2012/07/04
سهر مهنا - البعث
فنان ذو مواهب متعددة عرف بأدائه الكوميدي المتميز، يقابله أداء متقن لأدوار التراجيديا، ويتسم أيضاً بالصدق والعفوية وخفة الظل وهذا ما جعله يدخل إلى قلوب الجمهور دون استئذان، أثارت ملاحظاته الأخيرة عن بعض الأعمال التي شارك فيها ردود فعل متباينة لصراحته.. إنه الفنان الكبير أيمن رضا الذي التقته تلي دراما البعث فكان هذا الحوار...
< سنبدأ حديثنا معك باستفزاز! حيث يرى البعض أنك فنان نمطي يقدم الكوميديا ولا يقرب من التراجيديا ؟
<<أنا أستغرب أن يقال إنني فنان نمطي بعد هذا التنوع الكبير الذي قدمته بأدواري مروراً من «نهاية رجل شجاع» ومسلسل «أولاد القيمرية» و«أسعد الوراق» و«غزلان في غابة الذئاب» كان دوري في جميع هذه الأعمال تراجيديا وبدأ التحول في هذا الموضوع من «بكرا أحلى» حيث لاحظ المشاهدون أننا كنا نعمل بأسلوب تراجيدي لدرجة أنه ظهر«كسمو» هو الكوميدي ونحن كنا متقصدين هذا الموضوع لكي يرى المشاهد أننا نعمل التراجيدي، وبالنسبة لي عندما أعمل التراجيدي أو الكوميدي دائماً أسعى للخلط بينهما من أجل أن تظهر طبيعة الإنسان الحقيقية .
< على سيرة الحديث عن الكوميديا برأيك ما هو سبب ضعف الأعمال الكوميدية؟ هل هو النص أم الإخراج؟
<<المخرجون الكوميديون لدينا مستواهم جيد لكننا في السابق كنا نعاني من ضعف النص فقط، أما الآن أصبحنا نعاني من النص والمخرج السيئ معاً فلا يكفينا أن النص سيىء لاكما يقولون بالشامي (فوق حقه دقه)، لكن بالنهاية أساس نجاح أي عمل يبقى أولاً النص لأنه العماد الأساسي الذي يحمل الرسالة التي نريد إيصالها إلى الجمهور وثانياً تتمة هذه العملية بممثليها والكاست الفني والإخراجي ومدير الإنتاج، وبرأيي أن المشاهد السوري أصبح بإمكانه أن يقيّم أيضاً فهو مختص بالماكياج والديكور والإخراج، بمعنى أننا أصبحنا نشاهد أحياناً مخرجاً جيداً يقدم نصاً سيئاً وهذا يؤدي إلى هبوط مستوى العمل، وأحياناً أخرى يقدمون نصاً معقولاً ولكن مع مخرج سيىء يقضي على الفكرة تماماً، أما عندما يجتمع الاثنان معاً سلباً أو إيجاباً فهذه هي التي ترفع من سوية العمل أو خفضه.
< ذكرت في الآونة الأخيرة أن سبب اعتذارك عن عدد من الأعمال كان بسبب تدني الأجر؟حدثنا عن ذلك؟
<< هذا صحيح.. بعض الشركات أرادت خفض الأجور ويوجد ممثلون امتثلوا لهذا القرار، وممثلون لم يمتثلوا، وأنا من الناس الذين لا يمتثلون دائماً لقرارات الآخرين لأن بعض هذه القرارات غير صحيحة ولا إنسانية ولا تستند إلى مبررات واقعية، فكل القرارات تأتي على حساب الممثل السوري، لماذا؟ في كثير من الأحيان لا يعطونا شيئاً، يريدون أن يأكلوا هم فقط، يعني شغلة (المعلم والصانع) وهذا أمر لايجوز تعميمه على الفن لأننا جميعاً شركاء، وبرأيي، هذا أحد أهم أسباب هجرة بعض الممثلين السوريين إلى مصر حيث الفارق الكبير بيننا وبين الممثل المصري الذي يستدعينا بالأساس لنكون أمامه، والسبب أن الممثلين السوريين أصبحوا «بياعين»، المصريون يلعبونها تجارياً ويأخذوننا لكي يبيعوا على طريقتهم حتى لا نصبح منافسين لهم ويضعوننا في قلوبهم مثل (جمال سليمان وتيم حسن) هم باعة حقيقيون يستدعوننا ليستغلونا ويستفدون هم أيضاً.
< كفنان معني بالهم الدرامي هل أسهمت البطولة الجماعية في نجاح الدراما السورية؟ بقعة ضوء أنموذجاً؟
<< طبعاً نجحت الفكرة وأنا من أوائل الناس الذين حاربوا البطولة الفردية فنحن عندما عملنا مسلسل «بقعة ضوء» استطعنا أن نحقق نجاحاً كبيراً بحيث قامت مجموعة من الشركات والمخرجين باتباع أسلوب المنفصل- المتصل ولم يعد البطل واحداً بل أصبح لكل حلقة بطل جديد، وبالتالي نجاح أي عمل يتوقف على الفكرة والنص والمخرج و«الكاست» الذين يعملون به لأن أساس مهنة التمثيل هو العمل الجماعي وليس الفردي، نحن في كل لقطة نصورها يقوم بإنجازها 70 شخصاً تقريباً من أجل أن تظهر بشكل مقنع، والجمهور إذا شاهد (سلوّم حداد أو ياسر العظمة) بطلاً دائماً سوف ينفر من العمل، أي إذا شارك ممثل بأربعة مسلسلات دور بطولة أحدهم اجتماعي والآخر تاريخي بهذه الحالة ينفر منه الجمهور ولن يستطيع أن يزيد شيئاً إلا إذا كان متنوعاً.
< ذكرت في حوار سابق أن إنتاج الدراما السورية في مأزق لأن التمويل الخارجي هو المسيطر، ما هو برأيك المخرج من هذه الأزمة ؟
<< المخرج يتمثل بوجود شركات إنتاج كبيرة عمادها المال الوطني ووجود محطات فضائية متعددة ووجود فروع أخرى للمعهد العالي للفنون المسرحية غير التمثيل، أي أننا بحاجة إلى إخراج وبحاجة إلى اختصاصات أخرى للمهنة وبحاجة إلى مال إنتاجي فنحن في عام 2011 والإعلام هو المحرك الأساسي لكل الأمور حتى السياسية، نحن في سورية ينقصنا الكثير عدا قصص الشللية والمحسوبية في الفن ولكي نكون صادقين أكثر حتى المؤسسة الفنية هي بحاجة إلى إصلاح فقطاع التلفزيون السوري مثلاً فيه شللية فهو يأخذ ملايين الليرات و بالتالي يوزع أعماله بمحسوبية.
< قيمت سابقاً الدراما السورية للعام 2010 بأنها سياحية، فما هو تقييمك لها لهذا العام؟
<< هذه السنة لم تأخذ الدراما السورية تقييمها الحقيقي لسبب بسيط هو أن قسماً كبيراً من أعمال الدراما السورية لم يباع لأنه تمت محاصرته من قبل دول ممولة وشركات منتجة فأصبح هناك صعوبات، لكن ضمن الظروف الحالية أنا أقيّم الدراما بأنها جيدة لأنها استطاعت أن تبقى ثابتة ولم تهتز مثل بقية الفنون الأخرى الموجودة في البلد، وأعتقد أن نتائج دراما السنة الماضية بدأت تظهر بأعمال قليلة فنحن لدينا مشكلة تسويق وإذا كان التسويق سيئاً أو معدوماً لن يكون هناك إنتاج.
< ذكرت في حوارات سابقة أن تقديم البرامج يشبه التمثيل إلى حد بعيد، هل ذلك يعني أن مقدمي برامجنا ممثلون ؟
<< برأيي هذا الشيء ينقصهم لأن التعبير الفني هو الصدق، وتنقصهم أيضا الحرفية والتنوع، حيث نشاهد المذيع أو المذيعة يظهر على الشاشة ولديه تخصص واحد، ونحن نتمنى أن نراهم يغنون أو يرقصون أو يعزفون مثلاً، فالذي يعمل بمؤسسة الإعلام يجب أن يقوم بعملية بحث دائم واطلاع على كافة المجالات لأنه يمكن أن يستضيف موسيقياً أو رساماً أو محامياً أو دكتوراً، والعامل بالحقل الإعلامي يحتاج إلى التصاق بالشارع اليومي.
< لماذا لا يراك الجمهور في المسرح أو السينما ممثلاً ؟
<< لا يراني لسببين أساسيين: أننا ليس لدينا لا مسرح ولا سينما، لدينا مسرح وسينما تابعان للدولة فقط وبالتالي هي التي تمدهم فيقدمون أعمالاً للأسف مزاجية سواءً بالمهرجانات ليشاركوا ويظهروا أنهم متواجدون بطريقة ما، أو يصنعون تواجداً خارجياً بالسينما، لكن في الداخل ليس لهم أي وجود حيث نشعر أنهم مؤسسات تابعة إما لروسيا أو رومانيا وحسب الدولة التي تخرّج منها هذا السينمائي حينما كان يريد أن يحقق طموحه في هذا البلد لكنه لم يستطع فجاء ليحققه هنا على حساب المشاهد السوري، أما بالنسبة للمسرح الخاص الذي يصنع مسرحاً حقيقياً فجمهوره الداخلي غائب، وفنانوه ابتعدوا عنه بسبب عدم وجود مردود مادي من المسرح وعدم دخول رجال الأعمال والصناعيين بعالم السبونسر «الرعاية» وعدم توافر دور عرض ملائمة ونصوص جيدة، فهذه الأمور كلها تجعل المسرح ينحو نحو ممثلي الصف الرابع والخامس لأنه لا يستطيع التعامل مع ممثل الصف الأول كمادة، وأنا أصرح لأول مرة بأنني دائماً أعمل بالتلفزيون وتشكل نقطة التقاء العمل مع قناعاتي 20% من نوعية الأعمال لأن هذه هي أمزجة الشركات والمخرجين، فإذا أردت العمل بالمسرح أريده أن يكون على مزاجي كاملاً فهو اختصاصي الذي أمارس به الزاوية التي أرى نفسي قوياً من خلالها وهي «الارتجال» الذي ظهر بمسلسل «أبو ليلى»، فالمسرح هو تواصل مع الجمهور، يعني إذا ألقى الممثل نكتة وشاهد أحداً ما ابتسم فهو يعرف ما هي الرسالة التي أوصلها وبالتالي يمكنه أن يعلي «الأصنص» أما بالتلفزيون والسينما فهي تخدع لأنه لا توجد ردة فعل .
< إلى أي مدى تلعب كاريزما الممثل دوراً في الأعمال الكوميدية ؟
<< تلعب دوراً مهماً ورئيسياً في نجاح الممثل وقدرته على التأثير على المشاهد ودرجة متابعته العمل وبالتالي فهي هبة من الله وموهبة، وفن خصوصية غير موجودة عند الآخرين وهي ما تميز هذا الفنان عن ذاك ولا يمكن أن تأتي مصادفة...ربما تأتي مع فطرة الإنسان وربما بالمران.
< مشروعك الجديد مسلسل "«كازية» كيف تتوقع صداه ؟
<< اسمه «سيت كاز» من «سيت كوم» وفكرة هذا العمل بذهني منذ ثلاث سنوات وأنا لا أعرف كيف سيظهر لكنني أعلم أنني أسعى لتقديم شيء جميل فأنا للمرة الأولى أكتب نصاً طريفاً وعلاقات اجتماعية طريفة...
< هل تقصد بأن نجاح شخصية «أبو ليلى» غير مرتبط بمشروعك هذا؟
<<أبو ليلى شخصية أحبها الجمهور وأنا عادةً لا أعيد تكرار شخصية قدمتها سابقاً، لكن بعض الشخصيات تستحق أن نراها من جوانبها الأخرى، فنحن شاهدناه من ناحيتين فقط مع صديقه وزوجته وأنا أريد أن أظهره مع المجتمع كاملاً و صدقاً إنني أعمل عليها بناء على طلب الجمهور ولأنه هو الذي أحبه وطالب به، أتوقع أن يكون العمل ناجحاً، ونحن قمنا بتوقيع العقد مع شركة سورية الدولية ومع المخرج زهير قنوع، وبرأيي أن هذا العمل بعد مسلسل «بقعة ضوء» سيكون أول مسلسل يستقطب أكبر عدد من الوجوه الجديدة وسيثبت أنه دائماً ستكون لدينا أفكار جديدة، لأنه يجب أن يكون لدينا طرح جديد طالما أن المعهد يخرّج كل سنة 15 ممثلاً وإذا وجد بالمجتمع 20 شاباً لديهم إمكانيات حتى وإن كانوا ليسوا من خريجي المعهد يصبح عددهم 35 ممثلاً وهؤلاء ينبغي أن يستقطبوا دائماً فقد سئمنا من الوجوه ذاتها بما فيها أنا! فنحن نبحث عن لون جديد وطرق جديدة بالإخراج والكتابة، أما بالنسبة للأداء فأنا دائماً بحالة تجريب حتى «بأبي ليلى» لأن الشخصية وضعت بأجواء جديدة، وأنا أتمنى أن نستمتع مع الجمهور بأسلوب فيه احترام لذوقه وفكره وخاصةً بعد النص الذي قدمتهُ مؤخراً «صايعين ضايعين» أريد أن أثبت للعالم أننا لا نفكر هكذا.
< أيمن رضا فنان قريب جداً من الجمهور ماذا يقول لجمهوره عبر تلي دراما ؟
<< أقول للجمهور إنني واحد من الناس أبحث عن لحظات سعادة معه في ظل هذه الظروف الصعبة وأحياناً أوفق وأحياناً لا، فأنا فنان هاوٍ بغض النظر عن الشيء الذي قيل بأنني لأول مرة أقوم بدور بطولة، فبيني وبين جمهوري البطولة ملغاة فنحن أناس نعمل مع بعضنا منذ زمن، وأنا أشكر الجمهور الذي وضعني بطلاً من خلال بضعة مقاطع قدمتها بالدراما، وهذا وسام أهم من أن أضعه في سنة واحدة وأشكره أيضاً لأنه دائماً يقف إلى جانبي وأنا أعده أن السنة القادمة ستكون أجمل لأنني أحضر لعمل طريف وممتع من أجل أن نكون سعيدين مع بعضنا ونرجو من الله التوفيق.