2012/07/04
ماهر منصور - السفير
بين دمشق وبيروت مسافة من الأمل بالله، كان يقطعها الفنان أيمن زيدان وعائلته في طريقهم إلى مستشفى الجامعة الأميركية، حيث كان يتلقى نجله الأصغر نوار العلاج الكيميائي، بعد إصابته بمرض السرطان في الرئة والعظام منذ نحو سنة تقريباً.. مسافة كان الأب أيمن يعرف أنها «امتحان صعب من الله سبحانه وتعالى»، كما قال لقناة أبو ظبي، وقد ارتضى «بقضاء الله وقدره، وصابر على هذه الأزمة ولدي ثقة كبيرة في شفائه بقدرة الله عز وجل».
في بيروت، كان نوار الابن يؤكد أكثر من مرة، ومنها في إطلالته عبر برنامج «صباح الخير يا عرب» على شاشة «أم بي سي»، منتصف آذار الفائت، أن مرضه لم يهزمه ولم يمنعه من العمل الفني. فقد سبق له أن تعاون مع المخرج الشاب «عمرو علي» في أفلام قصيرة، إلا أنهما قررا تنفيذ فيلم روائي طويل. وهو الفيلم الذي عكف نوار على إنجازه، وقال إن كتابته بلغت مراحلها الأخيرة. «وحاولنا قدر الإمكان أن نصل إلى الأشياء التي نطمح الى تنفيذها».
هكذا كان نوار يقاوم تفكيره في المرض، «فالإنسان أقوى من أي شيء»، كان يقول، مشيراً إلى نجاح بعض الأشخاص المصابين بالسرطان، في مواصلة حياتهم بشكل طبيعي.
بين دمشق وبيروت مسافة يغمرها الدعاء برحمة من الرب تغمد الابن وصبر وسلوان يلهم الأب.. مات نوار..!
يأتي الخبر ربما قبل أوانه.. يتسلل بعيداً عن عين الأمل الذي كان الأب أيمن زيدان محكوماً به. كان اتصال هاتفي قد تم بيننا مساء أمس الأول، بعد أن طلب بعض الأصدقاء مساعدتنا في دعوته لتكريم يتحضر له في الجزائر.. لكن الفنان زيدان اعتذر لرغبته بالبقاء قريبا خلال هذه الأسابيع من ولده نوار، عندها لم يكن يدرك الأب أن ساعات فقط تفصله عن خبر رحيل ابنه.. كان الموت واحداً من احتمالات نوار، ولكن من يسمع أيمن زيدان مساء أمس الأول يعرف أن الموت استعجل على ابنه. مات نوار. ورحل وهو في غمرة انشغاله بمشروع فني كبير، مشروع كان يؤمن بأنه مسكن يفوق العلاج الكيميائي في تهدئة أوجاع مرض السرطان.
نوار ابن الثماني عشرة ربيعاً كان يتحضر لتقديم امتحانات الشهادة الثانوية قبيل معرفته بالمرض. وفي وقت لم ينفك الأب أيمن عن ترديد عبارة أن «نوار شريكي»، كان الشاب يعد نفسه للدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحية، بعد أن سبقه إليه اخوه حازم، وقبلهما والدهما أيمن المتخرج رقم واحد من المعهد.
وكان الراحل قد عرف، عربياً، على نطاق واسع بعد أن شارك والده الفنان زيدان في تقديم برنامج «سوبر ديو، لقاء الأجيال»، الذي عرضته قناة «أبو ظبي» الفضائية العام الفائت.
رحل نوار أيمن زيدان أمس. يأتي خبر رحيله إلى جانب رحيل مدنيين وعسكريين في بلاده. يعبر الشاب أزمته مع المرض بقناعة أن الإنسان أقوى من كل شيء، وهكذا يعبر أبناء بلاده أزمتهم. ويواجه نوار الموت بمشروع فني قابل للإنجاز. بينما يواجه أبناء بلده السوريون اليوم أزمتهم بالإعداد لمشاريع مستقبلية لأرض تستحق الحياة.