2012/07/04
سهام خلوصي – الكفاح العربي
نافست كبار النجمات على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "Blue Valentine". إنها ميشيل ويليامس الجميلة التي تعرف كيف تختار الأفلام الجيدة لأن ما يهمها هو السيناريو والعين التي تقف خلف الكاميرا، وقريباً سنراها في فيلم تجسد فيه شخصية رمز الأنوثة والإغراء ماريلين مونرو. هنا حوار معها حول آخر فيلمين لها، بعد إضاءة سريعة على مسيرتها.
إنها اليوم في الثلاثين. بدأت مسيرتها الفنية في المسلسلات التلفزيونية ولمعت في مسلسل "Dawson" الذي استمرت فيه من العام 1998 حتى العام 2003. أما مسيرتها السينمائية فبدأتها في العام 1995 الى جانب كبار الممثلات مثل ميشيل بفيفر، وجايمي لي كورتيس، وسيغورني ويفر، وتميزت بأنها بين دور وآخر كانت تنتقي أدوارها بإتقان، فلفتت الأنظار الى جمال أدائها وقوته، الى أن كان العام 2005 حيث نالت البطولة النسائية في فيلم "Brokeback Mountain" للمخرج أنج لي، فتعرفت خلاله على الممثل هيث ليدجر الذي تزوجته ورزقت منه بابنتها ماتيلدا. لكن ليدجر توفي إثر جرعة زائدة فكانت مأساة في هوليوود ومأساة خاصة عاشتها ميشيل ويليامس حزناً على زوجها متحملة وحدها مسؤولية تربية ابنتها اليتيمة.
دورها في هذا الفيلم حمل لها ترشيحات عديدة لجائزة افضل ممثلة في دور ثان، ومنها جائزتا الغولدن غلوب والأوسكار. بعدها تصاعدت أسهمها وشاركت في افلام عدة مستقلة ومع أهم المخرجين، أمثال مارتني سكورسيزي "Shutter Island" وشارلي كوفمان "Synecdoche New York"... وغيرها.
في العام 2010 لعبت في فيلمين مستقلين هما فيلم "Meek’s Cutoff" للمخرجة كيلي ريشاردت وفيلم "Blue Valentine" للمخرج ديريك سيانغرانس. والأخير شاركها بطولته واحد من أهم الممثلين الشباب اليوم في هوليوود وهو ريان غوسلينغ، ومعاً جسدا ثنائياً يلتقيان على الحب ويتزوجان فيعيشان ست سنوات من السعادة قبل أن تتأزم الأمور وتتمزق السعادة. عن هذا الدور استحقت ميشيل ترشيحها لأوسكار أفضل ممثلة للعام 2011. ونترك لها الكلام:
■ ما الفرق بين فيلم "Meek’s Cutoff" وفيلم "Blue Valentine"؟
- هذان الفيلمان يتشابهان في هشاشتهما، لكنهما يتناقضان في اخراجهما. ديريك سيانغراس يصنع تصاميم ضخمة تحبس الأنفاس، بينما كيلي ريشاردت تستخدم كادراً أوسع. تصوير فيلم "Blue Valentine" كان جميلاً ولم يتطلب جهداً جسدياً وقد كان أكثر تطرفاً من الفيلم الثاني. ريان غوسيلينغ (زميلها في البطولة) وأنا، وقد كنا ايضا منتجين منفذين، حاولنا أن نتصور القصة على مدى ست سنوات. كان علينا ان نعيش بالتعاقب لحظات سعيدة وأخرى مدمرة، وأن نجد التوازن الملائم في التعبير عن هذه المشاعر. بالاضافة الى ذلك، ومن اجل الصدقية، عشنا حقيقة معاً لمدة شهر في البيت الذي صورنا فيه. كنا نتصرف كزوجين حقيقيين: نحضر الطعام لنأكل، نقوم بغسل الصحون، نخرج سلة القمامة. لقد تماهيت بشخصيتي الى درجة أنني كنت أخلط بين تصرفاتها وتصرفاتي. كل ما كان يقوله ريان كنت أعتبر أنه لي، والأمر نفسه بالنسبة اليه.
■ بالنسبة اليك، هل كان الزوجان في "Blue Valentine" محكومين أو مدانين منذ البداية؟
- جوابي سيبدو غريباً، لكنني أقول "نعم". نحن نؤلف ثنائيا، نحاول أن نتفادى أخطاء والدينا، أن نكسر حتمية، ونحن نحس ذلك منذ الصور الأولى في الفيلم.
■ لفيلم "Blue Valentine" قصة، هل تروينها لنا، وكيف وقعت في حب السيناريو؟
- عشقت "Blue Valentine" منذ العام 2003. من وقتها وأنا لا أرى العالم إلا من خلاله. كل شيء كان يعيدني اليه: الموسيقى التي أسمعها، النزهات التي اقوم بها. قابلت ديريك (المخرج) اثناء رحلة حيث عرفني بالستوديو الخاص به في بروكلين، في مكان ليس بعيدا عن المنزل الذي أقمت فيه لاحقاً، ثم توقف المشروع. أن أنتج فيلماً على اسمي في ذلك الوقت كان مستحيلا، لكن الفيلم بقي دائما في زاوية من تفكيري، خصوصا وأنه من وقت الى آخر، كان يعود الحديث عنه ويطفو على السطح. في العام 2005، عندما اختار ديريك ريان غوسلينغ اراد أن نصور مشاهد لقاء الزوجين، ثم ان نلتقي بعد ست سنوات لإكمال الفيلم. لكنه لم يستطع أن يحصل على التمويل. بعد ست سنوات حصل على الضوء الاخضر. يومذاك كنت في التاسعة والعشرين، وفي هذه السن قد لا تكون لدينا الأذواق نفسها التي كانت لنا في عمر الـ23. وتساءلت بيني وبين نفسي ما اذا كان علي أن اتمسك بذكرى السيناريو اكثر من السيناريو نفسه. لكن عندما استغرقت في قراءته من جديد تحققت انه منذ البداية كنت املك الذوق الجيد (تضحك)... وتحققت أيضا من إيجابيات تمثيل قصة قرأتها قبل خمس سنوات. فاللاوعي عندي عمل لصالحي: لقد كنت أحضر نفسي له من دون ان ادري.
■ مع ذلك، في البداية قررت الاعتذار عن الفيلم... لماذا، وكيف عدت؟
- ان أنجز هذا الفيلم كان شيئا أريده من كل قلبي، لكنني وعدت ابنتي بأن آخذ سنة راحة، لذلك اعتذرت لديريك. كانت الدموع في عيني، لكنني رأيت انه الاختيار الصحيح، ولم يحاول ديريك ان يثنيني. قال انه يتفهم الامر. ثم انه عاد فاتصل بي بالهاتف ليقول السبب الذي من اجله لا يستطيع ان يكمل هذا الفيلم هو ان لا احد غيري يمكنه ان يجسد هذه الشخصية. وأضاف: "اذا نقلت مكان التصوير قريبا من منزلك، وإذا وعدتك بأنك ستستطيعين أن تصحبي ابنتك الى مدرستها صباحا، وان تعودي اليها في المساء لترجعا معاً الى المنزل، فهل تكونين مستعدة للعمل"؟ وكيف ارفض بعد ذلك؟
■ هل واجهت مصاعب اثناء التصوير؟
- ديريك يتمتع بصبر لا محدود. قبل أن نصور كان لدي شكوك كبيرة، وقد أثقلته بأسئلتي الكثيرة حول السيناريو... لكن، بما انه عايش هذا المشروع في ذهنه لمدة طويلة، فقد كان يستمع وكان يعرف بوضوح الى أين يريد الوصول. من جهتي انا دائما احتاج الى أن اتحدث عن هواجسي، ومع التجربة تعلمت ان أنال شرحا كي لا يكون هنالك خطأ.
لكن السؤال الكبير بالنسبة الي وإلى زميلي ريان غوسلينغ كان أن نعرف اذا كانت المسافة الزمنية بين لحظة لقاء الزوجين ولحظة الأزمة بينهما ستكون ذات صدقية على الشاشة. لكن فكرة ديريك الجميلة بأن نسكن أنا وريان في المنزل نفسه للشخصيتين اللتين نجسدهما كانت رائعة. كنا نعيش يوميات اي زوجين... كنا نعيش تضاؤل العلاقة بينهما.
التصوير استغرق ستة وعشرين يوما. تسلينا كثيرا في الجزء الاول من العمل حول ولادة هذا الثنائي الشاب الذي ألفناه انا وريان. ظننت لفترة ان الحاضر الرهيب لهذا الثنائي ليس إلا كابوسا ونحن لن نروي إلا قصة ماضيهما السعيد. لكن الحال لم تكن كذلك. تصوير بقية الفيلم كان اكثر إيلاما بالنسبة الي. كان الامر يشبه تمزيق الكتاب الجميل الذي كتبناه صفحة صفحة. في السيارة التي كانت تقلني بعد انتهاء يوم العمل، كنت افتح النافذة لأخرج رأسي صارخة بكل قوتي كي احرر نفسي من الضغط النفسي.
اثناء تصوير الجزء الاول، كنا، انا وريان، معاً طوال الوقت كي نحافظ على السعادة التي تعيشها الشخصيتان اللتان نجسدهما. كي نمثل لحظات التفسخ وتمزق العلاقة كنا، او وريان، كملاكمين وعند كلمة "أقطع" يعود كل منا الى زاويته من دون ان يلقي اي نظرة على الآخر. أنا كنت مزيجا من اثنين. احب طموحات الفريق بقدر ما احتاج الى ان اعزل نفسي قبل تمثيل المشاهد المضطربة.
■ بالعودة الى الفيلم "Meek’s Cutoff"، فهو في المظهر يبدو كفيلم وسترن. لكن المخرجة كيلي ريشاردت جعلت منه حكاية خرافية عن هشاشة العلاقات الانسانية؟
- تماما. الفيلم يشبه الوسترن، لأن الصحراء تستخدم كإطار لرواية المسار الموحش للأوهام الضائعة. هو فيلم من دون بداية ولا نهاية. أفلام الوسترن لا تستهويني. في اي حال ليس النوع هو الذي يحركني ويثيرني لكن الشخص الذي يقف خلف الكاميرا. أنا أتبع كيلي ريشاردت أياً كان نوع الفيلم، فيلم رعب او كوميديا.
■ كيلي ريشاردت هي المخرجة الوحيدة التي عملت معها مرتين؟
- اكتشفت سينماها من خلال فيلم "Old Joy" (2007) وقد صدمت بطريقتها في مسك الرواية وطريقتها في ادارة الممثلين. سينماها ترتكز على الإيحاء، على الذي لا يقال. هي تستطيع أن تلمس غموض العلاقات البشرية كما لا يفعل احد غيرها. في ذلك الوقت، تمنيت ان التقيها لأعرف من هي تلك القادرة على طرح سينما من هذا النوع في الولايات المتحدة. منذ فيلم "Wendy And Lucy" الذي صنعناه معاً منذ اربع سنوات ونصف، اصبحنا صديقين. عرفت انها تريد ان تستمر شراكتنا عندما جاءتني الى بروكلين كي تقدم لي سيناريو "Meek’s Cutoff"، وبصراحة لم اكن انتظر ذلك.
■ كيف تعملان ؟
- كيلي تحتاج الى ان تتواصل مع احد في مرجعياتها، ومعرفتها، وهذا ما أجد نفسي فيه ايضا. انها لا تفقد ابدا اهدافها من حقل نظرها. تحافظ على راديكاليتها حتى الى اقصى حد. يمكن للبعض ان يفكر خطأ انها تسجن الممثلين، لكن، بالعكس، انها بإعطائنا كادرا محددا تقدم لنا حرية اكبر، بعد ذلك، يتطلب الامر تركيزا وشجاعة لأن شروط التصوير ليست دائما مريحة. من اجل "Meek’s Cutoff" كنا في الصحراء وكنت أموت من الحر لأنني كنت ارتدي فستانا سميكا من القطن. الجزء الوحيد الظاهر من جسمي كان يداي. كان لدي الاحساس بأنني اهلك، كما لو انني سأترك جزءا مني في هذه الصحراء. خفت كثيرا في اول مشهد صورناه في الفيلم عندما كان على النازحين أن يجتازوا النهر، لأنني ارتعب جدا من الأفاعي والثعابين! ثم مع تقدم العمل وبالتدريج تأقلمت مع المناخ ومع إيقاع المكان، وعاد الي الاحساس بالارتياح كما لو كنت أذوب في الطبيعة.
■ هل يمكن القول ان هناك قبل وبعد كيلي ريشاردت في الفيلموغرافيا خاصتك؟
- نعم. كان هناك انقطاع حقيقي. (مرحلة فقدانها زوجها) قبل "Wendy And Lucy" احسست نفسي ضائعة بعض الشيء، وفقدت تذوق اللعبة. كيلي اعطتني النغمة الثانية التي كنت في حاجة اليها. لهذا انا معترفة بجميلها الى حد كبير. بعد ذلك استطيع أن أفهم اولئك الذين لا يتفقون مع راديكالية سينماها. لست قادرة على شرح كيف يجب استقبال افلامها ما دامت تعبر عن تجربة حميمية. لكن شخصيا احب المخرجين الذين يطرحون اسئلة من دون ان يعرفوا الجواب.
■ انت تتخصصين أكثر فأكثر في السينما المستقلة، هل هذا خيار؟
- لست مهنوية. عندما يأتيني سيناريو أتصرف حسب حدسي. عندما اقبل دورا، لا يكون لدي إلا شرطان: ان لا ابقى بعيدة عن ابنتي طويلا، وأن اكون اكيدة من أمر هو أنني لن اندم فيما بعد على ما فعلت. لكنني احببت دوما السينما المستقلة. في نهاية مراهقتي، وبين تصويرين لمسلسل "Dawson" كنت استقل سيارتي وأذهب الى "Film Forum" في نيويورك، لاكتشف الافلام المستقلة والاوروبية. في اليوم التالي كنت اعود لأتابع تصوير المسلسل. كنت فخورة جدا عندما عرفت ان "Wendy And Lucy" و"Meek’s Cutoff" عرضا هناك. اليوم لم يعد لدي الوقت لأكون حشورة للمعرفة كما كنت، وحاليا انام معظم الوقت اثناء مشاهدتي الافلام. أنا احس بالذنب لذلك.
■ هل أنت فخورة بتطورك منذ "Dawson"؟
- ليس منذ زمن بعيد اوقفت المسلسل. مثلت في "Dawson" حتى عمر 22 سنة. يعني منذ ثماني سنين تقريبا. اليوم قلبت الصحفة، لكن دائما اعترف بجميل هذا المسلسل لأنه علمني شيئين اساسيين: ان أثق بنفسي، وأن لا أخاف الكاميرا.