2012/07/04
السفير - حسين عز الدين
عذرا زملائي في قناة «الجزيرة» الناطقة بلغة عربية في زمن عزت علينا فيه العروبة، لقد اصبح لزاما علينا تعلم لغة الضاد من جديد: وفك رموز المفردات العربية بمحسناتها اللفظية والبديعية.
أنا واحد من الذين راهنوا سابقا على ان وسيلة إعلامية ستتمكن يوما من اقتحام الفضاء العربي كفضائية الجزيرة ترتكز بشعارها على قاعدة الرأي والرأي الآخر، في زمن كان إعلامنا العربي إعلام الملك والأمير والرئيس وإعلام أكل وشرب وما بينهما.
أنا واحد من كثر استرعى انتباههم لا بل إعجابهم في حروب الصهاينة على لبنان وفلسطين وغزوات الاستعمار الجديد في العراق وافغانستان، ما واكبها من حمية إعلامية، أشعرت المشاهد العربي ان العرب ما زالو بألف خير.
أنا واحد ممن صدق يوما ان وسيلة إعلام كالجزيرة لا يمكن ان تقع في كمين التقاطعات التي تتحكم بمسار أزمات العرب من خلال بشائر المشاريع المعلبة والمدفوعة بختم وزارة صناعة السياسة الأميركية والمصدرة الى منطقتنا بالجملة والمفرق.
لكن: أنا واحد أيضاً من هؤلاء الكثر الذين هالهم سقوط ورقة التوت عن شجرة «الجزيرة» وتعري عدسات كاميراتها اللاصقة في تغطياتها لحراك الشارع العربي.
واسأل بمحبة: كيف لاعلام يرفع شعار الرأي والرأي الآخر ان يرى ثورة في مكان ما كاليمن، وتونس، ومصر، وليبيا، وسوريا (بين مزدوجين) وفي نفس الوقت يرى فوضى او حتى أحيانا لا يرى شيئا في البحرين والسعودية مثلا؟
كيف لوسيلة إعلامية تعرف نفسها منبرا لجميع الاختلافات السياسية وتنأى بنفسها عن مجازر ترتكب ونساء يعتقلن وكتب مقدسة تحرق وشعب يكبل بالقمع والسطوة في البحرين والسعودية مثلا؟
أليس حريا بقناة كالجزيرة عندما كانت تستشرف رأي قادة الاحتلال الإسرائيلي ابان عدوان تموز وغزة، ان تقف اليوم على رأي مكتومي الصوت ومكمومي الأفواه من أهل البحرين والسعودية؟
كيف «لجزيرة» العرب ان تفضل على مهنيتها التي (عهدنا) الأخذ بالشائعة والشاهد العيان المفتعل على حقيقة الحدث وما يدور ويدبر ويحاك من مؤامرات ليس على بعض العرب، بل على أعم العرب من المحيط الى الخليج ومن البحر الى النهر؟
هل يا عزيزتي «الجزيرة» مطلب المواطنة والمساواة بالحقوق والواجبات في البحرين والسعودية ضرب من جنون الشعب ونوع من الغوغاء، وما يجري في سوريا من عبث بأمن الوطن والمواطن وما ينكشف من سناريوهات اقرب الى التآمر (بعد سلسلة الإصلاحات المتخذة) هما ثورة يتباكى عليها إعلامنا المرتجى؟
هل وقعت جزيرة العرب الإعلامية، في فخ كتاب الأمير لمكيافيللي بأن الغاية تبرر الوسيلة ليماط اللثام عن الرسالة الإعلامية، لا أدري ان كان طوعا ام قسرا، حتى لا تزر وازرة وزر اخرى؟
شكراً لك، لقد تبين الخيط الأبيض من الأسود في عصر عز علينا فيه سقوط واسقاط عروبتنا بسهام التعرب والتغرب. وألف تحية الى أحرار العرب وإعلامييهم امثال الزملاء غسان بن جدو ولونا الشبل وغيرهما من المنتظرين ليبقى عزاؤنا بإعلام لا يعرف الأفول عن الحق وصوت الذين لا صوت لهم. يقول الزعيم القومي «ان الحياة وقفة عز فقط» فما أحوجنا الى وقفات تعز العرب وتذود عن قضاياهم المحقة وعروبتهم المسبية.