2012/07/04
ترجمة: مها محفوض محمد - الثورة
لأول مرة في تاريخ الأوبرا تتحول السيرة الذاتية لشاعرة الأدب الروسي الأولى آنا أخماتوفا الى عمل أوبرالي اعتبر قمة الأعمال الأوبرالية هذا العام وقد بدأ عرضه في اذار الماضي على مسرح دار الاوبرا في باريس.
اخرج العمل وكتب موسيقاه نجم الموسيقا الفرنسية في التلحين والتأليف برينو مونتوفاني البالغ من العمر ستة وثلاثين عاماً.
وقد أعاد في مسرحية أخماتوفا احياء موسيقا الدراما الاوبرالية بأسلوب معاصر، والسؤال لماذا اختار الموسيقي الفرنسي هذا الوجه النسائي دون غيره ؟
اختارها ليجعل منها بطلة أوبرالية رومانسية تظهر من خلالها العلاقة القائمة والمتوترة بين ابن ووالدته عوضا عن العشيق والعشيقة كما في الاوبراليات والمسرحيات المألوفة.
فالاختلاف بين اوبرا كل من فاوست ل ايغونو ودون كارلو و لوتيا دو لاميرمور للموسيقي دوني زيتي وبين اخماتوفا ليس كبيرا اذ انه في تلك الأعمال جميعها كانت المرأة نجمة العمل الأوبرالي وهي الانثى الجميلة الرومانسية البريئة التي تتعرض للظلم والملاحقة للنزول عن عرشها وقد حاول كل من مونتوفاني وكريستوف كريستي الذي ساهم معه في كتابة النص ابراز حياة اخماتوفا بأحلى صورة فهاهي المشاهد بين شاعرة روسيا وبين حاسديها تظهر اخماتوفا وقد جردت من أساليب دفاعها أمام هجماتهم لكنها ظلت عصية على هؤلاء.
وتشارك المطربة الالمانية جانينا بايكل في دور البطلة الشاعرة بصوتها الرخيم حيث تبدو اخماتوفا في قمة ألقها وشاعريتها حين تنشد المطربة قصائدها على خشبة الأوبرا.
المعروف ان انا اخماتوفا ولدت في بيئة شبه برجوازية عام 1889 وشبت في بطرسبورغ لتنشر أولى قصائدها التي أدت الى شهرتها في سن مبكرة (23 عاماً) وغطت نجوميتها على عشرات الادباء والشعراء في روسيا القيصرية مع مطلع الثورة، كان والدها مهندسا في بحرية القيصر دخلت كلية الحقوق في كييف ثم كلية الاداب في بطرسبورغ وتنقلت بعدها الى ايطاليا وفرنسا حيث رسمها الفنان الكبير موديلياني في لوحة شهيرة.
أولى مجموعاتها كانت «المساء» عام 1912 ثم «المسبحة»عام 1914
لقد حملت اسطورة اخماتوفا لها الغيرة والحسد حين لقبت بـ سافو روسيا الحديثة وسيطرت قصائدها خلال نصف قرن على الشعر في وطنها،تزوجت عام 1908 نيكولا غوميليف عراب النهضة الروسية الشعرية الذي صنع مع زوجته مايسمى «القرن الفضي للشعر» بعد القرن الذهبي لبوشكين وأسست اخماتوفا وزوجها مع صديقيهما مانديل ستام ألاكمييزيم وهي حركة شعرية تناهض الرمزية كانت تسيطر على الساحة انذاك ونشرت اخماتوفا مجموعتها الثالثة «الطائرة البيضاء»عشية الثورة
رزقت بابنها الوحيد ليف وبعدها قتل زوجها في ظروف غامضة بتهمة التآمر على القيصر ثم تزوجت شيليكو العالم المستشرق وظهرت مجموعتها «السنة المقدسة»عام 1923
وصفت اخماتوفا السنوات الستالينية في رائعتها «اللحن الجنائزي» ليتم القاء القبض على ابنها الوحيد مع زوجها الثالث المؤرخ بونين
بعدها انصرفت الى الترجمة وكتبت عدة دراسات عن بوشكين تم نشرها عام 1940.
عبرت عن آلام الشعب الروسي في ظل حصار لينينغراد ودونت جدران المدينة ابيات قصيدتها الشجاعة «القسم».
في عام 1961 ظهرت سيرة حياتها ليكشف الجمهور الروسي عن عظمة تلك الشاعرة الوطنية، نشر لها في نيويورك «القصيدة دون بطل» عام 1960 وحصدت عدة جوائز عالمية منها الجائزة الدولية للشعر في ايطاليا 1964, منحتها جامعة اوكسفورد دكتوراه فخرية عام 1965,توفيت عام 1966
تتميز اعمالها بنفحة ملحمية وخلفية تاريخية.
ان اقتباس الاوبرا عن اخماتوفا اعظم شاعرة أنجبها الادب الروسي يعيد للشاعر دوره كملهم ومرشد لأمته حين يبني تاريخها