2012/07/04
يوسف الجادر- تشرين دراما
إننا أحوج مانكون في هذه الأيام إلى الأغنيات الوطنية التي تعبر عن عزة الوطن وكرامته، فللغناء دوره في الصمود والمجابهة وقوة الوحدة الوطنية وصلابتها، وكان لليوم الوطني عيد الجلاء حضوره في الإبداع الشعري والموسيقي والغنائي، لأنه يوم الحرية ويوم الخلاص من الاستعمار، فعبر المبدعون بأصواتهم عن رمزية يوم الحرية ومايحمله من دلالات وطنية كبيرة، ورصدوا في أغنياتهم حالات القهر والظلم التي مر ت على شعبنا إبان الاحتلال الفرنسي، فظهر وقتذاك عدد من الفنانين الشعبيين الذين كرسوا فنهم (المونولوج) للأغراض السياسية، ووجهوه ضد الاحتلال الفرنسي، وضد السياسيين والمتآمرين المتعاونين معه.
وفي قراءة مختصرة للأصوات الغنائية التي احتفت بيوم الجلاء في أرشيف الأغنية العربية والسورية على وجه الخصوص، فإننا نجد أن عدد الأغنيات لايتجاوز أصابع اليد بل وهي قليلة وشحيحة إذا ما قيست بعشرات القصائد الشعرية التي كتبت عن هذا اليوم لكبار الشعراء السوريين والعرب، ففي البدايات وأثناء الاحتلال الفرنسي لمع فن المونولوج في سورية ولبنان، وهو نوع من الغناء الخفيف، الهادف اجتماعياً وسياسياً، وإذا كان هذا النوع من الغناء قد اقتصر في بداياته في بعض الأقطار العربية كمصر ولبنان على الفكاهة في نقد الأوضاع الاجتماعية السائدة، فإنه لم يُعرف في القطر العربي السوري وفلسطين هذا النوع إلا متأخراً، فكانت بداياته موجهةً منذ أن غناه الفنانان الراحلان «سلامة الأغواني» في القطر السوري، والشهيد «نوح إبراهيم» في القطر الفلسطيني ضد الاستعمارين الفرنسي والإنكليزي وعملائهما. ومن ثم تعددت أغراضه ومراميه التي هدفت هي الأخرى بطريقة غير مباشرة للخلاص من الاحتلال الفرنسي لأنه أصل البلاء الذي أدى إلى فساد الحكم وتردي الأخلاق. ويقول الناقد الموسيقي صميم الشريف في كتابه الأغنية العربية عن سلامة الأغواني .
وفي مرحلة الخمسينيات لحن فيلمون وهبه قصيدة «ياعروس المجد» للشاعر الكبير عمر أبو ريشة وغنتها المطربة السورية سلوى مدحت وقد كانت أغنية متكاملة في الأداء واللحن والكلمات، وكان صوت سلوى مدحت يجمع بين الطرب والحداثة وخاصة حين يصل في ذروته في مقطع :(كم لنا من ميسلون نفضت/ عن جناحيها غبار التعب/كم كبت أجيادنا في ملعب/ ونبت أسيافنا في ملعب)، وهذه الأغنية مازالت تبث صباح عيد الجلاء في الإذاعة السورية حتى يومنا هذا.كما لحن محمد محسن قصيدة (جلونا الفاتحين) لبدوي الجبل وغنتها سعاد محمد.
وفي الستينيات والسبعينيات قدم الرحابنة نماذج للأغنيات الوطنية التي تعطي للجملة الموسيقية والشعرية أبعاداً تاريخية للمكان (دمشق، وحرمون، وبردى) فغنت فيروز(سائليني ياشآم) و(قرأت مجدك في قلبي) لسعيد عقل، وأغنية (شآم ياذا السيف لم يغب) وغيرها من الأغنيات التي تعبر عن الانتماء للوطن ومجده،وفي أواخر السبعينيات غنى فهد بلان (كان جدي بزمانو/ يركب على ظهر حصانو/ ورفاقو حسن وسلطان/ والشيخ صالح وهنانو)، وانسجمت كلمات الأغنية مع صوت فهد بلان الرجولي والجبلي والذي يحفز عبر الإيقاع على التواصل في النضال ضد الاحتلال. وكذلك غنى مارسيل خليفة (يابيارق الثورة اطلعوا) والتي أهداها للشهيد يوسف العظمة. ولحن سهيل عرفة في أواخر الثمانينيات قصيدة (صباح الخير ياوطناً) للشاعر اليمني عباس الديلمي وغنتها أصالة نصري وفهد يكن، وجاءت على شكل الأسلوب الحواري في الغناء (الديتو) بين أصالة نصري وفهد يكن.
في النهاية يمكننا القول إن جميع الأغنيات التي غنت للجلاء كانت تشير إلى يوم الجلاء برمزيته الوطنية كيوم للحرية والخلاص من الاحتلال، لكن الأغنية المباشرة التي عبرت عن يوم الجلاء هي أغنية «ياعروس المجد» للمطربة السورية سلوى مدحت