تقارب العمل الجاد، لأن العمل الكوميدي في النهاية عمل جاد مثل أي عمل درامي... لنعد بذاكرتنا إلى الكوميديا التي قُدمت في «كاسك يا وطن وغربة وضيعة تشرين» إلى أفكارها المحملة بالمضمون السياسي والاجتماعي، التي تجعل المشاهد يقف حائراً في لحظة ما بين الضحك والبكاء فيبكي على خيباته وانكساراته، الأعمال الكوميدية هامة جداً ويجب ألا تُقدم ببساطة و استسهال.
< ألا ترى أن حركة كاميرا تصوير أعمال جديدة تأخرت الآن مقارنةً مع السنوات السابقة؟
<< لا بد أن تتأثر الدراما بالأزمة السياسية التي تمر بها سورية كونها سلعة إعلامية وفنية واقتصادية أيضاً، وكان علينا أن نحتاط لنحافظ على هذه السلعة من أية أخطار و أرى الآن ناقوس الخطر يقرع باب الدراما السورية فكما هو معروف أن سوق الدراما سوق خليجية.. وكان الأحرى بنا أن نفكر منذ سنوات بإيجاد سوق داخلية للدراما وقد صرخت صرخة قوية عدة مرات كي نبحث عن منافذ جديدة لتسويق الدراما.. والجدير بالذكر أن أموالاً كثيرة تجند لهذه الصناعة ويوجد كثير من الفنيين والعاملين بها ولا ننسى أن بعض الممثلين السوريين أصبحوا نجوماً على الشاشات العربية. فلماذا لا نحمي درامانا من خطر عدم تسويقها الذي يحتاج إلى تكاتف وتعاون كل الجهات وأتمنى على السيد وزير الإعلام والقائمين على صناعة هذه الدراما أن يحاولوا البحث عن منافذ جديدة لحماية الدراما التي حققت إنجازات كبيرة جداً في السنوات العشر الأخيرة وجسدت قضايا هامة تنسحب على كل المجتمعات تعاملت معها بجرأة و مصداقية.