2012/07/04
وليد الحسيني – الكفاح العربي
على مدى سنوات بعيدة جرى الانقلاب على مصطلحات العيب والعار.
أقنعونا أن الاتهام بالتخوين عارٌ، حتى ولو كان هناك خوَنة. وأن الحديث عن المؤامرة عيب، حتى ولو كان هناك متآمرون.
وعندما عمّت هذه الثقافة المستوردة رؤوس المثقفين وحبر الصحفيين وألسنة السياسيين، انتشرت المؤامرات وانطلقت الخيانات... وقد تحررت جميعها من الفعل المشين.
ولم يكتفِ غسيل الرأس العربي بتبرئة جريمتي التآمر والخيانة، فقد تعدتهما إلى الاستهزاء بمن يتحدث عنهما واعتباره متحجراً وخشبياً ومن عصر الجاهلية الوطنية.
وهكذا وسط تحليل التآمر والخيانة، وتحريم إدانتهما أو اعتبارهما فعلاً فاضحاً، يستباح الوطن العربي لمخطط اختلطت فيه الشعارات البريئة بالأهداف الخبيثة.
تعالوا نقرأ مشاهد الخديعة الديمقراطية في الوطن العربي.
نلاحظ احتجاب إسرائيل. فلا دور لها، رغم أن كل الأدوار المشاركة تسعى إلى تحقيق مصالحها. فالجميع يدرك أن في حضورها ضرراً قد يفشل المخطط ويصيبه باتهامات قاتلة. فليقم غيرها بقتل «نواطير» العرب، ولتقم هي بعد ذلك بأكل العنب.
ونشاهد في المشهد «الثوري»، كيف تتكون حقبة الأخوان المسلمين.
قد تكون الإثباتات مشتتة ومبعثرة وغامضة، إلاّ أن متابعتها لا تحتاج إلى جهد، والربط بينهما لا يحتاج إلى بصيرة خارقة للأسرار.
آثارهم تدل عليهم.
في تونس، التي أنجزت «ثورتها»، تم تمهيد الطريق إلى حقبة الأخوان المسلمين، بتمهيده لحزبها التونسي المسمى بـ«النهضة». فهو اليوم الحزب الأكثر انتشاراً والأقوى نفوذاً في فرض توجهاته «الإصلاحية». وهو إن لم يمسك السلطة مباشرة في الانتخابات المقبلة، فهو بالتأكيد سيمسك بها عبر ثقله «الشعبي» وكتلته النيابية.
وربما كانت مصر هي المقر المثالي لدخول عصر الأخوان، الذين انقضّوا على «ثوار 25 يناير» بدهاء الخبرة ودهقنة الممارسة، بالإضافة إلى القدرات المالية والتنظيمية، المعززة بعلاقات دولية، تسمح بتسميتهم «أخوان أميركا».
ومن علامات التسمية الجديدة، تعهدهم المعلن مبكراً بعدم التعرض لاتفاقية كامب ديفيد. ولا يمكن إخفاء استعادة «حماس»، وهي الفرع الفلسطيني للأخوان، إلى حظيرة التسوية، وبالتالي، مصالحتها مع «فتح»، وهي الأخرى ذات بدايات أخوانية معروفة.
ولا نبالغ إذا قلنا إن الورقة الفلسطينية أصبحت في يد «الإسلام المعتدل»، الذي ترضى به أميركا حتماً وحكماً، كعامل مساعد لمشروع «الدولتين» وفق شروط إسرائيل المعروفة.
وتبدو محاولات استكمال حقبة الأخوان المسلمين واضحة في التمرد الليبي والتخريب السوري. ولا نحتاج إلى أدلة لنتأكد من أن المتمردين والمخربين في ليبيا وسوريا هم في أكثريتهم من نتاج الفكر الأخواني.
ويتأكد الدور الأميركي في توقيت اغتيال أسامة بن لادن. حيث يبدو أن المراهنة على «الإعتدال الأخواني» جدية. وحيث يبدو أيضاً أنهم أزالوا من وجه الحقبة الأخوانية عائقاً متطرفاً متيحين لها التفرد بالساحة الإسلامية.
وقد لا يكون انقلاب أردوغان على سوريا وليبيا خاتمة المشهد، فالحزب التركي الحاكم فيه الكثير من رائحة الأخوان المسلمين وأفكارهم.
ما زال المخطط في بداياته فماذا أنتم فاعلون يا أخوان العرب في مواجهة «أخوان» أميركا؟.