2012/07/04
إبراهيم العريس – دار الحياة
خلال دورة هذا العام لمهرجان «كان» السينمائي، لم يكن ثمة حضور واضح لمفاجأة «تلفزيونية» تفقأ عين السينما، كالتي كانها في الدورة السابقة فيلم «كارلوس» للفرنسي أوليفييه السايس. ومن هنا غاب الى حدّ كبير أيُّ أثر للسجال الذي اندلع طوال العام الفائت بين مناصري التقارب (الى حد الاندماج ربما) بين الشاشتين الكبيرة والصغيرة، وبين أولئك الذين يرون في الأمر خطراً على الفن السابع جوهراً، مستقبلاً وتاريخاً.
هل يعني هذا أن الأمور حسمت لصالح «توافق تاريخي بين الشاشتين»؟ ليس بالضرورة، فقط غاب السجال الكبير، لأن فيلماً من طينة «كارلوس» او جرأته لم يطلّ برأسه. ولكن في المقابل، لم تغب سيرة التلفزيون على الإطلاق، بل إنه حضر بأكثر مما حضر في أي دورة سابقة من دورات «كان»، وربما في أيّ مهرجان سينمائيّ آخر. ليس عبر الصيغة المباشرة - شكلية كانت أو موضوعية للأفلام – بل على الشاشات الكبيرة نفسها. وكذلك في أروقة سوق الفيلم والقرية العالمية وغرف الفنادق الكبرى وفي كل مكان كان يمكن فيه التفاوض حول صفقات بيع وشراء وعروض تتعلق بالأفلام، سواء أكانت معروضة في المهرجان أم على هوامشه. وربما لم يكن مغالياً ذلك الصحافي الفرنسي الذي أحصى عدد الصفقات وأسماء الشركات والمتفاوضين، ليستنتج ان حضور التلفزيون، شارياً او بائعاً، كان أكبر حجماً بكثير من حضور الشركات السينمائية التقليدية. ولعل هذا التأكيد يتضافر مع ما بات «طبيعياً» لايحتاج الى لفت نظر وتمحيص، ونعني به امتلاء الشاشة - في تمهيد لعرض أيّ فيلم في المهرجان وكلّ فيلم فيه - بأسماء الشركات والمؤسسات المنتجة ليتبين أنها في الغالبية العظمى من الحالات شركات تلفزيونية ومحطات رسمية أو غير رسمية.
هل ترانا نودّ ان نقول من خلال هذا الكلام - الذي ربما لا يرى فيه احد أيَّ جديد على الإطلاق - ما قلناه وقاله غيرنا في مناسبات عديدة، من انه قد قضي الأمر وباتت السينما بشكل نهائيّ في قبضة التلفزيون؟ ربما، ولكن من المؤكد هذه المرة ان ما بات علينا ان نلاحظه، هو أن الأمر لم يعد أمر غلبة وسيطرة، ولا أمر قلق على مستقبل السينما، بل بالأحرى مسألة يقين من ان الوضع بات يحتاج شيئاً من الصبر والتفهّم والنظر بتفاؤل الى مستقبل الفنّين معاً، لاستخراج استنتاجات قد يكون في إمكاننا تلخيصها في عبارة واحدة مفادها ان السينما كعمل إبداعيّ على الأقل – إن لم يكن كصالات وتقاليد فرجة سنظلّ في حنين دائم إليها - باتت في أيد أمينة. وأكثر من هذا: في أيد تحتاجها ولديها القدرة الانتشارية والمالية التي تمكّنها من البقاء فناً كبيراً ومزدهراً لزمن طويل مقبل.