2012/07/04
سامر محمد اسماعيل - السفير
غريب فعلاً ما يحدث على شاشة الفضائية السورية. من يقف وراء كل هذه الأخطاء القاتلة في الخطاب الإعلامي؟ ومن أجل من تتسرب عبارات جديدة في بنية هذا الخطاب؟ ثم كيف يفهم القائمون على برامج الفضائية السورية مهام الإعداد والتقديم البرامجي؟ أسئلة كثيرة يطرحها الإعلام الوطني اليوم، الذي يحاول أن يصوغ رسالته بنبذ الطائفية في المجتمع السوري، فيغرق في التحدث عنها. تنسل من مقدمي برامجه عبارات تشي بعدم المسؤولية، لا سيما في حلقة أمس الأول من برنامج «خط أحمر»، الذي يعده ويقدمه عبد المؤمن الحسن.
طرحت الحلقة المذكورة إشكالية «مفهوم الحرية» بمشاركة كل من متخصص في علم الاجتماع الدكتور ماجد أبو ماضي، والدكتورة أرليت القاضي المتخصصة في علم النفس، والفنان زهير رمضان. فجأة ومن غير إنذار سأل مقدم البرنامج إحدى الشابات المشاركات في الأستوديو: «أنت مسيحية..؟» سؤال فاجأ الفتاة القادمة إلى تلفزيون بلادها. لم تعرف بماذا ترد، وكيف، بل لاذت بالصمت. لم يكن البرنامج بصدد مناقشة أخطار «الفتنة الطائفية» في المجتمع السوري. كانت الشابة تتكلم بجرأة كبيرة عن المسؤولية الاجتماعية والحرية الفردية وضرورة التوفيق بين المفهومين، بطلاقة لافتة. لم تتوقع على الإطلاق أن تُسأل عن طائفتها، وعبر شاشة التلفزيون العربي السوري!
لنفرض أن السؤال جاء عن «حسن نية»، ألم ير القائمون على البرنامج المسجل أصلاً خطورة توجيه سؤال مذهبي على شاشة ترفع شعارات القومية والوطنية؟ فالجميع يعرف أن البرامج المُسجلة تخضع للمونتاج والرقابة في آن معا. وهل يعلم الزميل عبد المؤمن الحسن حجم الخيبة التي أصابت مشاهدي برنامجه؟ بل حجم الإهانة التي وجهها للسوريين بسؤاله النافر؟ ولا نبالغ اذا قلنا انه خيل الينا لبرهة أن الحسن يتماهى مع محاربي الحرب الأهلية اللبنانية في بيروت السبعينيات من دون أن يقصد. صحيح أنه لم يطلب هوية الشابة السورية، لكنه سألها عن طائفتها، متناسياً أن السوريين يعيشون الوحدة، وليس بينهم من يسأل عن طائفة الآخر؟
نقول ذلك، لأن المرحلة التي تمر بها سوريا حساسة، إذ بدلاً من التركيز على خطاب إعلامي نظيف من شوائب المذهبية والعرقية التي تعمل فضائيات النفط العربي على بثها للمشاهد السوري، يقوم برنامج «خط أحمر» بما يشبه التكريس لمفاهيم سلبية. لحظة محرجة تعرضت لها تلك الصبية السورية، كانت ستبقى بلا قيمة لو أنها جاءت عبر شاشة أخرى.
تحدث في الحلقة الضيوف الثلاثة، وكالعادة دون أن يفسحوا مجالا لشباب وشابات غالباً ما يؤتى بهم في معظم برامج الفضائية السورية كجزء من ديكور فقير وعديم العمق. بل إن في برنامج «خط أحمر» للتأكيد على فقاعة حمرته، يجلس جمهور الشباب على كراسي عليها شراشف حمراء، فيما تُطلى نصف الشاشة غرافيكياً بالأحمر القاني، لمَ لا؟ فبرنامج «خط أحمر» لا يحمل من اسمه سوى لونه وخجلنا من تلك الشابة السورية!