2012/07/04
أنا ضد التشاؤم والأقاويل التي تهدد بانحدار الدراما. طالما أنه يمكن أن نحمل التلفزيون رسائل، فلماذا لا تكون هذه الرسائل مفيدة وفاعلة ومؤثرة بالمجتمع. كل الأعمال اخترتها بإرادتي... ودائماً أخرج بشيء إيجابي. أعلن وأقول أنني عبر مشروع "قلوب صغيرة" لأول مرة أشعر أنني لست سعيدة فقط، بل أنني أقدم شيء هام في حياتي، وكأنني موجودة كي أقوله وأعمله. خاص_ بوسطة علي أحمد كثيرة هي الأعمال الدرامية التي شاركت فيها الفنانة يارا صبري، لعبت العديد من الشخصيات والكراكترات، وأمتعت المشاهدين بأدائها العفوي وخفة ظلها. ويارا لم تتوقف عند عملها في التمثيل، فقد دخلت عالم الكتابة، لتخرج هذه الموهبة إلى حيزالنور. بعد أن ظلت سنين تداعب خيالها أفكار ومواضيع عديدة، شاهدَتها أو عاشَتها في حياتها. يارا تتحدث في هذا اللقاء عن تجربتها في الكتابة ومشروعها الدرامي الجديد. انتهيت منذ فترة من تصوير مسلسل قلوب صغيرة مع المخرج عمار رضوان، ما هي خصوصية هذا التجربة؟ قلوب صغيرة عمل اجتماعي يمتاز بجمع أكثر من مشكلة اجتماعية تطرح لأول مرة في الدراما التلفزيونية. مع أنها طرحت من قبل لكن بخيوط بسيطة وليست كمحاور رئيسية. وقد كان لديّ إحساس أنني في الفترة الأخيرة لا أقدم ما يعبر عني، وفن التمثيل هو تابع، ويضطر الممثل للاختيار من ضمن النصوص التي تعرض عليه، فلا يكون له الدور في طرح فكرة ما، إلا أذا شارك في كتابة فكرة ما أو عمل درامي، إلى أن جاءت فكرة المشاركة في تأليف هذا العمل "قلوب صغيرة" بعد التقيت بالكاتبة ريم فليحان والتقت رغباتنا في الحديث عن مشكلات تواجهنا، والتي لدى ريم باع طويل فيها وكان لديً رغبة الحديث عنها، وقد وجدت أن في "قلوب صغيرة" بداية لمشروعي الفني. وريم ليس لديها خبرة في كتابة النصوص التلفزيونية، فهذه تجربتها الأولى، ومن خلال خبرتي في الدراما، جاء تعاوننا على توظيف أفكارها في عمل درامي وبمساعدتي. من صاحب المشروع؟ الفكرة بدأت بكلام بيننا حول الحياة والمجتمع، فاقترحت عليها أن نوسع الدائرة، وكون التلفزيون بات وسلية هامة تدخل كل البيوت، ولم يعد يقدم أعمال للتسلية والمتعة فقط، فهو يحمل رسائل شئنا أم أبينا، بالإضافة إلى أن الدراما التلفزيونية حلت محل السينما، وأنا لست سعيدة بذلك، فمن المهم أن يكون لدينا سينما. وطالما أنه يمكن أن نحمل التلفزيون رسائل، فلماذا لا تكون هذه الرسائل مفيدة وفاعلة ومؤثرة بالمجتمع، من هذا المنطلق قررنا التوسع ضمن هذه الدائرة، ونتيح لأكبر شريحة في المجتمع العربي مشاهدة هذه المشاكل، فهي ليست محصورة في بلد معين، بل هي مشاكل عامة، ويعاني منها ليس فقط الوطن العربي بل كل العالم، طبعاً بنسب متفاوتة، والنسبة لدينا كعالم ثالث أعلى بسبب الزيادة في التقصير. وكانت فكرة العمل، التي ربما تكون أفضل من أي ندوة محاضرة يمكن أن تلقى أمام جمهور قليل من المثقفين، فنحن نتوسع ونخاطب شريحة كبيرة من الناس. ما هو دورك في كتابة السيناريو وكيف تم بناء الشخصيات؟ التعاون الدرامي يحتمل الإضافة والحذف، فكما يمكن أن نستغني عن شخصيات لا تخدم عملنا فيمكن أن نقترح شخصيات جديدة تضاف للعمل، وعملي في السيناريو تركز أكثر على المعالجة، فالشخصيات كانت حاضرة عند ريما مسبقاً، وحاولت أنسنتها بحيث لا يكون فيها جانب تقريري أو كأنها تقدم في محاضرة، أو نقدم فكرة بصورة جامدة، كي يتقبلها المشاهدين. هل غيرت في شخصيتك؟ تدخلت في الجانب الدرامي للشخصية، بالإضافة إلى الجانب النفسي لشخصية سلام. كأنك تبنين أمال كبيرة على هذه التجربة؟ نعم هي بداية الطريق بالنسبة لي، بأن نقدم أعمال مجدية فنياً، فلديّ رغبة في طرح مواضيع اجتماعية، والمشروع قائم بيننا، فهناك عمل جديد، وهو تأليف مشترك بيننا. وما طبيعة هذا المشروع؟ مسلسل تلفزيوني يطرح قضايا ومشاكل في المجتمع، ويختلف قليلاً عما نطرحه في قلوب صغيرة، فهو يدخل في تفاصيل حياتنا التي قد لا ننتبه لها، فنحاول التطرق لها بأسلوب ناعم وبسيط. تتحدثين عن مشروع جديد، مع أن الكثير من مشاركاتك الدرامية كانت تتناول مشاكل وقضايا اجتماعية؟ نعم هذا صحيح وأغالب خياراتي كانت ميالة لهذا الخط، مع ذلك كان لديّ عطش بأن أقول أكثر مما قيل، وحقيقة لا أعرف إذا ما كنت هذه التجربة سوف تحقق هذا الصدى عند الناس، وهذا ما نسعى إليه. لكنني أعلن وأقول أنني لأول مرة أشعر أنني لست سعيدة فقط، بل أنني أقدم شيء هام في حياتي، وكأنني موجودة كي أقوله وأعمله. فهذا هو العمل الذي يرضيني كطرح، رغم كل قساوته، لكنه جاء الوقت كي نقدم جرعة ثقيلة من القسوة التي نحتاجها، فهو يبين مدى علاقتنا وترابطنا وإحساسنا وتأثرنا ببعضنا، فعندما يشاهد أي واحد منا مشكلة أمامه لا يكفي أن يقول الله يساعدهم، بل يكون عنده الحافز في فعل شيء ما، مهما كان صغيراً، فلا يسكت عن الخطأ ويشارك في حل المشاكل. ماذا لو لم يحقق هذا المشروع النجاح؟ مبدئياً مستمرين بالمشروع، فقد وجدت أن المجدي أن يخلق المرء فرصته الخاصة، والتي تزداد فيها مسؤوليته تجاه المشروع وبنفس يعطيه الحافز على تقديم الأفضل، لذلك عليه أن يسعى وراءها وينجزها، فإذا لم يحاول خلقها فلن يأتي من يخلقها له، لذلك سأبقى أحاول وأحاول.. فحتى لو نجحنا فإننا سنبحث عن ظرف أفضل، إلا إذا حصلت حالة خاصة خارجة عن إرادتي تجعلني أقف. اليوم بعد العديد من التجارب الدرامية هل بات لديك اعتراض على العمل مع بعض المخرجين؟ هذا يرتبط بوجود عدة خيارات أمامي، فاليوم بعد مشاركاتي الدرامية المختلفة، أصبحت لديّ قناعة أن هناك مخرجين لا أستطيع أن تقدم لهم جديد، وهم لا يستطيعون أن يضيفوا لك أي جديد، وتكون النتيجة "مكانك راوح"... وكي أكون موضوعية في حديثي فالمسألة ترتبط بحاجتي إلى المال أم لا.. وكيف ذلك؟ عندما لا يكون أمامي خيارات للعمل، وأكون مضطرة كثيراً للمال، فيمكن أن أشارك في هذا العمل محاولةً الخروج بأقل الخسائر.. وهل تضطرين كثيراً للرضوخ لهذه الحالة؟ الحمد الله أننا لم نعد مضطرين لذلك، فدائماً يوجد عروض جيدة تطرح دوماً، حتى لو كان عمل وحيد في السنة، لكن على الأقل لا أضطر للتنازل إلى هذه الدرجة.. وضمن مشاركاتك هل مررت بتجارب رضخت فيها للشرط المادي؟ منذ بداية عملي في التمثيل وأنا محصنة بعائلتي من خلال والدي ووالدتي، ولم أضطر كثيراً لعمل ما للحصول على المال، ولاحقاً بعد زواجي من الممثل ماهر صليبي الذي لديه مشاريعه وأعماله لم نكن مضطرين للعمل من أجل المال.. هل ندمت على تجربة ما؟ أحياناً تتكون لديّ فكرة سطحية أو موقف عن أحد المخرجين، فأقول في داخلي علي أن أجرب العمل معه، وبعد التجربة أندم، وأقول ليتني لم أفعل.. لكن حتى هذه النوعية من المشاركات تبقى لها أهميتها وفائدتها.. أهميتها وفائدتها بماذا؟ لأن كل تجربة تقدم يكون فائدة بالنسبة لي فعلى الأقل أكون قد اكتشفت ما أجهله، وتمنيت لو أنني لم أعمل بهذا العمل، لكن أن أقبل أعادة التجربة مرة أخرى فهنا تكون المشكلة.... إذاً ندمك لا يكون كبيراً؟ لست نادمة بالمعنى الكامل للكلمة، لأنني لم أجبر على أي تجربة، فكل الأعمال اخترتها بإرادتي وهذا يعني بأن خطواتي مدروسة وأعرف ما أريده من كل عمل... ودائماً أخرج بشيء إيجابي، وبعدها لدي الحرية في إعادة التجربة أو لا. هناك من يقول أن الدراما السورية في حالة انحدار؟ علينا أن نكون متفائلين، فأنا ضد التشاؤم والأقاويل التي تهدد بانحدار الدراما... فكما يكون لدينا الجيد هناك أيضاً السيئ.. وبما أننا في مرحلة جديدة فمن الطبيعي أن يرافق ذلك حالة من التخبط، لأن الشباب غير قادرين على الإمساك بأسلوب محدد في العمل ، لكن أعود وأقول أنه من الضروري أن نقدم الدعم لبعضنا. المهم في هذه المرحلة الابتعاد عن التشاؤم وتقديم الدعم لبعضنا وإعطاء الفرص للوجوه الجديدة حتى لا نقع في مطب التكرار الذي وقع فيه الأشقاء المصريين، فتكون تجاربنا فيها النجاح والفشل معاً.... ألا تعتقدين أن الوجوه الشابة الجديدة قد أخذن أدواركن؟ لا يوجد أحد يأخذ دور أحد، فمهنتنا مثل أي مهنة فيها تعدد في الأجيال، وشخصياً لا أقبل أن أمثل دور طالبة في الثانوية العامة، فهذا لا يتوافق مع شكلي وداخلي، فهناك ممثلات صغيرات يناسبن هذه الأدوار والشخصيات ومن حقهن أن يعملون في عمرهن.. وهل أخذت فرصتك؟ لقد أخذت فرصتي ومثلت مرحلة الصبا فترة طويلة، والآن ألعب الأدوار التي تناسبني وأرفض ما لا يناسبني من حيث الكبر والصغر.. وليس لديّ مشكلة أن أمثل شخصية أكبر مني... أما فكرة أن يأخذ أحد مكان أحد ما فهذا غير منطقي، والمسألة ببساطة أن هناك عمر معين وعلى الممثل أن يستغله إلى أقصى حد ممكن ويعطي فيه، وعندما يتقدم الممثل في العمر فهو قادر على العطاء أيضاً في هذا العمر، والفن لا ينتهي عند عمر معين.. من الممكن أن هذه المرحلة العمرية أقل فرصاً من غيرها، حيث يركز الكتاب غالباً للأصغر عمراً.. لا أستطيع أن أخفي أن المرحلة المتوسطة من العمر يصعب الكتابة عنها في الدراما، حيث يكتب للأم الكبيرة أو للصبية الصغيرة وهذا تقصير من الكتاب.. كيف تعيش يارا صبري بعيداً عن الشاشة الصغيرة والتمثيل؟ **حياة طبيعية وعادية ككل البشر، أمنح الكثير من وقتي لأبنائي وألعب معهم وأرعاهم، وما تبقى من وقتي أقضيه في قراءة الروايات أو مشاهدة التلفاز وأحياناً أكتب، ولي محاولات في مجال السيناريو والقصة، وحين يكون زوجي ماهر صليبي منهمك بالإعداد لعرض مسرحية ما أو في أداء دور في مسلسل فإنني أول من أقرأ أعماله، وأول من تبدي انطباعاتها حولها، وغالباً ما تكون ملاحظاتي دقيقة ولمصلحة نجاح العمل الدرامي.. شكراً يارا