2012/07/04
حسني هلال - تشرين
في قرية (ذكير) في محافظة السويداء التي تذكرنا آثارها الظاهرة بغابر مجدنا وتاريخنا، وتضعنا أوابدها المطمورة أمام راهن ضعفنا وإهمالنا.
يقوم المخرج الليث حجو بتصوير حلقات مسلسل «الخربة» الذي سيعرض في شهر رمضان القادم، وهذا المسلسل هو التعاون الرابع بين المخرج الليث حجو، والسيناريست ممدوح حمادة، وذلك بعد الأعمال الدرامية الشهيرة، والتي أصبحت علامة فارقة في الإنتاج الدرامي السوري مثل «عالمكشوف، بقعة ضوء، وضيعة ضايعة» عن هذا التعاون بين حجو وحمادة، ومسلسل الخربة الذي يجري تصويره كان هذا الحوار مع المخرج الليث حجو فإلى التفاصيل:
استشعار عن بعد
هل سبق لك أن تعاونت مع الكاتب ممدوح حمادة، قبل مسلسل «ضيعة ضايعة»؟
نعم لقد التقينا قبلاً في «بقعة ضوء» و«عالمكشوف» ثم كان أن توجنا تعاوننا في مسلسل «ضيعة ضايعة» ونعمل الآن على مسلسل «الخربة».
في ضيعة ضايعة كنا نعي أن هناك بين السطور وخلف الكلمات مايشي بالأحداث التي يمر بها بلدنا الآن. مارأيك؟
نعم لقد كان الدكتور حمادة- على بعد المسافة التي تفصله عن مسرح الأحداث في الوطن- يمتلك بعد نظر وحساسية عالية تؤهلانه للتنبؤ بما سيأتي.
لنقل لديه من الاستشعار عن بعد مايجعله يتلمس من مغتربه الوضع العام ويقرؤه أفضل من الناس المحيطين بالحدث. ومن ميزات حمادة أنه عندما يكتب، يكتب ببساطة وشفافية، ومن دون أن يقع في مطب المباشرة. فهو يقرأ المشكلة ويضعها بين السطور. وتقرأ أنت النص وتستمتع به من غير أن تعرف خلفياته هذا لأول وهلة. لكن لايلبث النص أن يشدك فتقرأه مرة أخرى وتكتشف خلفياته ومراميه، فتستمتع به أكثر وأكثر.
هناك قول مفاده أننا إذا مانظرنا عن بعد، نرى المشهد أوضح وأكثر اكتمالاً مما لو كان في لجّة الحدث؟
لاأعلم إلى أي حد هذا القول صحيح. برأيي الموضوع يتعلق بحساسية وشفافية الكاتب من جهة، وحسن قراءة وتفهم المتلقي، من جهة ثانية، بغض النظر عن مسألة القرب والبعد عن مكان الحدث.
قراءة الواقع
ماالجديد – على حد علمك- الذي أضافه ممدوح حمادة في عمله الأخير «الخربة» إلى عمله السابق «ضيعة ضايعة»؟
الخربة، هي استمرار لقراءة حمادة الاستشفافية لواقعنا بعامة «ما وقع وما سيقع» قراءة متزامنة مع مايحدث الآن على مستوى الوطن العربي، بما فيه سورية، إنه عمل قريب جداً من تفاصيل أحداثنا اليومية، لاسيما أن العمل مازال يكتب وأثناء التصوير، أي إن هناك حلقات متروكة خصيصاً كي تعطينا فرصة ليكون العمل متماشياً تصويراً وكتابة بالتوازي، مع مايقع ويستجد من أحداث.
كلامك هذا يؤكد ما استشففناه أو استقرأناه قبلاً من «ضيعة ضايعة»؟
في ضيعة ضايعة، لم نكن نستطيع قول مانقوله اليوم. في «الخربة» نلمح نضجاً سياسياً كان له جذوره لدى شرائح عديدة من شعبنا، خاصة منها الشباب. الذي فاجأ العالم بقدراته وقراءاته ومواقفه الجريئة، هذا العمل جاء ليوازي ويحاكي هذا النضج. وليحاول فعلاً أن يكون على مستوى حوار الواقع كي لانقول الشارع.
ألا ترى أن هناك في «بقعة ضوء» كانت توجد بذور للتجديد في الدراما السورية فكراً وشكلاً، استمرت ونمت هذه الجذور فترة من الزمن، ثم تلاشت رويداً رويداً. إلى أن جاء وقت صارت فيه البقعة تضيق ويخبو ضوؤها؟
نعم ماتقوله صحيح. فعندما عملنا بقعة ضوء عام 2004، أحدثت بتجديدها وجرأتها ضجة على المستويين الفني والشعبي. وقتها كانت بقعة ضوء تقول ماجرى وتنبئ بما سيجري.
مسلسل «ضيعة ضايعة» كان عملاً إشكالياً، فالبعض تساءل ما هذه الكوميديا المسطحة والساذجة، بينما البعض الآخر رأى فيه كوميديا راقية، وجديدة؟
من جهتي أنا مع البعض الثاني، لكنني لاأصادر رأي البعض الأول، فلهم رؤيتهم ومزاجهم، والحال الصحيح أو الصحي أن تكون هناك آراء متنوعة، بل العمل الجيد هو مايخلق ردود فعل مختلفة.
اللهجة المحلية
بعدما شاهدنا مسلسل «ضيعة ضايعة» المشغول باللهجة المحلية في بعض مناطق ريف الساحل. تمنيت مع كثيرين من الزملاء والمشاهدين على الصديق حمادة أن يلتفت في عمل قادم، إلى منطقته (محافظة السويداء) موضوعاً ولهجة. ويسعدنا أنه استجاب الآن لرغبتنا؟
بالنسبة لنا. حضرنا احتفالاً تكريمياً أقامه الأهالي لنا في مسرح القريا بلد سلطان الأطرش، وأطلب إلينا في ذلك الاحتفال أن نعد عملاً فنياً عن «جبل العرب» وكان أن اتصلنا بالدكتور ممدوح وسافرت مع بعض الزملاء إلى «بيلاروسيا» حيث يقيم حالياً والتقينا وتكلمنا واتفقنا ثم كان عملنا هذا «الخربة».
بالنسبة للهجة المحلية، أظن أن لها جانباً إيجابياً وآخر سلبياً. في ضيعة ضايعة اضطررتم إلى شرح بعض المفردات على هامش المشهد، وكانت فكرة طريفة، كونها تستعمل لأول مرة في عمل محلي، لكن ألا ترى أن الأمر لن يكون كذلك عند التكرار؟
اللهجة في الخربة ليست بتعقيد اللهجة في ضيعة ضايعة بل هي مبسطة وأقرب إلى الفصحى. على العموم، الحفاظ على اللهجة المحكية، في بعض أعمالنا، هدفه الحفاظ على الطبيعة الفولكلورية للمنطقة.. وللحفاظ على نكهة الموقف والحدث. وأن لايستسيغ البعض هذه الطريقة أو الأسلوب في نقل المشهد هذا حقه. لكن تبقى اللهجة جزءاً من الفولكلور.. وبالتالي جزء من التراث والتاريخ والحضارة.
كمخرج. وصل لديك واشتغلت وشاهدت نصوصاً كثيرة. ما المميز أو المختلف برأيك في نص الدكتور حمادة وبما تقاطعت معه كمخرج؟
لكل أسلوبه وطريقته التي يكتب بها وأحترمها. أتقاطع في كثير من النقاط مع أسلوب الدكتور حمادة، فهو ككاتب، أحب أن أقرأه. لأني أستمتع بنصه، قصة كان أو سيناريو أو..، حتى رسائله أرى فيها أشياء طريفة. أعتقد أن لتخصصه الذي يحبه (فن الكاريكاتير) تأثيراً واضحاً في حياته، وكذلك في إنتاجه الفني.
جودي وأسعد
كأن طاقم التمثيل في عملكم الحالي، قد حافظ على أساسه في ضيعة ضايعة، مع تطعيمه قليلاً ببعض الشخصيات الداعمة؟
نضال سيجري، هو ضيف هذا العمل.. وباسم ياخور- بغض النظر عن كونه صديقاً- فهو كفنان كوميدي يعتبر ورقة رابحة في أي عمل يشترك به.
أما الآخرون فمعظمهم جدد. مثل الفنانين رشيد عساف ودريد لحام، والفنانة ضحى الدبس، التي أتعامل معها لأول مرة، والفنانة شكران مرتجى لم تشترك معي بعمل منذ فترة طويلة.
بالمناسبة كيف هي صحة الفنان المحبوب نضال سيجري حالياً؟
الحمد لله، لقد تماثل للشفاء، وهو الآن بصحة وعافية نرجوهما له على الدوام..
التصاق الممثل بكركتر معين – برأيك- إلى أي حد يخدمه، وإلى أي حد يضره؟
الممثل يمكنه أداء أي دور، ولاأرى المشكلة في الممثل، بقدر ما هي بمجمل العمل. عندما تنسجم الشخصية في النص مع الشخصيات الأخرى.. مع المكياج.. الملابس.. الأداء الموسيقي. عندما تدخل في نسيج العمل، تكون مقنعة وغير نافرة. وعندها تحجب عن ذاكرة المتلقي كل ماسبق من شخصيات قام بلعبها ذلك الممثل. على سبيل المثال، لقد حجبت شخصيتا «جودي وأسعد» لنضال سيجري وباسم ياخور، كل الشخصيات التي سبق وأدياها، وكانتا من أجمل وأنجح ما مثلاه.
برأيك، أليس من الأفضل أن يأخذ الممثلون من أبناء المنطقة، معظم الأدوار، في الأعمال التي تتكلم لهجة منطقتهم؟
أكيد أكيد. وهذا ماراعيناه في الخربة. فنسبة أبناء المنطقة المشتركين في العمل يقارب 90%. منهم على سبيل المثال: أدهم مرشد، ضحى الدبس، مهند قطيش، رافي وهبة، ممدوح الأطرش، وكثيرون غيرهم.
ما الفكرة المحورية لمسلسل الخربة؟
الفكرة باختصار شديد: إن هناك قرية اسمها «الخربة» يهاجر قسم كبير من شبابها، ليعودوا بعد فترة بأفكار جديدة ورؤى تقدمية. الأمر الذي يعارضه عموم أهل القرية خاصة جيل الكبار، فينشأ صراع بين الفريقين، يشكل محور أحداث المسلسل.
كيف ترى عمر حجو، كفنان وكأب.؟
مع ما في سؤالك من إحراج سأجيبك: عمر حجو كفنان وكأب كان ولايزال قدوة لي. بطبعه مرح وطيب ومنفتح على الآخرين. وعندما لايستسيغ فكرة أو لايهضمها، يستفسر عنها، عمر حجو إنسان ديمقراطي، مثلما يعرض رأيه بصدق، كذلك يتقبل الآراء برحابة صدر.
أخيراً. ماوجهة نظرك في كيفية تعامل أهل القرية مع الفريق الذي يعمل معك؟
الناس في هذه القرية طيبون ولطفاء ومتعاونون، مثل سائر أهل السويداء المعروفين بكرمهم واحتفائهم.