2012/07/04
محمد عبد المقصود – الإمارات اليوم
بموعد يقترب من مفهوم ساعة الحسم بالنسبة لعشرات من الفنانين الشباب المتنافسين على جوائزه، كون سجالاته وقرارات لجان تحكيمه مؤشراً الى مدى اقترابهم من معايير الجودة النقدية والفنية، تبدأ سجادة الدورة الرابعة لمهرجان الخليج السينمائي في استقبال نجوم المهرجان الذي يجمع بين 153 فيلماً مختلفاً في عدد من الصالات المتجاورة في «غراند فيستفال سينما» في «دبي فيستفال سيتي» لتمثل بالنسبة لجمهور السينما، مساحة إبداعية مختلفة للبحث عن مغامرات سينمائية ملتصقة بالواقع الخليجي، تحمل خلاصة تجارب شبابية في معظمها أتت من 31 دولة، ما يعني بالضرورة أن المهرجان يتضمن مساحة كبيرة لمشاهدة تجارب غير خليجية، وحتى غير عربية أيضاً تصل عددها إلى المهرجان الذي يقام تحت رعاية سمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس «هيئة دبي للثقافة والفنون» (دبي للثقافة)، ويستمر حتى 20 أبريل الجاري، اختير لعرضه الافتتاحي فيلم وثائقي عراقي، وليس فيلماً روائياً أو قصيراً، وهما النوعان اللذان يعرفان عادة بأنهما الأكثر إقبالاً من قبل الجمهور، وهي الصيغة التي تحدث عنها المدير الفني للمهرجان مسعود أمر الله، على مدار دورات المهرجان، لافتاً إلى أن جميع أنواع الأفلام التي ينتجها الشباب تبقى على مسافة واحدة بالنسبة للجنة المنظمة، لتبقى المعايير الفنية ومدى انسجام المشروع السينمائي مع تقاليد النوع الذي ينتمي إليه هو المحدد لقيمة الفيلم، بغض النظر عن كونه روائياً أو قصيراً أو ثائقياً.
هذه الصيغة في التعاطي ذاتها هي ما جعلت «طفل العراق» للمخرج علاء محسن هو أول الأفلام الـ153 عرضاً، وأكسبته زخماً ظل مقتصراً على الأفلام الروائية، حيث تتعامل اللجنة المنظمة للمهرجان مع الأفلام الشبابية، برؤى مختلفة بوصفها «مفاتيح مهمة لفهم تصورات وطموحات أجيال شابة حول قضايا الواقع من جهة، وطموحات المستقبل من جهة أخرى، لتصبح تلك الأعمال وسيلة مهمة أيضاً لفهم تلك التصورات والتواصل معها تذوقاً وتحاوراً».
وحسب البيانات الصادرة عن اللجنة المنظمة فإن الشعار الدائم لمهرجان دبي السينمائي الذي يعنى بكونه جسراً بين ثقافات العالم المختلفة، ينسحب أيضاً على «الخليج السينمائي»، الذي جاءت فكرة انبثاقه من رحم الأول، وعلى خلفية السعي لإيجاد مظلة حقيقية لدعم واستقطاب الفيلم الخليجي، الذي ظل دائماً يجد صعوبة حقيقية في منافسة صعبة من أجل الوجود في «دبي السينمائي» باستثناء مرات قليلة وصلت فيها بعض الأعمال إلى القدرة على الوجود في بعض مسابقاته الرسمية، وهي الفكرة نفسها التي تبرر وجود عدد من الأفلام الأجنبية من ضمنها ثلاثة أفلام هندية، يعود أحدها وهو «حب مدبر» للمخرجة سونيا كيربلاني التي حصل فيلمها «نسيج الإيمان» على ذهبية المهر العربي للأفلام الوثائقية في الدورة السابقة لمهرجان دبي السينمائي.
واضاف أمرالله «تعدّ الأفلام المختارة للمشاركة بالمهرجان، وعلى وجه الخصوص تلك المشاركة من الدول الخليجية، انعكاساً واضحاً وجلياً للواقع المعاصر في المنطقة، إذ تفتح الرؤى الفريدة التي يقدمها السينمائيون آفاقاً جديدة لفهم وإدراك الناس وطموحاتهم وتطلعاتهم للمستقبل، ونحن نفخر بتقديم هذه المجموعة من الأفلام المتميزة من إنتاج وإخراج سينمائيين شباب نثق كامل الثقة بقدرتهم على الدفع بتنمية قطاع صناعة الأفلام من خلال منهجهم المبتكر والخلاق في العمل السينمائي».
وتحدث الناقد السينمائي صلاح سرميني، مستشار مهرجان الخليج السينمائي عن الدورة الرابعة للمهرجان، مشيراً بشكل خاص إلى برنامج «تقاطعات» الذي يعرض مجموعةً من الأفلام التي من شأنها أن تمدّ المشاهدين بلمحة شاملة عن الاتجاهات الجديدة في صناعة الأفلام، مضيفاً «تشكّل هذه الأفلام طرقاً متقاطعة تظهر كيف ينظر الجيل الجديد من السينمائيين إلى قطاع السينما، وتعطي تلميحات ذكية خفيّة حول ما سيؤول إليه هذا القطاع في المستقبل، ويسعدنا أن نقدّم لكم هذه المجموعة المختارة المتنوعة من الأفلام المستقلّة من 10 دول والتي ستحظى بإعجاب كل الحاضرين».
وقال سرميني إن «البرنامج يتضمن ثلاثة أفلام إماراتية، هي فيلم المخرج أمير أرسلان بعنوان (مبهم)، والذي يصّور الضغط الذي يقع على أي شخص جراء فقدانه عائلته وخسارته ثروته، وفيلم (سيرك من ثلاثة فصول) من إخراج نوش لايك سبلوش وفاطمة محي الدين، وهو فيلم يرسم رحلة يقوم بها محقّق ومصاص دماء ومهرّج، وأخيراً فيلم (حبّ مدبر)، وهو إنتاج مشترك ما بين الإمارات والمملكة المتّحدة والهند للمخرجة سونيا كريبالاني حيث يسلط هذا الفيلم الضوء على العادة القديمة لدى الشباب الهندي في البحث عن الحب بالطريقة التقليدية».
وشكّلت الأفلام المشاركة في الدورة الرابعة من مهرجان الخليج السينمائي من الإمارات وقطر أعلى نسبة لها منذ انطلاقة المهرجان. ووصل عدد الأفلام المعروضة للمرة الأولى خلال العام الجاري إلى 59 فيلماً في عرض عالمي أول، و13 فيلماً في عرض دولي أول، 15 فيلماً في عرض أول في الشرق الأوسط، و15 فيلماً في عرض خليجي أول، و10 أفلام في عرض أول في الإمارات.
وتشهد الأفلام الـ45 المشاركة من الإمارات، من إخراج مخرجين إماراتيين أو مقيمين في الدولة، على التطور الملحوظ الذي يشهده قطاع صناعة الأفلام المحلي، وهناك ما يقارب من 82 فيلماً مشاركاً من منطقة الخليج: 12 منها من المملكة العربية السعودية و11 من الكويت وثمانية من قطر وسبعة من عمان، واثنان من البحرين. وسيتم عرض 64 فيلماً ضمن برنامج المسابقة الخليجية أخرجها سينمائيون من منطقة الخليج، أو تتناول موضوعات تدور حول الخليج، وتشمل 38 فيلماً قصيراً و20 فيلماً وثائقياً وستة أفلام طويلة، في حين تمّ اختيار 30 فيلماً في مسابقة الطلبة، وتشمل 18 فيلماً في مسابقة الأفلام القصيرة و12 فيلماً في مسابقة الأفلام الوثائقية.
ويعرض برنامج «أضواء»، رغم أنه يقع خارج إطار المسابقة الرسمية، 16 فيلماً قصيراً وطويلاً تعكس مختلف قضايا المنطقة، كما يستضيف المهرجان عروضاً لأفلام دولية، وتستحدث دورة هذا العام من المهرجان مسابقة الأفلام القصيرة الدولية التي ستشهد عروضاً لـ14 فيلماً من ثماني دول، فيما سيعرض برنامج «سينما للأطفال» تسعة أفلام ستشكل عامل جذب لأصغر فئات الشرائح الجماهيرية سناً.
ويسلّط المهرجان هذا العام الضوء على أعمال السينمائي الفرنسي التجريبي «جيرار كوران»المعروف عالمياً بسلسلة بورتريهاته التي أسماها «سينماتون»، والذي يعتبر أطول مشروعٍ سينمائي في تاريخ السينما، حيث تبلغ مدته الزمنية حتى اليوم نحو 156 ساعة، والذي تمّ إنجازه على مدى 33 عاماً ليحوي بورتريهات قصيرة وشخصية صامتة تمّ التقاطها بشكل مفرد لأكثر من 2347 فناناً ومخرجاً وهاوياً للأفلام، مثل جان-لوك جودارد وسيرجي بارداغنوف ويوسف شاهين.
وسيقوم المهرجان باستضافة عروض لأفلام المخرج الإيراني المخضرم عباس كياروستامي، تشمل ثلاثة من أفلامه، وهي «مطر» و«بيض البحر» و«طرق كياروستامي»، تليها جلسة خاصة بين كياروستامي والجمهور.
وتأتي هذه العروض لتتمّم الدورة التخصصية الأولى من نوعها للمخرج كياروستامي في منطقة الخليج والتي سيحضرها 45 من السينمائيين، وتعقد في الفترة ما بين 11 و20 من أبريل الجاري في دبي، من تنظيم المهرجان وبالتعاون مع «أصوات وثائقية»، وهو مهرجان يعنى بالأفلام الوثائقية التي تدور حول القضايا الاجتماعية.