2012/07/04
ندى مفرج سعيد – مجلة الشبكة
يضع الموسيقي الياس الرحباني اللمسات الأخيرة على الكتاب الذي سيسرد فيه سيرة حياته منذ الطفولة وحتى لحظة حمل الكتاب إلى المطبعة. وقد أراد أن يكتب بنفسه سيرته وبطريقته وبنكهته الرحبانية، لئلا يفتح المجال لتحريف ولنقل وقائع غير دقيقة عنه بعد العمر الطويل.
ويقول الرحباني لـ"الشبكة" هنالك الكثير من الأخبار التي تم التداول بها عن طفولتي، وهي غير صحيحة، ولا يمكن ان أكذّب أصحابها. فمثلا كتب أنني ولدت بين الموسيقى والغناء، والأمر غير صحيح، لانني ولدت مع اندلاع الحرب العالمية الثانية في العام 1938، حيث عشت في أرض "حفرة نفرة" لم يكن للموسيقى مكان ولم تكن الإذاعات كما هي عليه اليوم في الحرب. فكل شيء كان مختلفا. كما كتب أنني عرفت الموسيقى من عبد الوهاب. وهو أمر غير صحيح، لأن الموسيقى أتت الي من معزوفة عالمية
سمعتها من دير الراهبات. ويقول: سيتناول الكتاب الكثير من المسائل التي لا يعرفها حتى أقرب الناس إليّ. ويسأل: من يعرف أنني تمكنت وأنا إبن الـ24 عاماً من ان أدخل أربع قارات من خلال موسيقى الاعلانات التي وضعتها؟ ففي ارشيفي 3300 اعلان عالمي ومحلي وترعرعت أجيال على موسيقاها، اضافة الى 6500 اغنية يقول فيها "إن اوروبا لا تستطيع أن تقدم ارثاً كهذا".
وسيضم الكتاب الكثير من التعليقات الانسانية العميقة التي سيخطها الرحباني حول محطات في حياته. وسيتناول طفولته وعلاقته بوالديه وشقيقيه وزوجته وأولاده وصديق عمره هنري زغيب. لكن هل سيتناول في كتابه علاقاته بالفنانين وأسراراً كثيرة يعرفها؟ يجيب: لا أريد أن أدخل في حرب مع أحد، سأتناول سريعاً علاقاتي ببعض الفنانين من دون الدخول في التفاصيل. فأنا شعرت فجأة بوجود خطأ ما حملني على الكتابة، لأن 90 في المئة من الكتابات التي تناولتني غير دقيقة. لكن هل من الممكن يتحول الكتاب قريباً الى مسلسل تلفزيوني أو فيلم سينمائي وخصوصاً انه يتوقع طرحه في الصيف المقبل؟ وهل سيكون فيه مادة دسمة تغذي الصورة؟ يجيب: منذ فترة قصيرة، زارني وفد عراقي من منطقة أربيل ليتمنى عليّ اقامة حفل غنائي هناك. وعلمت ان الوفد ضم نواباً وسياسسين، وكنت أخبرهم عن كتابة سيرة حياتي، فعرضت علي نائبة في الوفد أن يتم تصوير الكتاب في فيلم أو مسلسل، وأن اطل شخصياً في عدد من المحطات في الفيلم. والأمر لا يزال قيد الدراسة.
لكن يبدو أن "عالم الياس الرحباني" لن يكون وحده الكتاب الذي يعمل على إنجازه، فصغير عائلة الرحابنة يبدو أن المرحلة الحالية حملته الى الكتابة، إذ في جعبته أكثر من كتاب بالفرنسية، منها Fenêtre de la Lune، وكتاب شعر بعنوانChansons d’amours. كما يحضر لكتاب يحكي فيه عن "الموسيقى الكونية" وخصوصاً انه يعتبر ان الموسيقى هي اللغة الوحيدة التي توحد شعوب العالم. ويحكي في الكتاب عن الموسيقى التي هي توأم الكون، إذ وجدت مع وجوده الأول، ونسمعها في أصوات حفيف الأشجار وخرير المياه، ليس له مثيل في العالم كله. ويعالج الرحباني مسألة الموسيقى واهميتها في الكون من ناحية فلسفية عميقة، اذ يعتبر ان 25 في المئة من الكائنات الحية تقرأ، فيما القسم الباقي يستمع الى الموسيقى. ويقول إن ما حمله على وضع هذا الكتاب أنه لمس متغيرات العالم على الصعيدين السياسي والاجتماعي، وآلمه اختلافات الناس والنزاعات الكبرى التي فرّقت البشر، حيث المحبة لم تعد لها مكانتها وسط القتل والقذائف والحرب. لكن الموسيقى ظلت الرابط الوحيد والقوي بين الجميع. وعن مضمون كتابه، يقول إنه شامل وفيه تأريخ للموسيقى وحديث عن سعي بعض الشركات التجارية إلى تدمير الموسيقى الشرقية لأجل الكسب المادي. ويقول: أتذكر في الكتاب عمالقة الفن
الحقيقي في الزمن الفائت الذين ما زالت أعمالهم حاضرة ولن تموت، وأتطرق إلى سرقة الألحان، وهي مشكلة كبيرة وآفة يجب التصدي لها.
وعندما تسأله عن سبب الأسى الذي نشعر بأنه يعيشه في كلامه، يجيب: أردت أن أثبت أن من الحزن يولد الفرح. ويسأل: هل من الممكن بعد كل هذا الأرشيف الفني والموسيقى التي قدمتها أن لا أمتلك اليوم المال لأنتج عملاً مسرحياً؟ وعندما تقول له كيف يمتلك أهل الفن اليوم المال؟ يسارع الى الاجابة: في هذا البلد لا تحترم الدولة المثقفين، فلا عاصي ولا منصور ولا زكي ناصيف امتلكوا المال.
أما وقد انتقل برنامج "سوبر ستار" الى قناة "أم بي سي"، هل سنجد الياس الرحباني ضمن لجنة التحكيم؟ يجيب: لم يتصل بي أحد. وحول النصائح التي يقدمها الى القيمين على البرنامج، وخصوصاً أننا سمعنا انهم يعملون على تعديلات فيه ليحمل الجديد، أجاب: هذا البرنامج يجب ان يحافظ على بساطته تماما كما الحال في نسخته الاصلية، وفي حال ادخال الإبهار في الاضاءة والديكور على البرنامج، سيسقط. لكن في حال عرض على الرحباني ان ينضم الى لجنة التحكيم للبرنامج، يجيب: لا اعتقد انهم سيطلبون ذلك، وإلا لكانوا فعلوا او اقله اتصلوا. وفي حال طلبوا مني أوافق فقط اذا حافظ البرنامج على بساطته. ونصح الرحباني ايضاً ألا يتدخل مدراء المحطة في التفاصيل الصغيرة في البرنامج كما حصل معهم في قناة "المستقبل"، حيث كان اعضاء لجنة التحكيم هم اصحاب القرار في العام الأول لانطلاق"سوبر ستار"، لكن في عامه الثاني، مع بدء تدخل مدير القناة نديم المنلا في اختيار المشتركين، فقد العمل 30 في المئة من وهجه. ويقول في هذا الاطار:عندما اتصلوا بي من "المستقبل" لأشارك في البرنامج، كان لبنان مقسماً اعلامياً. فأهل الشرقية يشاهدون الـ"ال بي سي" والغربية "المستقبل"، وكانت فرصة لأن أوحّد لبنان إعلامياً من خلال مشاركتي، وهكذا حصل. وتمكنت من أن أحمل مشتركين من 22 دولة عربية الى البرنامج، وهذا ما لم يستطع أن يقدمه اي برنامج عربي. ويتذكر الرحباني كم جذبت اطلالته الكثير من الشخصيات العربية الاقتصادية والثقافية والسياسية، التي راحت تحضر البرنامج لمجرّد أنها عرفت أنه في لجنة التحكيم، وكان الجميع يتصل بي شخصياً على جوّالي الخاص.