2013/05/29

«٣٠ دقيقة بعد منتصف الليل» لبيغولو والجدل حول علاقة هوليوود بالبنتاغون
«٣٠ دقيقة بعد منتصف الليل» لبيغولو والجدل حول علاقة هوليوود بالبنتاغون


ن. ج. – السفير

لا تنتهي تداعيات الفيلم الجديد لكاثرين بيغولو (مواليد 27 تشرين الثاني 1951 في «سان كارلوس» في كاليفورنيا). منذ إعلانها بدء تنفيذ مشروعها هذا، المعنون بـ«ثلاثون دقيقة بعد منتصف الليل»، لاحقتها اتّهامات وحملات، ازدادت حدّتها لحظة اغتيال أسامة بن لادن في الثاني من أيار 2011. هذا فرض تبديلاً على المشروع. إطلاق عرضه التجاري الأميركي في 19 كانون الأول 2012، أشعل نوعاً من حريق «لن يلتهم أحداً»، كما علّق معنيون بالفيلم. الاتهامات طالت وزارة الدفاع الأميركية الـ«بنتاغون». طالت «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية». الوكالة نفسها هاجمت الفيلم بسبب مشاهد اعتبرتها «مُهينة» بحقّها. مشاهد مرتبطة بعمليات تعذيب نفّذها عملاء استخباراتيون بحقّ إرهابيين.

في حوار منشور في المجلة الفرنسية الأسبوعية «لو نوفيل أوبسرفاتور» (17 كانون الثاني 2013)، قالت كاثرين بيغولو إنها لم تتلقّ أية مساعدة من أجهزة الدولة الأميركية: «وزارة الدفاع لم تعط رأيها في السيناريو. لو أننا (السنياريست مارك بووال وهي) استجدينا هذا التعاون، لحصلنا على معلومات أكثر من دون أدنى شكّ. بووال، بصفته صحافياً، جمع معلومات كثيرة بجهده الشخصي. ثم اتّخذ قراراً ممتازاً، تمثّل بالعمل انطلاقاً مما حصل عليه فقط». أضافت أنهما ارتكزا على شهادات مسؤولين كبار شاركوا في مهمة اغتيال بن لادن: «كان مستحيلاً سرد ملاحقة دامت 10 أعوام في عمل مدّته 150 دقيقة. وجدنا أنفسنا أمام 370 ساعة تصوير، ما جعلنا نعمل طويلاً وكثيراً في غرفة المونتاج. هذا فيلم روائي لا وثائقي».

لكن الفيلم أعاد طرح سؤال العلاقة بين هوليوود وأجهزة الدولة الأميركية، السياسية والعسكرية والأمنية. في تقرير لمكتب «وكالة الصحافة الفرنسية» في واشنطن منشور في 21 كانون الثاني 2013، فإن المساعدة (!) التي قدّمتها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لفريق الفيلم، أثارت مجدّداً «الجدل حول التاريخ الطويل للعلاقات بين الـ«بنتاغون» وهوليوود، التي يُشتبه في أنها تؤدّي دوراً ترويجياً للجيش الأميركي». أضاف التقرير ان وزارة الدفاع الأميركية، «في سعيها إلى الدعاية عن أبرز إنجاز حقّقته الإدارة الحالية، تواجه اتهامات من جمهوريين بأنها كشفت بعض أسرار الدولة للمخرجة بيغولو، في حين أن جمهوريين عديدين اتّهموا الـ«بنتاغون» باستخدام هوليوود وسيلة للدعاية». غير أن فيل ستراب، رئيس الخلية المكلّفة بمهمّة تنظيم العلاقات مع صناعة السينما في وزارة الدفاع، أكّد أن الفيلم لم يحظ بتعاون من الوزارة، باستثناء لقاء استمرّ 45 دقيقة فقط بين المخرجة وكاتب السيناريو ومسؤول المهمّات الخاصة في الـ«بنتاغون» مايكل فيكرز، من أجل تقديم «عرض عام». أوضح ستراب للوكالة نفسها أن الوزارة تطلب من المخرج إرسال السيناريو و«ما يتوقّعه منا»، مشيراً إلى أنه غالباً ما يأخذ الدعم «شكلاً تقنياً لإضفاء صدقية على شخصية عسكرية أو عمل عسكري، وأيضاً لاستصدار إذن بالدخول إلى منشآت عسكرية، أو لاستخدام دبابات أو طائرات أو سفن ستظهر في الفيلم». لكن، لكلّ شيء ثمنه. فالمعدّات كلّها التي تُستخدم تكون مستأجرة، كما أن الـ«بنتاغون» يشترط، خصوصاً، منحه حقّ الاطلاع على السيناريو. ويبرّر فينس أوغلفي، مساعد ستراب، ذلك بالقول: «نريد أن يؤدّي الممثلون أدوار العسكريين بالشكل الذي نريد لهم أن يتصرّفوا فيه». ومن غير الوارد إطلاقاً أن يتعاون الـ«بنتاغون» مع فيلم يُظهر مدرِّباً عسكرياً عنيفاً، كما حصل في فيلم «سترة معدنية كاملة» (1987) لستانلي كيوبريك، أو يُبرز جندياً متهوّراً كما حصل في فيلم «ذي هيرت لوكر» (2008) لبيغولو نفسها، الذي حصد ست جوائز «أوسكار» في الدورة الـ82 في العام 2010، منها أفضل فيلم وأفضل إخراج (عن فرقة نزع الألغام في العراق أثناء الاحتلال الأميركي).