2012/07/04
محمد قاسم الخليل - الثورة
قبل انتشار التلفزيون وخروج الكاميرا التلفزيونية من ضيق الاستوديوهات الداخلية إلى الأماكن الخارجية من شوارع وحارات وفضاء رحب،كانت كاميرا السينما هي الأداة البصرية المستخدمة في توثيق الأحداث المهمة،
وتصوير حركة البشر في كل مكان يتواجدون فيه، وأكثر من ذلك كانت الدراما تستعين بكاميرا السينما عندما تضطر إلى تصوير مشاهد خارج الاستوديو، وتعرض على الشاشة الصغيرة بآلة تليسينما.
وما نراه الآن من وقائع تاريخية على الشاشة الصغيرة سواء في رصد المعارك أو الأحداث الإقليمية والعالمية يعود الفضل فيه لكاميرا السينما، ومنها الحربان العالميتان الأولى والثانية، والاستعراضات العسكرية وقمم الزعماء.
واهتمت جيوش العالم بتوثيق تحركاتها بواسطة السينما ،فأوجدت قسماً سينمائياً لهذا الغرض، واستعانت بسينمائيين كبار للأنشطة السينمائية التابعة للجيوش، ووصل الأمر إلى إنتاج أفلام روائية تشرح وجهة نظرها.
وكان لقسم السينما في الجيش العربي السوري دور بارز في تصوير مشاهد سينمائية من حرب تشرين المجيدة، وحقيقة فإن كل ما وصل إلينا من مشاهد سينمائية عن وقائع حربية في تشرين كان بإشراف قسم السينما في الجيش العربي السوري، حسب ما ذكر المخرج غسان باخوس الذي كان يرأس قسم السينما في عام 1973، وتولى الأعمال السينمائية من إخراج وتصوير ومونتاج سينمائيون كانوا يؤدون الخدمة الوطنية آنذاك وأصبحوا فيما بعد من الأسماء الكبيرة في السينما المحلية والعربية وفي الدراما.
وبالعودة إلى الأفلام المنتجة عن المعارك التي خاضها الجيش السوري، نعود إلى عام 1949 عندما عاد المخرج والمصور احمد عرفان من باريس بعد أن درس السينما هناك ، وجلب معه آلة تصوير من قياس 35 مم وأسس في حلب شركة صورت أول فيلم لها بعنوان (الجيش السوري في الميدان) وهو يمجد بطولات الجيش السوري في حرب فلسطين.
وبعد عامين من هذا التاريخ تم تأسيس فرع التصوير السينمائي في الجيش ،وتم في عام 1954 تأسيس قسم السينما ، وعمل في سينما الجيش عدد من رواد السينما السورية منهم رشيد جلال وخالد حمادة ومحمد الرواس ،وكان اسماعيل أنزور والد المخرج نجدة انزور أول رئيس لقسم السينما، واقتصر إنتاج القسم على أفلام إخبارية، وفي عام 1963 تولى رئاسة القسم مروان حداد حتى عام 1971 ، وتم في هذه الفترة تدريب عدد من الكوادر في مختلف المهن السينمائية، وأنتج القسم أفلاماً تدريبية واطلاعية حول المعدات العسكرية، وحول الأعياد والمناسبات ومنها يوم الجيش ويوم البحرية ويوم الطيران.
وبدأ النشاط الحقيقي لسينما الجيش بعد عام 1971بعد عودة مجموعة من السينمائيين المؤهلين أكاديمياً، وانضموا للعمل في قسم السينما، وتم في هذا العام إنتاج أول فيلم روائي طويل، وهو (حتى الرجل الأخير) إخراج أمين البني، ويحكي عن صمود عدد من المقاتلين في وجه العدوان الصهيوني.
ومع بدء العمليات الحربية في السادس من تشرين الأول تفاعل السينمائيون مع أحداث حرب تشرين وحملوا كاميراتهم يتابعون وقائعها ويرصدون انعكاساتها ونتائجها.
وبمناسبة ذكرى تشرين نعود بالذاكرة إلى الأفلام السينمائية التي تحدثت عنها من جوانب متعددة.
وقد بذل السينمائيون في قسم السينما بالجيش جهداً متميزاً أثناء المعركة , ورافق السينمائيون المقاتلين على أرض المعركة.
وانفرد قسم السينما في الجيش بتصوير المعارك سينمائياً, وهي الأفلام التي عرضت على شاشات دور السينما والتلفزيون خلال الحرب, حيث تم تصوير جميع الأخبار والوقائع سينمائياً.
وحقق السينمائيون في قسم السينما أفلاماً وثائقية تتميز بمحاولة تقديم أفكار ناضجة سينمائياً ً حيث تقدم فكرتها دون خطابية مباشرة, ومنها ( حول معارك تشرين ) وهو أول فيلم وثائقي تنقله الكاميرا السينمائية من قلب المعركة ,و( التحرير ) وهو يلخص في ساعة ما حدث خلال حرب تشرين، ثم معارك الاستنزاف مع استعراض تاريخي للغزوات السابقة التي ذهبت وبقيت الأرض عربية.
ومنها فيلم ( النازية الجديدة ) يقارن الفيلم بين أعمال النازية خلال الحرب العالمية الثانية وبين أعمال القوات الإسرائيلية في اعتدائها على الأرض العربية .
ويقارن فيلم (معرض تشرين الخاص) بين إنتاجنا من السلع التي تخدم الإنسان وبين الإنتاج الإسرائيلي من أسلحة الفتك والدمار ويصل الفيلم إلى بيان طبيعة شعبنا المحبة للخير.
وكتب وأخرج الشاعر ممدوح عدوان فيلماً بعنوان ( أهلا بكم في دمشق ) يؤكد فيه أن أرض سورية مقبرة لمن يعتدي عليها فأي طائرة أو دبابة تحاول الاعتداء على أبناء شعبنا وبلادنا ستكون نهايتها على أرضنا , وأخرج سمير ذكرى فيلم ( حتى لا ننسى ) عن عودة الأسرى إلى الوطن .
وشارك المخرج اللبناني جورج نصر بإخراج فيلم روائي وثائقي بعنوان ( جولان جبل الشيخ) يسجل فيه مشاهد حية من المعارك التي دارت في حرب تشرين وحرب الاستنزاف التي تلتها وجميع الأفلام المذكورة تم إنتاجها عام 1974
وتم تصوير مسرحية (عرس التحدي ) سينمائياً, وهي لفرقة المسرح العسكري, ويؤكد الفيلم على قيم البطولة والفداء والشهادة في سبيل الوطن .
وأخرج لطفي لطفي الفيلم الروائي القصير ( تل الفرس ) عن قصة للدكتورة ناديا خوست عام 1985 عن دبابة سورية تمركزت في أحد مداخل تل الفرس , واشتبكت مع مجموعة من ناقلات الجيش الإسرائيلي , يتحدث الفيلم عن صمود المقاتلين السوريين , وعن روح الفداء العالية التي تمتعوا بها خلال المعارك , وقاتلوا حتى اللحظة الأخيرة.