2012/07/04
مجلة الموعد
لن أكون مبالِغة إن قلت إنني استمتعت بمحاورة هذه الإنسانة الفنانة التي تشعر معها أنها قريبة منك قلباً وقالباً.. بمقدار ثقافتها ورجاحة عقلها وحسّها السياسي والوطني العالي تمتلك روحاً تلقائية تشعّ بهجة وأملاً وإشراقة.. أنثى تجمع في طياتها بين كل شيء جميل وتسعد بفنّها وحياتها الأسرية.
كان حواري معها سياسياً فنياً إنسانياً ممتعاً خجلت فيه من شدّة ذوق وجمال أخلاق الفنانة العربية صبا مبارك أثناء محاورتي لها.. ولنقرأ الحوار.
* صبا المواطنة العربية، كيف ترى ما يدور حولها في الوطن العربي وما تحليلها له كمواطنة عربية؟
ـ كمواطنة عربية كبرت في زمن كان يبدو الوعي بما يدور حولنا حلماً بعيداً يقتصر على كتب التاريخ ومحلّلي السياسة في القنوات الإعلامية، جاء وقت اقتنعت فيه أننا شباب فَقَد الدافع والرغبة في المشاركة في بناء المستقبل وكأن كل شيء قد رُسم سابقاً وعلينا نحن دون معرفة التحرّك كبيدق جاهل على رقعة الشطرنج الكبيرة، اليوم أشعر بالفخر لأنني أشهد هذه البصيرة التي تفوق أعمارنا دهوراً وهي تتفتح وتزهر وتتحوّل لقوة دافعة في حب الوطن.. أقف أمام المرآة وأقول بكل فخر (أنا عربية).
* كيف ترين المستقبل القادم للدول العربية وللشعوب العربية؟
ـ لنقل إنني أستطيع أن أرى المستقبل وقد كنت منذ شهور قليلة لا أراه بوضوح.. اليوم في يدنا كل المفاتيح لخلق فضاء نتحرك فيه لنعيد تربية أولادنا على قيَم أدلّتها بين أيدينا.. المسؤولية، الحرية، المشارَكة لم تعد مفاهيم محنّطة بل أصبحت واقعنا، شرط أن نعرف أين نضع أقدامنا وأي غد نريده للوطن.
* هل ما يحدث سيغيّر وضع الفن بشكل عام وينعكس عليه بشكل إيجابي أو سلبي، وما هو من وجهة نظرك؟
ـ ما يحدث سيعيد النظر في فهم دور المثقّف وواجباته وتنوير ما أبدعه أي شاب في “ساحة القصبة” أو “ميدان التحرير”.. من هنا يجب أن نفهم أنّ السماء هي حدودنا اليوم.. حجة انعدام حرية التعبير قد ماتت لتفسح المتنفس للخلق والإبداع، الفن هو انعكاس لمجتمعه واليوم يأتي دورنا لتقدير كل شهيد أو مناضل قضى ليجعل الحياة مكاناً أجمل لنا جميعاً.. ليس هناك صورة من الممكن أن تضاهي جمال هذه الحقيقة، ولهذا فدورنا اليوم هو في المساهمة فيما يأتي بعد ذلك.. في الكف عن الإسفاف والإبتذال أو الاستسهال وإنتاج أعمال فنية تكون على مستوى الواقع العظيم.. أظن أنه زمن للفصل والفرز بين الجيّد والرديء.
* ما أخطر الأشياء التي تهدّد الدول العربية حالياً والثورات العربية من وجهة نظرك؟
ـ رغم أننا وطن كبير واحد في انتماءاته ولغته وحضارته إلاّ أنّ المشهد العربي ليس واحداً، أظن أنّ الوعي بذلك سيجعلنا نحارب أي ردّات تزرع الفتن الطائفية وتشحن الاختلافات، الثورة هي ثقافة وليست عدوى أو موضة عام 2011.. من أجمل ما قرأت بعد الثورة المصرية (من النهارده ما تدفع رشوة، ما ترمي قمامة في الشارع...) هذه هي ثقافة الثورة، الثورة هي أن نفهم (إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم) يجب أن نفسح الزمن للتغيير ولبناء ما تزعزع.. وأن نضيء شمعة قبل أن نلعن الظلام.. لقد أثبت الشباب العربي أنه حي، واليوم واجبنا أن نعمل بصدق دون أن نترك المجال لأجندات التخوين والكره والتعصّب.
* صبا بداية قوية في مصر تلفزيونياً من خلال “نسيم الروح” وسينمائياً من خلال “بنتين من مصر” الذي لا زلتِ تحصدين الجوائز بصدده حتى الآن.. أين أنت وأين الانطلاقة التي توقّعها الكثيرون لـ: صبا مبارك كنجمة عربية تملك لغة خاصة بها؟
ـ لست حزينة صدّقيني على تأخّر أي خطة عمل تخصّني.. ما يحدث اليوم في أوطاننا أهم بكثير من أي مشاريع شخصية، وأنا بطبيعتي لست عجولة بما يخص مهنتي، أريد أن أقدّم عملاً يحترم الجمهور ويقدّم وجهة نظر حقيقية.. الترفيه وحده لا يكفي ولا التواجد وحده يكفي.. أفضّل عملاً محترماً في العام على “أن أنزل من الحنفية”.. القادم هو فيلم “مملكة النمل” وهو فيلم إنتاجه عربي مشترك وموضوعه فلسطيني)