2012/07/04
عفاف يحيى الشب - تشرين
اسأل وطالما تساءلت في مقالات عديدة وسابقة عن دور الدراما في رفد الثقافة المجتمعية واعمار الذهنية السورية بمواضيع جادة تخدمهم وتعينهم. وتفتح آفاقهم على قضايا محورية لا تدور حول مواضيع ما يكتبها شبان صغار لا يملكون شهادة ثانوية ولا سابقة لهم في كتابة كلمة في زاوية مقروءة ومع هذا وجد هؤلاء أن حقل الدراما المشرع أمامهم وكأنه سبيل ومشاع ليكتبوا ما يشاؤون دون تقدير وإدراك في الغالب إلا من غاية الشهرة وحصد أموال لا يحصلون عليها من مكان آخر كونهم عاطلين عن العمل فلم يقدموا في المجال الدرامي أي إبداع يعادل ما نراه في شبان حصنوا أنفسهم بالعلم والتخصص سواء في الكتابة أو في الإخراج, وفي أجندات الدراما السورية أسماء كثر ممن اعتمدتهم الدراما هكذا واعتباطيا بصفة كتاب للدراما السورية, واسأل وماذا قدم مثل هؤلاء لأبناء أمتهم غير السخافات وحكايات شعبية تتعلق بأخلاق النساء وانحراف الشباب إلى الشرب والعربدة والمخدرات وإظهار مباشر ومبالغ به لفساد مؤسسلاتي يضرب عرض الحائط بالمواطن السوري المثقف والمتعلم والمجتهد والشريف والأعراف الاجتماعية المعمول بها منذ الأزل من خلال عرض غير محبذ لصبايانا الحسان بأحلى ثياب وأدسم ماكياج وكأنهن مجرد دمى استعراضية يعشن في أجواء غير واقعية لغايات تجارية محضة تقررها اللجنة المنتجة التي في معظمها ممولة من خارج سورية (وهذا كما أعتقد سبب مباشر لرحيل بعض الفنانين إلى الضفة الرمادية من الموقف حيال سورية الأبية) ما ذكرته عن الشكل الدرامي على يد غير الاحترافيين يظهر أن المجتمع بكامله يترعرع وسط هذا البلاء وبالتالي لا حلول ولا مخارج لديه للخلاص من مثل تلك الاستعراضات التجريحية التي لا تخدم قضية لكنها تسيء إلى وجه سورية المشرف في مثل هذه المرحلة التاريخية وهؤلاء الكتاب من فئة «الأمي» وما شابه قد لا يدرون فعلياً ماذا يكتبون وفق عقلياتهم محدودة المنظور الثقافي ولا أقول هذا انتقاصاً من شخصية أحدهم ومن إبداعات الندرة منهم بل لأن مخزوناتهم وتوجهاتهم قد لا تحمل عين الصواب وربما يضل بعضهم السبيل بشكل غير متعمد..
وأؤكد أنه في السنوات الماضية التي شهدت انتعاشاً حقيقياً للدراما السورية كانت المواضيع تلامس الجانب الوطني والأخلاقي والاجتماعي بشكل شفاف وبناء وجذاب حتى لو اقتربت من الفانتازيا وكان الكاتب مع المخرجين حينها ذوي تاريخ وفكر واجتهاد وقد أهدونا مثلاً «مسلسل أخوة التراب, ونهاية رجل شجاع».
أما أن نرمي بالفكر الدرامي إلى عراء وإفلاس وقحط في التوجه نحو البناء ونضع نساءنا على موائد التشريح ونأخذهن في عدد من الأعمال السورية إلى مواقف لا أخلاقية ونرسل شبابنا في أخرى إلى المرابع الليلية بشكل ربما يستهوي المراهقين على أقل تقدير فإننا بهذا قد نرسل إلى المجتمعات الأخرى رسالة ضمنية خطيرة بأننا نعاني بشكل ما فقراً معيشياً يستجر انفلاشاً أخلاقياً وأن المجتمع السوري على حافة الانهيار والحلول عنده ضائعة وهنا تبدأ مناورات ورهانات على فشلنا.
من هنا أيضاً أرى أن الأمانة الوطنية والحرص على سلامة سوريتنا من أي مساس وتخريب ومن أي فرصة نقدمها للآخر بإرادتنا كي يجد السبيل إلى محاربتنا واستخدام بعضنا مجرد أدوات لهم أقول: إن البناء الفكري السوي الوطني والأخلاقي المسؤول هو من مهام الجهات الإعلامية وأنه على رجال الفكر والوطنية التقدم إلى الصفوف الأمامية للوقوف بشدة في وجه كل من يريد تدمير سمعة سورية أو إعطاء صورة مغلوطة عن حقيقتها النهضوية الإصلاحية التي لن تتم بالشكل اللائق إن استمر بعض المستهترين في استرخاص الكلمة وفي تعبئتها لأجل الفلتان كما بات شائعاً حتى عند بعض كتاب روايات هذه الأيام وليعلم مثل هؤلاء الكتاب أن القنوات الفضائية والمواقع الالكترونية الموجهة لضرب الفكر الشبابي والانحراف به إلى مسارات مغلوطة وحبذا لو أسهم أصحاب الثروة في إنشاء قنوات إعلامية هادفة بكوادر جادة ومجتهدة تستقطب أهل الخبرة وتواكب قنوات لها شهرتها في النضال الإعلامي وتكون منارة إخبارية تسطع بالحق وسط التشويش السائد وجبهة دفاع أولى عن سورية الغالية تسكت أبواقاً إعلامية ذات أهداف تدميرية بامتياز.