2012/07/04
ميدل ايست أونلاين
من خلال علاقة حب تجمع بين شابة يهودية وشاب مسيحي، يصوّر الفيلم السوري "دمشق مع حبي" لمحمد عبد العزيز الذي يمثل سوريا في المسابقة الرسمية للدورة السابعة والعشرين من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول حوض البحر المتوسط، إنسانية العلاقة بين الأقليات الدينية والعرقية في سوريا.
ويروي الفيلم رحلة بحث شابة يهودية (مرح جبر) عن حبها القديم ذاك الشاب المسيحي، بعد أن فرقت بينهما الأحداث وتعنت الأب الذي تسبب بقطع الصلات بينهما عبر إخفائه رسائل حبيبها عنها طوال سنوات.
ومن خلال عملية البحث عن الحبيب الضائع يصور الفيلم تعايش الطوائف الدينية داخل أسوار دمشق القديمة التي تظهر فيها العلاقات الطيبة والإنسانية التي تربط بين الجيران من مسلمين ومسيحيين ويهود وسوريين وفلسطينيين.
وتبدأ رحلة البحث عندما يقرر العجوز اليهودي المقعد (خالد تاجا) الاعتراف لابنته وهما في مطار دمشق ينتظران إقلاع الطائرة التي ستقلهما الى إيطاليا للاستقرار هناك الى جانب عائلاتهما، بأن حبيبها مازال على قيد الحياة، فتتركه في المطار وتعود للبحث عن حبيبها، مستعرضة من خلال رحلتها صوراً مختلفة للنسيج الاجتماعي السوري داخل مدينة دمشق وخارجها، إلى جانب تصوير بعض المظاهر الدينية اليهودية والمسيحية.
وتميز الفيلم في مشاهده الأولى بالكثافة وجمالية الحوار ما بين الفنان خالد تاجا وقريبته التي حضرت لاستقباله في المطار، بلغته العربية ولهجته الشامية المحببة، عن علاقة الإنسان بالمكان والبشر والمظاهر المختلفة؛ إذ هي التي تخلق الانسان بذكرياته وتؤمن مفهوم الوطن. وهو كان قد اعترف لابنته في اللحظة الأخيرة قبيل هجرتهما بحقيقة ما حصل، ليقدم لها سبباً يمنعها من الهجرة حتى تحافظ على حياتها وذكرياتها في المكان الذي عاشت فيه.
وجاء مشهد وفاته في اليوم الأول لوصوله إلى إيطاليا بعد أن تنشق رائحة التراب الذي أحضره معه من دمشق وقبل أن يقابل بقية أفراد عائلته، ليشكل بعداً أكيداً على أن انتزاعه من المكان الذي عاش فيه يعادل عملية الموت. لذا قررت عائلته إعادة جثمانه الى دمشق لدفنه في المكان الذي أحب.
هذه التدفقات الإنسانية المكثفة في بداية الفيلم تراجعت مع تقدم رحلة البحث في عدد من المشاهد كان يمكن حذفها، مثل المشاهد التي ظهر فيها حبيبان قرويان يتشاجران من دون أي مبرر درامي لذلك في الفيلم. ويمكن الاستغناء عن كل المشاهد التي ظهرا بها من دون أن يتأثر الفيلم بأي نقص، وينطبق هذا أيضاً على مشاهد جانبية أخرى كثيرة.
كذلك قدم الفيلم إدانة غير مباشرة للتدخل السوري في لبنان من خلال تقديمه شخصية الفنان فارس الحلو الذي فقد ساقه في لبنان، تماماً "كما فقد آلاف آخرون من الشباب المجندين حياتهم هناك من دون أي مبرر"، بحسب ما لفت المخرج خلال ندوة تبعت عرض الفيلم.
وإلى جانب انتقاد البيروقراطية في النظام السوري وانتشار المحسوبية عندما تلجأ الشابة بمساعدة زميل حبيبها في الجيش فارس الحلو للبحث عن الحبيب المفقود في المؤسسات المختلفة.
وفي لحظة اتخاذها قراراً بالهجرة الى إيطاليا في نهاية رحلة بحثها عن الحبيب المراوغ (بيير داغر) والمتنقل بين الاديرة والاماكن المختلفة، تصلها رسالة منه حملها صاحب الدكان الفلسطيني في حارة اليهودي يحدد لها مكان وزمان اللقاء في المكان الذي كان قد شهد لقاءات كثيرة بينهما.
وأشار المخرج الى أنه اختار مشهد الختام في باب شرقي في مدينة دمشق للتدليل على انفتاح المدينة ليس على المكان فحسب بل أيضاً على الناس، قائلاً "يجب علينا أن نحافظ على الأقليات التي تعيش على الأراضي السورية، فهؤلاء ثروة مجتمعية ومعرفية لسوريا تحمل تنوعها وتدافع عنه".
وأوضح المخرج ايضاً خلال الندوة أن "موضوع الاقليات في سوريا لا يتعلق فقط بالمسيحية واليهودية ولكنه يتعلق ايضاً بأخرى تعاني في سوريا. على سبيل المثال طائفة اليزيدين وهم من أتباع الديانة الزرادشتية، فقد تراجع عددهم في سوريا من 30 ألف شخص الى ثلاثة آلاف فقط فيما هجر آخرون. وهذا ينطبق ايضاً على الشركس والأشوريين وغيرهم من الطوائف".
وتابع "مازال هناك كثيرون من أبناء الطوائف غير معترف بهم في سجلات الدولة، حيث لا يوجد ما يثبت مواطنيتهم على الرغم من انهم يعيشون وعبر التاريخ على ارض هذا الوطن".
يُشار الى أن المسابقة الرسمية للدورة السابعة والعشرين من مهرجان الاسكندرية يشارك فيها 11 فيلماً، خمسة منها من أربع دول عربية والأفلام الستة المتبقية من دول أوروبية.