2012/07/04
خاص بوسطة – يارا صالح
بناء على طلب بوسطة، علق الكاتب والسيناريست السوري قمر الزمان علوش على ما يحدث في البلد حالياً، وما تمر به سورية برأيه.
وقال علوش في رد مكتوب: «ما حدث في سورية أمر متوقع، لأنه وبكل بساطة جزء من مشروع دولي استعماري معدّ مسبقاً وفق سيناريو هدفه نقل سورية من محور المقاومة إلى منظومة الاعتدال العربي، هذه المنظومة اللاهثة وراء سلام زائف مع إسرايل.
بدأ الأمر مع سقوط بغداد، ومر باغتيال الحريري، وانتهى بالأحداث المؤلمة الأخيرة، وهي حلقات مستمرة من مخطط واحد لن يتوقف وسيكون له فصول قادمة.
لقد تمت مواجهة هذه المخططات بحكمة في أكثر من محطة، وخرجت سورية منها بأقل الأضرار، وكان ذلك بفضل مواقف السيد الرئيس بشار الأسد التي كانت جديرة بالتحدي والمواجهة، فاختارت نهج المقاومة بديلاً عن نهج الاستسلام الأكثر كلفة، ولكن في المقابل للأسف كانت القيادة السياسية والإدارية للبلاد غائبة عن معاناة الشعب السوري، فلم تحسن التعامل مع إدارته إما عن غ=فساد أو انعدام في الكفاءة، فلم تلاحظ الثغرات التي تتشكل داخل بنيان المجتمع وتفتك به كالسرطان، والتي ستكون عما قريب المداخل السهلة التي تتسلل منها المؤامرة القادمة، وتجد في سوء الأوضاع العامة للشعب ومعاناته في جميع شؤون الحياة تقريباً، التربة الخصبة للغضب والتمرد والفتنة.
حدث ما حدث. ومنذ اليوم الأول وضح لكل مراقب ومعني بالشأن الوطني العام أن الغاية مما يحدث تتجاوز المطالب الحياتية والسياسية والإصلاحات العامة الملحة إلى ما هو أبعد واشد خطراً، يستهدف في مراحله المتقدمة إشعال فتنة طائفية تؤدي إلى التقسيم وفق سايكس-بيكو جديدة مسربة من الدوائر الاستعمارية، ومعروفة لدى الجميع. وكانت مؤشرات ذلك مقروءة ومرئية وملموسة منذ البداية، وقصور النظر في رؤيتها أو تعمد تجاهلها لم يكن مبرراً ولا مقبولاً، وكان مريباً أيضاً. فمنذ البداية اختلط الأمر بين متظاهرين مطالبين بالحرية وبين قتَلَة سفاحين يحاولون أخذ هذه المظاهرات إلى مكان آخر. ولكن لماذا استمر هذا الخلط في البلد؟ ولماذا لم يدرك أولئك المتظاهرون، إذا افترضنا حسن النية، أنهم يشكلون غطاء لأولئك المسلحين الذين ينفذون خططاً أخرى تهدف إلى تخريب الوطن وتفتيته؟ ولماذا لم يتوقفوا ولو قليلاً ليتساءلوا السؤال الطبيعي: "ما هي الحكمة من وراء كل ما يجري بسببهم؟ وهل العنف طريقة ذات جدوى لتحقيق المطالب؟".
هنا بدأت علامات الاستفهام ترتسم على الجميع، وهنا بدأ الخيار الصعب. كيف نوائم بين حاجتنا ورغبتنا في الإصلاح، وبين الحذر من انزلاق البلاد كلها نحو الهاوية. هذا الخيار كان سهلاً بعد إعلان رئيس البلاد لبرنامجه الإصلاحي الذي كان صادقاً وكافياً ووافياً وجدياً، والمسالة تبقى مسألة زمن لتنفيذه وتطبيقه. فلماذا نفذ صبر أولئك المطالبون بالحرية وبات صعباً عليهم الانتظار لأسابيع وأشهر قليلة لتطبيق تلك الإصلاحات وعاندوا في النزول إلى الشارع الدامي غير عابئين بمصيرهم ومصير الوطن برمته؟ هذا يعني بكل بساطة أن لديهم أجندة خارجية وإملاءات من قوى استخباراتية وظلامية وصهيونية لم يعد باستطاعتهم تجاوزها ولا بد من السير بها حتى النهاية، ولو على جثث الضحايا وأنقاض البلاد. والمسألة لم تكن مسألة معارضة أو نضال سياسي سلمي أو نزوع للحرية والديمقراطية بقدر ما كانت مسألة مؤامرة حقيقية تتنكر بعناوين محقة بينما تحمل داخلها كل سموم ومخاطر تحطيم سورية وتفتيتها.
لقد قال الشعب السوري بأكثريته الساحقة كلمته حيال ما جرى ويجري، وكان بوعيه وحسه الوطني درعاً حقيقياً حمى البلاد من السقوط، وبالتالي هو من سيحدد في المرحلة القادمة من كان معه وإلى جانبه، ومن كان ضده وفي صفوف أعدائه، وأعتقد أن أفضل طريقة يسلكها هذا الشعب لفرز أبنائه عن أعدائه هو القضاء، ولن يكون هناك مفر لأحد ممن وجهوا رصاصاتهم أو كلماتهم إلى صدور الناس أي مجال للإفلات من العقاب».