2012/07/04
دارين صالح – الوطن السورية
العمل الإداري ليس بجديد عليه حيث شغل منصب مدير مديرية الإنتاج التلفزيوني في «الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون» بين عامي 2009 و2010، التي شكلت نواة «المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني التي انطلقت مطلع عام 2010، والتي عين مديرا عاما لها خلفاً للناقدة والكاتبة ديانا جبور....
المخرج السوري فراس دهني، نال شهادة الدبلوم في الإخراج التلفزيوني والسينمائي من ألمانيا، ولديه نحو 250 ساعة درامية. ونال مجموعة من الجوائز في مهرجانات عربية وعالمية عن أعماله التي قدمها منذ سنوات الدراسة الأولى، وهو ممثل مؤسسة «برجونيس» العالمية في المنطقة العربية التي تعنى بتطوير الإعلام الموجه للطفل، كما قام بإطلاق ملتقى الدراما السورية الأول في نهاية عام 2009.
«الوطن» التقت المخرج دهني، حيث تحدث عن المؤسسة وخططها القادمة وأهدافها ومشاريعه الإخراجية..
أعلنت مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني مؤخرا أنها ستطلق مشاريع جديدة في المرحلة القادمة ولكن دون نشر أي تفاصيل عن هذه المشاريع.. ماذا تحدثنا عن هذه المشاريع؟
في الحقيقة نحن لم نعلن خطط المؤسسة كاملة بل أعلنا أحد الخطوط التي سنسير بها في المرحلة القريبة جداً، حيث انطلقنا مؤخراً بأعمال التصوير لأول مشروع اسمه (أنت هنا) وهو عبارة عن أفلام تلفزيونية قصيرة وهي ليست لوحات لأنها تحمل طابع الفيلم.
(أنت هنا) مشروع شبابي بحت يتألف من 72 فيلماً قصيراً، تتراوح مدة الفيلم من 3-10 دقائق تأليف شادي دويعر إخراج علي ديوب، وبمشاركة مجموعة متنوعة من الممثلين... وتحاكي هذه الأفلام الحياة اليومية السورية في قالب كوميدي ذا نكهة متميزة، وينفرد كل فيلم بنفس خاص من حيث الشخصيات وأماكن التصوير وسننطلق بهذا المشروع بإمكانيات جيدة جداً.
الخطة بشكل عام تضم أعمال شباب وأعمالاً ثقافية ودرامية قصيرة وطويلة إضافة إلى مجموعة نشاطات تسعى لتفعيل وتنشيط هذه المؤسسة لتأخذ دورها بشكل حقيقي، فللمؤسسة دور ثقافي وفني، ومن هنا انطلقت الفكرة الأساسية لإنشاء هذه المؤسسة التي تسعى لحماية وتطوير الدراما السورية وهذا التطوير لا يأتي فقط بالنهوض بكم الإنتاج ولكن النهوض بكل مستوى الإنتاج بما فيها أيضاً إعداد كوادر عبر إقامة دورات أو ربما معهد... هي أفكار أولية لم تتبلور بعد لخطة طويلة المدى.
لا بد من تفعيل دور الشباب الذي لديه أفكار وطاقات وطرق إبداع جديدة، فنحن نسعى لتسليط الضوء على مجموعة مواهب واكتشافها لتشكل رافدا للدراما السورية بكل نواحيها (تمثيل، تصوير، كتابة، وغيرها).
في الخطوات الأخرى سنستقبل وندرس مشاريع شباب أي من لديه فكرة وقام بإجراء معالجة درامية لها على شكل سيناريو أولي، سنمنحه دعماً إنتاجياً وطاقم عمل لتترجم هذه الفكرة لأفلام تلفزيونية قصيرة أو فيلم تلفزيوني طويل، الأمر الذي سيمثل حراكاً فكرياً عند شباب لم يحصل على فرص لترجمة أفكاره إلى حقيقة.
كما سنعيد تنشيط الفيلم الوثائقي واستقطاب مجموعة من الشباب الذين يهوون توثيق مرحلة ما أو اكتشاف مرحلة جديدة، فنحن بصدد تفعيل الفيلم الوثائقي الشبابي، وهو ما يشكل رافدا كبيرا للحركة الثقافية والفنية بشكل عام... في النهاية ما يهمني من هذه المشاريع أن تأخذ المؤسسة مكانتها في الحياة الثقافية والفنية والاجتماعية.
هل الخطط التي وضعتها الإدارة الجديدة هي استكمال لخطط الإدارة القديمة أم هناك تعديل عليها؟
المؤسسة لم توجد من فراغ بل هي استقلال لمديرية الإنتاج التلفزيوني، فهي مؤسسة لها طموحات وتسعى لتجاوز أخطاء مديرية الإنتاج التي كانت سابقاً والتي كانت قاتلة أحياناً.. فيجب أن نتخلص من الأمراض التي كنا نحملها للنظر إلى المستقبل بشكل جيد، وهكذا أتت فكرة المؤسسة... وأي مؤسسة لا يمكن أن تنجح إذا لم يكن هناك امتداد لأفكارها واستمرار لإستراتيجيتها. ولكن مشاريع الشباب هي فكرة الإدارة الجديدة. فعمل (أنت هنا) بدأ عام 2009 ولكن تأخر إنتاجه إلى هذا الوقت
معروف عن البيروقراطية والروتين المنتشرين بالمؤسسات الحكومية، والدراما تلعب على وتر الوقت السريع، فكيف استطاعت المؤسسة معالجة هذا الموضوع؟
يجب أن نتخلص من تلك الأمراض التي كانت عالقة بإنتاج القطاع العام، الآن كل ما يتعلق بالإنتاج موجود تحت سقف واحد، وجميع الموجودين من مقاسم وإدارات مالية وقانونية تسخر جهودها لتجاوز تلك الأخطاء ولتلافي الروتين، وكل أعمال المؤسسة موجودة تحت سقف الرعاية القانونية والمالية لأننا نحاسب على كل ما نقوم بإنتاجه وعلى ما ندفعه للإنتاج..
مسلسلا ملح الحياة، سوق الورق، اللذان يتم عرضهما في الموسم الرمضاني الحالي من إنتاج مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، برأيك هل استطاعت هذه الأعمال منافسة أعمال الشركات الخاصة في هذا الموسم؟
المرحلة الأولى هي مرحلة تأسيس ويجب أن تكون هذه المرحلة دقيقة ويجب أن تخلق أرضية ثابتة للانطلاق، أود أن أسمع من الصحفيين والمتخصصين رأيهم بهذه الأعمال بعد تحليلها وسنقرر بعدها.
ردود الفعل مبكرة نوعاً ما، هناك أعمال حازت إعجاب الناس وهناك أعمال لاقت انتقادات بين الحلقة والأخرى.
لننظر ولنسمع ولنسبر آراء المختصين لأن آراءهم ستكون مؤشراً لنعرف إلى أين نسير.
كيف وجدت أعمال 2011 بشكل عام؟
لا أحب إطلاق أحكام مبكرة علماً أن الإنسان بشكل عام يميل بطبعه ليعبر عن آرائه بعد عشر دقائق ولكن هذا لا نطبق على الدراما السورية ولا ينفع لتحليل الدراما السورية وتقييم جهود آلاف الأشخاص الذين قدموا أعمالاً.
لا شك في أنه لدي انتقادات واعتراضات لبعض الأعمال، وأحيي جهود بعض الأعمال الأخرى ولكن أنا لا أميل لإنكار جهود الآخرين... حتى بالأعمال المتوسطة أميز بين الموسيقا التصويرية وجهود الممثلين والفنيين والمصورين والمخرجين. يجب أن ننظر للأعمال بعين المختصين وبعين محلل تدخل إلى خلف حالة الجميل وغير الجميل.
ما الأعمال التي تابعتها في هذا الموسم؟
لا أستطيع متابعة كل الأعمال، ولكن أحاول خلق حالة سبر بحيث أشاهد حلقتين من كل مسلسل، إلا أنه يوجد مجموعة مسلسلات لم أتابع منها وأي حلقة بسبب ضيق الوقت. فمن الأعمال الاجتماعية شاهدت مسلسل الغفران وولادة من الخاصرة وجلسات نسائية، وشاهدت القليل من مسلسل صبايا... ومن المسلسلات التاريخية شاهدت دليلة والزيبق.. إضافة إلى أعمال المؤسسة سوق الورق وملح الحياة.
المتابعون للأعمال الدرامية السورية لهذا العام لامسوا جرأة واضحة في بعض المسلسلات وكأنها لم تمر على الرقابة وعلى عين الرقيب... كيف ترى هذه الجرأة؟
لا أعرف إذا كانت الجرأة تعني مشاهد العري؟ لكن أعتقد أن هناك جرأة بالطرح الاجتماعي في الدراما السورية وهو أمر يتميز عن موضوع الإثارة الجنسية.... هناك بعض المسلسلات لاقت انتقادات لكونها لا تتناسب مع شهر رمضان، علماً أن المسلسلات لا تنتج لشهر رمضان ولكن تعرض بشهر رمضان لأنها تحقق أعلى دخل..... وهذه مفارقة بالدراما السورية حيث ننتج كل السنة لنعرض في هذا الشهر بهدف تحقيق دخل عال بسبب الإعلانات ولكن مواضيع هذه المسلسلات لا تتناسب مع شهر رمضان.
تردد في بعض الأوساط الصحفية أن الرقابة أوقفت مسلسل شيفون، إلا أنها سمحت بعرض مسلسل الولادة من الخاصرة المملوء بالجرأة ألا ترى أن هناك ازدواجية بالتعامل؟
لا يوجد لدي معلومات كافية حول رفض مسلسل شيفون، العمل لم يُرفض بل تأجل عرضه لبعد شهر رمضان وربما كانت هناك أشياء خاصة. الرقابات متنوعة والرقابة أحياناً تخضع لأهواء الرقيب وأحياناً أخرى لثقافته وأحياناً لسياسته. ليس لدينا في سورية معيار واحد للرقابة حيث تختلف الرقابة وسقفها من لجنة إلى أخرى، وكثير منا تلوع من موضوع الرقابة وأنا واحد من الذين تأذى من الرقابة بمسلسل (فجر آخر) حيث تم قص خط درامي كامل هو خط «سجين الرأي». موضوع الجرأة متنوع في مسلسلات رمضان!! فهل الجرأة عامل تشويق؟ أم هي عامل بحث اجتماعي؟ مؤكد لن نستطيع التوصل بشكل نهائي لموضوع الجرأة ولكن الجرأة لها منعكسات مختلفة..... ففي الدراما العربية بالوطن العربي نجد الجرأة أحيانا تفوق الجرأة في سورية التي تتميز بأعلى سقف رقابة ولا أظن أننا اقتربنا من موضوع الإسفاف بجرأتنا.
ما الخطوات التي اتخذتها المؤسسة للوقوف في وجه تداعيات الأزمة التي تتعرض لها سورية والتي أثرت بدورها في الإنتاج الدرامي، فقد سمعنا أن هناك مسلسلات أجلت وأخرى ألغيت بسبب الظروف الإنتاجية؟
الأزمة أثرت في الدراما، ولكن الأزمة ليست السبب الوحيد، ولو بحثنا في دراما 2011 سنجد أن ثلثي الإنتاج تم بشكل كامل والثلث الآخر لم يستكمل ولكن ليس بسبب الأزمة فقط. هناك منتجون لم يؤدوا التزاماتهم المادية بالوقت المناسب وتحججوا بموضوع الأزمة.
كما سمعنا أن الدراما السورية مقاطعة من المحطات العربية، هذا موضوع إشكالي إلى حد ما، فإذا قمنا بعملية بحث في القنوات العربية فسنجد الأعمال السورية موجودة في جميع هذه المحطات، ولكن حجم وجود هذه الأعمال أقل من السنوات الماضية وهنا نقول: إن السبب لا يكمن بأن هناك شبه مقاطعة لكن السبب في نوعية بعض الأعمال التي قدمت وهي لا ترقى لأن تمثلنا درامياً، كما أن هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها أن الإنتاج الخليجي في خط تصاعدي شديد، وفي هذا العام قُدم عدد كبير من الأعمال الدرامية الخليجية للسوق الخليجي وبالتالي لهم الأفضلية وهذا أمر طبيعي.
الحل كان موجوداً منذ عشر سنوات ولكن الحكومة قصرت آنذاك برعاية ودعم هذه الخطوة والتي تتمثل بإنشاء محطات فضائية سورية وإطلاقها بتمويل سوري خاص ودعم هذه المحطات من خلال إعطائها تراخيص بناء وتسهيلات فيما يتعلق بالإجراءات القانونية وإجراءات البث فلو كان لدينا عشر محطات الآن لما كانت هناك أزمة للدراما السورية. وأعتقد أن هناك توجهات من وزير الإعلام بهذا الخصوص.
بعيد عن العمل الإداري والمؤسسة ما مشاريعك الإخراجية القادمة؟
أعمالي الإخراجية متوقفة بسبب الوقت الضيق، هناك مشروع عام وكبير هو مشروع المؤسسة، فنجاح المؤسسة هو نجاحي لذلك أؤجل مشاريعي الخاصة إلى وقت آخر.